قراءة في رواية : الاوسلاندر استنطاق السقوط.. ابتكار النهاية

أحمد العربي

خالد ابراهيم روائي سوري كردي من احدى قرى مدينة عامودا السورية. شارك بنشاط الثورة السورية التي حصلت في ربيع ٢٠١١م. وبعد ذلك غادر مثل كثير من السوريين تحت ضغط وظلم النظام المجرم الساقط واذنابه من ال ب ي د والب ك ك إلى أوروبا واستقر في ألمانيا بعد تنقله في دول أوروبية عدة.

كتب خالد إبراهيم روايتين سابقتين هما: الاوسلاندر: تشريع الغربة.. اختبار الفقد. و اسئلة الدم والندم . وكتبت عنهما.

الاوسلاندر : استنطاق السقوط.. ابتكار النهاية رواية خالد ابراهيم الجديدة التي تعتبر الجزء الثاني من رواية الاوسلاندر: تشريع الغربة.. اختبار الفقد. تتابع سيرة شفان الشاب الكردي الذي غادر سورية بعد الثورة عام ٢٠١١م واستقر في مدينة دورتموند الألمانية التي عاش وعمل فيها متنقلا بين بيوت متعددة استأجرها لوحده أو مع أصدقاء آخرين لاجئين مثله حيث تعني كلمة اوسلاندر لاجئ بالألمانية.

تكاد تكون الرواية حوار داخلي نفسي عند شفان الذي ينقل لنا بكل حميمية ما عاشه واصدقاؤه من معاناة وظروف قاسية وصعبة في ألمانيا.

كانت حياة الاوسلاندر اللاجئ بحدّ ذاتها فيها إحساس بالمهانة وان هذا الانسان قد لفظه وطنه أو اضطّهده وظلمه، وهرب ناجيا بروحه، لكنّ ما عاناه لن يغادره أبدا.

يضعنا شفان بصورة عيش اللاجئ وخاصة تلك الأسر التي تغيرت من تأثير الغربة وتغير قوانين البلاد وخاصة تلك التي كانت قد بنيت على أسس فاشلة في بلادها حيث سرعان ما تستفيد من القوانين الالمانية وتعمل للانفصال.

هذا الزوج يحبّ ويبني علاقة جنسية خارج مؤسسة الزوجية وتنتقم منه زوجته وتنفصل عنه وتستحوذ على الأولاد وعلى المعونة المالية لهم. وتلك تؤلب اطفالها على والدهم ويتهمونه بالتحرش بابنته ويحاكم ويسجن لسنوات. وذاك يبني علاقة خارج مؤسسة الزوجية مؤسسا لتدمير أسرته..  وهكذا.

 لا ينجوا من الضياع الاسري الا ما ندر.

شفان تزوج في ألمانيا مرتين وأنجب خمس اطفال من الزوجتين. وانتهى بعد ذلك وحيدا يلوك غربته وضياعه. لقد ترك حياته الزوجية ليقيم علاقة مع امرأة فخسر أسرته وبعد ذلك استهلكته تلك المرأة وتخلت عنه.

شخصيات الرواية اللاجئين شفان واصدقاءه كلهم منكوبين بحياتهم الشخصية والعائلية. سجن شفان لسنتين ونصف بسبب امرأة اتهمته بالسرقة وشتمته فغضب وضربها فسجن لسنوات… وغير ذلك بقية اصدقائه.

استمرت حياة شفان بين انتظار خروجه من السجن وكذلك صديق له وعودة التواصل مع أصدقائه الذين وهبتهم له الغربة واللجوء.

تستمر الرواية زمنيا حتى عام ٢٠٢٦م. ويستمر شفان واصدقاؤه يأخذون المعونة الاجتماعية ويعملون في أحد المصانع. ويجتمعون في بيت شفان الذي استأجره ليسكن فيه بعد أن عانى واصدقاؤه من حياة الكمب الذي هو تجمع للدولة يسكنه اللاجئون والغرباء والمشردون.

يعيدون شفان واصدقاؤه تشرب آلامهم وغربتهم وذكرياتهم ومعاناتهم مما عاشوا في بلدانهم وبين أهلهم في أوطانهم كذلك معاناتهم حيث يعيشون.

يفاجئنا الكاتب بحضور البؤس النفسي والحياتي، درجة اليأس والقنوط واللاجدوى وفقدان المعنى. في حياة هؤلاء اللاجئين شفان واصدقاؤه.

شفان منهمك في كتابة رواية اسمها الحي الميت ، عنوانها يكفي ايحاء عمّا يعيش هو زمن حوله.

مع ذلك للحياة هداياها التي تعطيها للبشر. حيث تعرف شفان عن طريق صديق له على اماني الطبيبة التي ساعدته في علاجه. والتي كانت علاجه النفسي وحصل بينهما حب كاد أن يتوج بزواج. وشرع كتابة رواية تحمل اسم اماني تعكس بعضا من فرحه وامله من هذا الحب وهذه العلاقة.

لكن القدر كان اقسى على شفان واصدقاؤه فقد انفجر معمل الغاز الذي كانوا يعملون به في ظروف قاسية جدا. وكانوا من المصابين وتم تهريبهم لعلاجهم لا نعلم اين ولا نعلم مصيرهم. وعادت اماني بعد تفجر المعمل واندلاع الحريق به وذهاب شفان الى غير رجعة. عادت لوحدتها تستعيد ايامها الجميلة مع شفان وأنها كانت تريد ان تطلب الزواج منه.

تنتهي الرواية ببعض فصول رواية شفان الحي الميت التي يعود بها إلى بلده في الشمال السوري والى قضيته الكردية وان الاكراد كانوا ضحايا انظمة استبدادية في سورية والعراق وإيران و…الخ.  وأنهم حرموا من تداول لغتهم وشؤونهم الثقافية …

في التعقيب على الرواية اقول:

لقد كان الغوص في العوالم الذاتية لشفان بطل الرواية فائضا و زائدا ومكررا في كثير من الأحيان. لقد كان الغوص في المشاعر النفسية السلبية كبيرا وعلى حساب معرفتنا كقرّاء بحقيقة ما عاشه شفان وبقية اصدقائه. فمثلا شفان تزوج مرتين وكان لديه من الزوجتين خمسة أولاد… نكاد لا نعرف عن ذلك غير هذه المعلومة. بينما هناك عشرات الصفحات في الرواية تغوص في معاناة شفان وأصحابه مصحوبة مع أحاديث عادية مع السجائر والشاي ووقت يمضي طويلا ومؤلما…

بكل الأحوال:

ننتظر عند قراءتنا لرواية عن الغربة أن تعرّيها بكل معطياتها والرواية لم تقصر بذلك.

وكذلك بالعودة الى اوطان اللاجئين ولو بذاكرتهم لتقول معاناتهم ولماذا ثاروا مع شعوبهم ضد الاستبداد والظلم…

اخيرا:

انتصرت ثورتنا في سورية اليوم و استردينا حريتنا وكرامتنا ونعمل لنحقق العدالة الاجتماعية ونصنع المواطنة المتساوية في دولتنا الديمقراطية ونبني حياتنا الافضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى