قراءة في كتاب : في ضيافة كتائب القذافي قصة اختطاف فريق الجزيرة في ليبيا.

أحمد العربي

أحمد فال بن الدين كاتب وروائي وصحفي استقصائي مجدّ ، موريتاني يعمل مع قناة الجزيرة منذ عقود.

قرأت له رواياته الحدقي والشيباني و دانشمند، كذلك كتابه الاستقصائي حجر الأرض الذي يوثق الانسحاب الامريكي من افغانستان عام ٢٠٢١م. وكتبت عنهم جميعا.

كتاب : “في ضيافة كتائب القذافي – قصة اختطاف فريق الجزيرة في ليبيا” الذي كتبه أحمد فال بن الدين يتحدث به عن إرساله وفريق من قبل قناة الجزيرة لمتابعة واقع الثورة الليبية في بداياتها بدء من مناطق الثوار و عبورا الى مناطق هيمنة القذافي. قبل سقوطه طبعا.

يبدأ الكاتب سرده في كتابه عن اختياره من ادارة قناة الجزيرة هو معه مصور وآخرين للذهاب الى ليبيا لمتابعة ثورتها التي حصلت استمرارا للربيع العربي الذي بدأ في تونس أواخر ٢٠١٠م وانتقل الى مصر واسقط رأسي النظامين بسرعة قياسية. ثم انتقل الربيع الى ليبيا الذي كان يحكمها القذافي منذ أكثر من اربعة عقود. وكان قد حولها الى جمهورية خوف وقمع ورعب. وبالطبع لم يتقبل القذافي تقديم أي إصلاحات ديمقراطية ووعد الشعب الليبي الذي ثار بالموت بكل الوسائل العسكرية.

بدأ الحراك الشعبي لربيع ليبيا في الشهر الثاني من عام ٢٠١١م. وسرعان ما عمّ ليبيا كلها. وكان رد فعل نظام القذافي وحشيا اعتمد القتل ومواجهة الشعب الثائر بالسلاح. مما دفع الثائرين الى الانتقال للعمل المسلح ايضا لمواجهة عنف القذافي وكتائبه المقاتلة.

أرادت قناة الجزيرة ان تتابع الحدث الليبي من الداخل ولذلك انتدبت الصحفي الاستقصائي لديها أحمد فال بن الدين ومعه مصور و آخرين كما ذكرنا سابقا. وكان توجههم بداية الى تونس التي انتصرت ثورتها. وقبلت أن تقدم الدعم والمساعدة لفريق الجزيرة. للدخول الى ليبيا بدء من المناطق المجاورة لتونس والتي كانت قد تحررت من سيطرة القذافي وكتائبه.

وبالفعل ذهب أحمد فال بن الدين وفريقه إلى تونس ووجد هناك من ينتظرهم ليساعدهم على الدخول إلى الداخل الليبي. كان مهما أن تقترن مهمته بالسرية وأن ينتقل بحذر ان استخبارات القذافي متواجدة بكثافة في الحدود التونسية الليبية.

دخل أحمد وفريقه الى ليبيا وتجولوا في البلدات التي تحررت وقدموا بعض التقارير الصحفية لقناة الجزيرة. وكان لا بد أن يتقدموا أكثر ليصلوا الى مناطق الاشتباكات المباشرة بين الثوار وكتائب القذافي. كانت الرحلة خطرة ومقترنة بالحذر الشديد. فقد وصلوا الى تلك المناطق وبثوا بعض المقاطع التي توثق الصراع مباشرة. اقترن ذلك بالمخاطرة بأن يقعوا في يد كتائب القذافي. فالمعارك هناك كانت بين كر وفر. وانتهى الأمر بهم أن وقعوا بيد كتائب القذافي.

كانت المعاملة قاسية وخاف أحمد وفريقه من احتمال تصفيتهم لكن كتائب القذافي تعاملت معهم على احتمال أن يكونوا استخبارات ولديهم مهام سرية ضد القذافي ونظامه. لذلك قاموا بالتحقيق مع احمد وفريقه. وكان جوابهم للمحققين جميعا هو ذاته. هو انهم فريق صحافي جاء لتغطية الأحداث لصالح قناة الجزيرة.

بالطبع قناة الجزيرة يعتبرها نظام القذافي عدوة تريد تخريب البلاد العربية وتعمل لصالح الأعداء أمريكا والغرب. مع ذلك كان قول الحق أسلم لأحمد وفريقه من أي ادعاء آخر لا يعرفون الى ماذا يوصلهم. لذلك استمر أحمد وفريقه على موقفهم حتى نهاية احتجازهم وإطلاق سراحهم.

كان مهما لدى أحمد وفريقه بعد احتجازه ان يعلم العالم باحتجازه لإحراج نظام القذافي وعدم قتلهم. وكان مهم للقناة أن لا تعلن عن احتجازهم حتى تجد وسيلة تدفع نظام القذافي الى إطلاق سراح فريقها. وهكذا بدأت رحلة التحقيق والتضييق على أحمد وفريقه من كتائب القذافي. وبدأت رحلة القناة للاطلاع على واقع احمد وفريقه والاطمئنان عليه ثم العمل لإطلاق سراحهم. استمر ذلك بحيث استطاع أحمد أن يستميل أحد محتجزيه للتواصل مع والدته يطمئنها عنه. ومن خلالها سيصل الخبر لقناة الجزيرة. وهكذا حصل. وكذلك عملت القناة على الضغط على نظام القذافي بداية انها لن تنشر ان فريها محتجز في ليبيا لدى كتائب القذافي. ثم عملت العكس بعدما تبين أن لا فائدة من اخفاء امر اعتقال فريق قناة الجزيرة في ليبيا. وتم إعلان ذلك في القناة. وبدأت حملة صحافية عالمية لدعم احمد وفريقه ليتم الافراج عنهم. كذلك تم استثمار كون موريتانيا مازالت علاقتها جيدة مع القذافي للضغط عليها للافراج عن احمد لكونه موريتاني الجنسية.

المهم لم تترك قناة الجزيرة أي وسيلة للافراج عن احمد وفريقه إلا وقامت بها. وهو بالمقابل استطاع ان يتواصل مع القناة وهو في الحجز. الى ان انتهى كل ذلك بالافراج عنه وعن فريقه تباعا بعدما قاسوا جميع انواع الرعب والخوف من احتمال تصفيتهم.

لقد تحرروا وعادوا الى بلادهم ومن ثم الى عملهم في قناة الجزيرة.

ثم انتصرت الثورة الليبية وكان لا بد من استصدار قرار أممي بحق نظام القذافي لإسقاطه بالقوة. وقتل في مجرور على يد الثوار الليبيين.

هذا هو مصير المستبدين القتلة. ولو بعد حين.

واننا في التعقيب نقول ان مهنة الصحافة الاستقصائية هي بعض من الجهاد. وقد يكون نتيجتها السجن أو الاصابة او الموت. وان الصحافي يقوم بعمله هذا بدور رسالي لتقديم الحقيقة للعالم واضعا حياته على المحك.

تحية لكل صحافي استقصائي فدائي في العالم.

 ايضا ان مصير الظالمين الى زوال ولو بعد حين هكذا كان مصير بن علي تونس وحسني مبارك مصر وعلي عبدالله صالح اليمن. وليس آخرهم المستبد المجرم الهارب بشار الأسد الذي أسقطه الشعب السوري وثورته بعد ثلاثة عشر عاما اذاق الشعب السوري اسوأ حال. قتل واعتقال وتشريد ودمار…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كتاب “في ضيافة كتائب القذافي” -قصة اختطاف فريق الجزيرة في ليبيا- للروائي والصحفي الموريتاني “أحمد فال بن الدين” قراءة جميلة وتعقيب من الكاتب ” احمد العربي” الرواي تتحدث عن إرسال فريق من قبل قناة الجزيرة من بينه الكاتب لمتابعة واقع الثورة الليبية في بداياتها بدء من مناطق الثوار و عبورا الى مناطق هيمنة القذافي. قبل سقوطه طبعا.

زر الذهاب إلى الأعلى