رغم مرور الثلث الأول من أيلول/سبتمبر، إلا أن أعضاء الائتلاف السوري المعارض لم يتلقوا رواتبهم حتى الآن، الأمر الذي أثار قلق الكثير منهم وانعكس على جدول أعمال الهيئة السياسية التي انعقدت الخميس في إسطنبول.
وبينما كان منتظراً أن تناقش الهيئة بعض المواضيع المعلّقة منذ أسبوعين، وتم تأجيلها إلى حين عودة رئيس الائتلاف سالم المسلط إلى إسطنبول، فإن التوتر الذي يخيم على المؤسسة بسبب تأخر صرف الرواتب فرض نفسه على الاجتماع ودفع الى عدم طرح المواضيع الخلافية.
وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي يتأخر فيها وصول الرواتب للمؤسسة، حيث تسلم أعضاء الائتلاف مخصصاتهم المالية في 20 آب/أغسطس، بعد أن كانت تُصرف مطلع كل شهر. ورغم أن مصاريف الائتلاف ورواتب أعضائه تُدفع كهبة من دولة قطر، إلا أنها تمر عبر الأقنية التركية الرسمية.
وبينما لم يظهر أي جديد في التعامل القطري مع هذا الملف، إلا أن إعلان تركيا عن توجهات جديدة لها حيال الملف السوري، وإبدائها الاستعداد لتطبيع العلاقات مع النظام، أثار مخاوف داخل المؤسسة من أن يكون ذلك رسالة للمعارضة بتغير التعاطي التركي معها.
ومنذ أكثر من شهر بدأ المسؤولون الأتراك، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو وآخرون، بإطلاق تصريحات تدعو للتصالح مع النظام السوري “من أجل مكافحة الإرهاب”، والتوصل الى اتفاق بين المعارضة والنظام “للحفاظ على وحدة سوريا تحت سلطة مركزية قوية تقطع الطريق على مؤامرة تستهدف تقسيم البلاد”.
ورغم أن رئيس الائتلاف وأعضاء فيه لم يُظهروا خلال تصريحاتهم التي علقت على الموقف التركي الجديد أي صدام معه، إلا أن مصادر في المعارضة السورية أكدت ل”المدن”، أن أنقرة غير راضية عن أداء المؤسسة ورئيسها سالم المسلط على وجه التحديد.
وتقول المصادر إن “أكثر ما أثار حفيظة بعض المسؤولين الأتراك بهذا الخصوص كان خروج المسلط بتسجيل صوتي في 22 آب، نفى فيه تصريحات أدلى بها قبل يوم واحد لصحيفة يني شفق التركية واتهمها فيه بتحريف أقواله”.
وكانت الصحيفة قد نقلت عن رئيس الائتلاف قوله إن المعارضة تقبل بحكومة تشاركية في سوريا، من دون أن يتطرق إلى هيئة الحكم الانتقالي التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن بخصوص سوريا، كما اتهم الحراك الثوري الذي خرج بمظاهرات احتجاجية ضد التصريحات التركية بالتحريض، الأمر الذي أثار غضباً شعبياً واسعاً ضده.
وحسب المصادر نفسها، فإن الحكومة التركية ترى أن الإئتلاف فشل في إقناع الرأي العام السوري المعارض بالمقاربة الجديدة لأنقرة حيال الملف السوري، كما ظهر واضحاً عدم وجود حاضنة قوية له، ما جعلها تتساءل وبقوة عن مدى نجاعة الاستمرار في الاعتماد عليه بهذا الخصوص.
ورغم تفاوت التقديرات حول مستوى التغيير في الموقف التركي من مؤسسات المعارضة السورية مؤخراً، إلا أن هناك ما يشبه الاجماع على أن التغيير بات ملموساً، إلى درجة دفعت الائتلاف إلى نشر خبر على موقعه الرسمي قبل أيام، تحدث فيه عن افتتاح مكاتب جديدة له في ولايات تركية متعددة، ليتبين عدم صحة ذلك.
الخبر الذي جاء بعد يومين من نشر وسائل إعلام تقارير تتحدث عن طلب تركيا من الائتلاف الاستعداد لمغادرة أراضيها، أشار إلى أن المؤسسة وسّعت من دائرة حضورها هناك مع افتتاح مكاتب وممثليات لها في أنقرة وغازي عنتاب وأورفا ومرسين، إلا أن مصادر من داخل الائتلاف نفت ل”المدن”، هذه المعلومات، وأكدت أن مكتبي أنقرة وأورفا ما زالا مغلقين بطلب من الحكومة التركية قبل أشهر.
يرى طيف واسع من المعارضين السوريين أن الائتلاف السوري يتعامل بتوتر وبطريقة رد الفعل غير المدروسة بسبب نقص المعلومات لديه في ما يخص السياسات التركية الجديدة، وأنه رغم محاولاته التأكيد على أن الأمور ما تزال تسير بشكل طبيعي، إلا أن الكثيرين من أعضائه وقياداته يتخوفون من انعكاسات تغير التوجهات التركية عليهم.
المصدر: المدن