بعد سقوط النظام البائد ، وهروب رأس النظام وتركه كافة مؤسسات الدولة في حالة انهيار تام في كافة بنى ومؤسسات الدولة ، أعقبه فرح عارم من كافة أطياف الشعب السوري ، فرح ونشوة في زوال نظام الاستبداد الذي داس على أعناق الشعب السوري لعقود طويلة ..
بعد انطلاق هذه الأفراح في كل أرجاء الوطن السوري ، بدأت تعتمل في نفوس الناس المقولة الشعبية ” راحت السكرة واجت الفكرة ” .. أي وماذا بعد ؟؟
سؤال يتردد على ألسنة الناس .. بعد توقف دوران عجلة الإنتاج ، وتوقف مؤسسات الدولة عن العمل ، وتوقف دفع الرواتب للموظفين ، وجمود الأسواق ، والمصانع وورشات العمل الصناعية .. فالسوريون بعد أربعة عشر عاماً من الحرب والاحتراب ، ونهب النظام البائد لمقدرات البلد ، لم يعد لديهم مدخرات أو بقايا مدخرات ، وقد استنفذوها على مدىٰ أعوام الأزمة السورية ..
الفرح بعد سقوط النظام لا يغطي على الواقع ، إذا استمر الواقع المأساوي للشعب السوري .. ، وهذا يتطلب إجراءات اقتصادية فورية ، وبالتأكيد تحتاج الأسواق للنشاط ودوران الإنتاج لسيولة نقدية أصبحت شحيحة جداً في جيوب المواطنين ..
إن استمرار هذا الوضع – بالرغم من تفاؤل الناس وصبرهم – لكن في المحصلة ” للصبر حدود ” .. وإلا سنكون مع المعاناة وضيق اليد وانسداد أفق الحياة المعيشية أمام – لا سمح الله – ” انتفاضة الجياع ” مع هذا الاختلال بالأوضاع المعيشية والركود الكبير في الأوضاع الاقتصادية … مما يتطلب أيضاً السعي الجدي إلى تعيين محافظين من أبناء كل محافظة العارفين بخريطة احتياجات ومتطلبات المحافظة وتضاريس النشاطات والأعمال ، والتحديات والفرص المتاحة للمدينة من أجل دراسة هذه الاحتياجات ووضع الأولويات والبدء الفوري في خطط تنموية ضمن إطار خطة مركزية عامة شاملة تنعكس على أداء جميع المحافظات ، بما يدفع بعجلة الإنتاج وتوفير فرص العمل للتقليل من العدد الضخم للعاطلين عن العمل خاصة من أصحاب الشهادات وأصحاب المهن ودعمهم وتحفيزهم بما ينعكس إيجابياً على دورهم وأدائهم .. إن مهمات المرحلة صعبة جداً .. ولكن الأولوية يجب أن تتركز على الاهتمام العاجل بما يعانيه المواطنين وتوفير الحياة الحرة الكريمة لهم ..
صحيح من الأهمية بمكان بالنسبة لإدارة الحكم الجديد استقبال الوفود العربية والدولية وتبادل المواقف من أجل انتقال سورية إلى الاستقرار .. لكن هذه المقابلات لا تسد جوع وعوز المواطنين إلا بالاستقرار في أعمالهم ، وانتظام دفع رواتبهم بعد إجراء التعديل بالزيادة عليها ، كما أن المساعدات الغذائية الموعودة لهم سواء التي وصلت أم لم تصل لا تصنع إلا فارقاً جزئياً مؤقتاً ” فالاصل كما يقول المثل ” علمني الصيد ولا تعطيني سمكاً ” ذلك هو الذي يؤدي إلى إصلاح مستدام وإلى نهوض وتقدم لبلدنا الغالي .