كثّف الجيش التركي من هجماته ضد مواقع قوات النظام السوري، وأسقط 3 مقاتلات له واستطاع خلال الـ48 ساعة الماضية، إحداث فارق نوعي في معارك إدلب عن طريق هجمات الطائرات المسيرة، التي تركّزت ضرباتها على مراكز القيادة والمطارات والوحدات المدفعية والصاروخية، ما أفسح المجال أمام فصائل المعارضة السورية المسلحة من استعادة زمام المبادرة والسيطرة على تسع قرى جديدة في ريفي إدلب وحماة، غداة إطلاق المعركة في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب وسهل الغاب في حماة، لتنضم هذه القرى إلى 23 منطقة أخرى استرجعتها قوات الجيش الوطني في إدلب وحماة خلال الأيام الفائتة بإسناد تركي جوي وبري.
وأفادت مصادر عسكرية من الجبهة الوطنية للتحرير المدعومة من أنقرة، لـ»القدس العربي، أن الفصائل سيطرت على قرى العنكاوي والقاهرة والمنصورة وتل زجرم وقليدين في سهل الغاب في ريف حماة، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام.
كما قال المتحدث العسكري باسم الجبهة الوطنية النقيب ناجي مصطفى، لـ«القدس العربي» ان «الجيش الوطني السوري حرر بلدتي سفوهن و الفطيرة في ريف إدلب الجنوبي، وقتل وجرح العشرات من قوات النظام داخلهما كما غنم عربتي نقل جنود».
«درع الربيع»
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الأحد، أن بلاده بدأت عملية «درع الربيع» ضد قوات النظام السوري في محافظة إدلب، عقب استهداف القوات التركية يوم الخميس الماضي، وأوضح أكار، في تصريحات للصحافيين من ولاية هطاي جنوب تركيا، أن العملية العسكرية مؤكداً «تحييد 2212 عنصراً، وتدمير طائرة مسيرة، و8 مروحيات، و103 دبابات، و72 من المدافع وراجمات الصواريخ، و3 أنظمة دفاع جوي».
وعبر عن عدم رغبة بلاده في التصادم مع روسيا، وقال «هدفنا هو إنهاء مجازر النظام ووضع حد للتطرف والهجرة»، مبرزاً أن بلاده تنتظر من روسيا «استخدام نفوذها لوقف هجمات النظام وإجباره على الانسحاب إلى حدود اتفاقية سوتشي»، معتبراً ان الرد التركي مشروع حيث قال «لا يساور أحد الشك أننا سنرد ضمن حق الدفاع المشروع على كافة الهجمات ضد نقاط المراقبة والوحدات التركية في إدلب»، لافتاً الى ان الهدف التركي الوحيد في إدلب، عناصر النظام السوري المعتدية على قواتنا المسلحة، وذلك في إطار الدفاع المشروع عن النفس».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس الأحد، إسقاط مقاتلتين للنظام السوري من طراز «سوخوي 24» إثر مهاجمتهما مقاتلات تركية، وأوضحت الدفاع التركية في بيانها أن قواتها دمرت 3 منظومات دفاع جوي للنظام السوري، بينها واحدة تسببت في سقوط طائرة تركية مسيرة في إدلب،
اسقاط القوات التركية مقاتلتي النظام السوري، جاء كرد سريع بعدما أسقط الأخير طائرة تركية مسيرة، من طراز «أنكا» بصاروخ حراري، ما أدى إلى سقوطها في المنطقة الواقعة بين مدينتي إدلب وسراقب.
وقالت وكالة النظام الرسمية «سانا» ان وحدات الجيش العربي السوري أسقطت الأحد 3 طائرات مسيرة «للنظام التركي خلال عملياتها ضد التنظيمات الإرهابية على محور سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي» كما اعلنت «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة» إغلاق المجال الجوي لرحلات الطائرات ولأي طائرات مسيرة فوق المنطقة الشمالية الغربية من سورية، وبخاصة فوق محافظة إدلب/ مؤكدة أنه سيتم التعامل مع أي طيران يخترق المجال الجوي على أنه طيران معاد يجب إسقاطه ومنعه من تحقيق أهدافه.
خسائر النظام
وأدت العمليات العسكرية التركية إلى تدمير الكثير من المواقع المهمة للنظام السوري، كمدارج طائرات، ومستودعات ذخيرة، وأنظمة دفاع جوي، وحظائر طائرات، ومنشأة كيميائية عسكرية، حسب ما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي هذا الصدد يقول الخبير السياسي محمد سرمنيني إن الجيش التركي تمكن من تدمير مطار كويرس في ريف حلب وأخرجه عن العمل، بعد الإغارة عليه عن طريق طائرات «بيرقدار». وتأتي أهمية المطار من أن طائرات «ل ا م 39» التي تنطلق منه تؤدي دوراً مهماً في استهداف خطوط إمداد المعارضة، كما أدت الغارات الجوية على مطار حماة العسكري لتدمير وعطب 5 مروحيات تتبع للنظام السوري.
وتشير المعلومات المتداولة داخل أوساط النظام السوري الى أنّ حصيلة الغارات التركية باستخدام طائرة «بيرقدار» بلغت أكثر من 100 قتيل في 28 شباط/ فبراير الجاري، حيث شهد هذا اليوم غارات على غرفة العمليات في مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، واجتماعاً لضباط النظام السوري قرب منطقة «خان طومان» غرب حلب، مما أدى لمقتل ضابط برتبة لواء وضابطين برتبة عميد، كما شملت الهجمات مواقع تصنيع البراميل المتفجرة التي تستخدمها الطائرات المروحية السورية في الهجمات ضد المدنيين، والتي يتم تصنيعها قرب مركز البحوث العلمية في ريف حلب.
الإحصائيات أيضاً تشير بحسب الخبير السياسي لـ«القدس العربي» الى تدمير الطيران المسير التركي لقرابة 12 دبابة وأكثر من عشرين آلية متنوعة خلال اليومين الماضيين، بالإضافة إلى إعاقة حركة قوات النظام السوري على طرقات الإمداد الرئيسية، حيث تركزت الضربات على طريق دمشق – حلب الدولي، في المنطقة الواصلة بين ريف معرة النعمان وريف مدينة سراقب.
ويُعتقد أنّ الضربات الجوية التي ينفذها الطيران المسير التركي، هي تمهيد لعمليات توغل برية ستقوم بها قوات المعارضة السورية، وذلك بعد استنزاف واسع للوسائط النارية والعنصر البشري الذي يستخدمه النظام السوري في منطقة العمليات شمال غربي إدلب، في سيناريو مشابه لما تم تنفيذه خلال معركة استعادة سراقب، حيث جرى تحييد الوحدات المدفعية والصاروخية والدبابات التابعة للنظام قبل البدء بالهجوم البري.
طائرة «بيرقدار»
وتُعدّ طائرة «بيرقدار» من الطائرات التكتيكية، بسبب قدرتها على التحليق على ارتفاع يصل إلى 8 كيلومترات، ولمدة 25 ساعة متواصلة، وقادرة على حمل ذخائر يصل وزنها إلى 150، ومزودة بكاميرا تبلغ دقتها 1.8 مليار بيكسل تستطيع رصد الأهداف ليلاً ونهاراً، وتزويد قاعدة الاتصال الأرضية بتلك المعلومات بشكل مستمر، مع إمكانية ضرب أهداف محددة بشكل فوري بسبب قدرتها على حمل الصواريخ.
ميدانياً، سيطرت فصائل المعارضة على أكثر من 25 منطقة في إدلب وحماة بإسناد جوي وبري تركي، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ان التقدمات المتواصلة التي حققتها الفصائل والمجموعات الجهادية بإسناد تركي براً وجواً، قد امتدت على قرى وبلدات «النيرب ومعارة عليا وسان وآفس والصالحية ومجيزر وترنبة وسراقب وشابور وجوباس وداديخ وكفربطيخ، وكنصفرة والموزرة وقوقفين وكفرعويد والحلوبة، والدقماق والزقوم وقليدين والقاهرة والعنكاوي والمنارة».
وفي سياق متصل، استمر القصف الجوي على كل من حلب وإدلب، حيث شنت طائرات النظام والروس الحربية غارات مكثفة على بلدات وقرى في جبل الزاوية وسهل الغاب، بالإضافة لبنش وسرمين وسراقب ومحيط مدينة إدلب المدينة، كما تستمر الاشتباكات بوتيرة عنيفة على محاور سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة، والفصائل ومجموعات جهادية من جهة أخرى، وسط تقدمات جديدة يحققها الأخير في هجمات تهدف لاستعادة السيطرة على ما خسره خلال الأيام الفائتة لصالح قوات النظام.
المصدر: القدس العربي