تخطو مديريات التربية والتعليم في منطقة شمال غربي سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة، نحو استراتيجية جديدة في تسمية الرواتب مالياً للمدرسين الذين يتقاضون أجوراً شهرية، مع بدء العام الدراسي الجاري (2021 ـ 2022)، في حين ما يزال مصير آلاف المدرسين الخارجين عن قوائم المنح المالي مجهولاً، في وقتٍ تتطلع فيه الفئة الأخيرة إلى التحرك في ملف تأمين الرواتب الشهرية بعد نحو سنتين ونصف من الانقطاع.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم التابعة لـ”الحكومة المؤقتة” عن عدة توصيات خرجت عن ورشة مناصرة لتنظيم ودعم العملية التعليمية، وسمّت الرواتب الشهرية للمدرسين في مديريات التربية في محافظات “إدلب وحلب وحماة واللاذقية”.
وبحسب الجدول فإنّ الرواتب المقترحة ستكون 100 دولار أميركي لمؤهل ما دون الشهادة الثانوية، و110 دولارات لحامل الشهادة الثانوية العامة، و150 لمؤهل المعهد، و160 للإجازة الجامعية و170 للدبلوم و180 لحملة “الماجستير “.
وتمخّضت الاستراتيجية الجديدة لرواتب المدرسين عن ثلاثة اجتماعات بدأت من 31 تموز الماضي، وفي الرابع والخامس من أيلول الجاري، بمشاركة “المؤقتة” ومديريات التربية في إدلب وحلب، إضافةً إلى منظمات “برنامج مناهل وإيميسا وعطاء وحرّاس”، بتنسيق من “المنظمة التعليمية السورية” في وحدة تنسيق الدعم.
الحد من انتشار التفاوت بين رواتب المعلمين
وفي هذا السياق، يوضح عبد الله عبد السلام، المكلف بوزارة التربية في “الحكومة المؤقتة” في حديثٍ لموقع تلفزيون سوريا، أنّ الوزارة من خلال هذه الخطوة حاولت أن تلعب دوراً تنظيمياً لتنسيق الدعم بين المنظمات للقطاع التعليمي، ضمن ورشة مناصرة، للحدّ من انتشار التفاوت بين الرواتب الشهرية المقدمة من قبل المنظمات الداعمة للمدرسين العاملين في صفوف المديرية.
واعتبر “عبد السلام”، أنّ خطوة توحيد الرواتب بين عدد من المنظمات، ضمن الجدول المذكور، خطوة جريئة في طريق دعم المدرسين وتحسين رواتبهم ضمن خطّة منظمة.
متى يدخل القرار حيز التنفيذ؟
علاء الدين النجار، مدير برنامج التعليم في منظمة “عطاء” (إحدى المنظمات المشاركة في الورشة) يقول: إنّ “سلم الرواتب الجديد كان قريباً من السلم القديم، ويتراوح من 100 إلى 180 دولارا بحسب الشهادة العلمية ومراعياً المتطلبات على الأرض وبالتوافق مع مديريات التربية”.
ويوضح “النجّار” لموقع “تلفزيون سوريا، أنّ الحديث عن مسألة زيادة الرواتب الشهرية للمدرسين كان أمراً غير ممكن على اعتبار أنّ مشكلة المدرسين المتطوعين ما زالت قائمة، على أن يتمّ الحشد والمناصرة لزيادة الراتب بعد الانتهاء من قضية التطوع وتأمين رواتب شهرية للمدرسين.
وأشار إلى أنّ قرار السلم الجديد صدّقت عليه وزارة التربية، إلا أنّه سيدخل حيز التنفيذ بدءاً من المشاريع التعليمية المقبلة، أما الحالية لحين الانتهاء منها ستبقى أجور المدرسين على وضعها الحالي، في حين أنّ المشاريع التعليمية المقبلة يجب أن تأخذ في عين الاعتبار السلم الجديد وعلى أساسه تضع الرواتب.
ماذا عن المتطوعين؟
أفاد “النجّار” بأنّ الاستراتيجية الجديدة في سلم الرواتب الموضوع، يمكن أن يساهم في حل قضية “المدرسين المتطوعين” جزئياً، من خلال الاستفادة من الكتلة المالية المخصصة في تغطية مدارس إضافية بدلاً من زيادة أجور المدرسين، وبالتالي تزيد شريحة المدرسين الذين يتقاضون أجراً شهرياً وإن كان محدوداً.
ويوضح أنّ الأمر مرتبط بالداعمين بالدرجة الأولى، وكلما زاد الدعم على مشاريع تعليمية كانت هناك فسحة لتغطية مدرسين إضافيين بالرواتب الشهرية.
وتبلغ أعداد المدرسين المتطوعين في ريفي إدلب وحلب نحو 5400 مدرس متطوع من أصل نحو 20 ألفاً، لا يتقاضون أي رواتب أو منح منذ نحو سنتين، بحسب ما أحصت “الجهات التعليمية” المشاركة في الورشة.
محمود باشا مدير التعليم الأساسي في مديرية التربية في إدلب، أكد على أهمية التزام باقي المنظمات العاملة في القطاع التعليمي بالنظام الداخلي الجديد للرواتب ما يمكن أن يساهم في حل مشكلة التطوع جدياً.
وأضاف: “أن رواتب بعض المدرسين الذين يتقاضون رواتب من منظمات تعليمية تتجاوز الـ 200 دولار، وبحال طبق عليهم السلم الجديد يمكن أن يوفر مبالغ إضافية تذهب للمدرسين المتطوعين”.
كيف تلقّى المدرسون القرار؟
تتباين آراء المدرسين بين مرحّب بالقرار ومتحفّظ عليه، في حين أنّ جميع الآراء تدور حول تراجع الرواتب الشهرية، واعتبارها غير كافية للمدرّس في ظل الواقع المعيشي في المنطقة.
المدرّس أحمد حمدو حاج علي، يقول لموقع تلفزيون سوريا، إنّ “الخطوة تنظيمية من حيث المبدأ، لكن غير ملبية للطموح، إذ كنا على أمل أن ترتفع رواتبنا هذا العام، بناءً على وعود تلقيناها”، ويردف: “الراتب لا يكفي أجاراً شهرياً لمنزل سكني، ولا يلبي إلا متطلبات خجولة من الحياة المعيشية في المنطقة”.
ويوضح أنّ حالهم كمدرسين يتقاضون أجوراً وإن كانت منخفضة، أفضل من غيرهم من المدرسين المحرومين من الرواتب منذ سنتين.
بينما بلال الإبراهيم وهو مدرس تابع لـ”مناهل” أيضاً، يقول إنّ القرار جيد للبعض، لكنه جائر بحق حملة الشهادة الثانوية العامة، فراتب 110 دولارات قليل جداً بالقياس إلى المعهد.
وأوضح “الإبراهيم” في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنّ “المدرسين حاملي شهادة الثانوية العامة غالبيتهم يندرجون ضمن ما يعرف بـ”تثبيت وكلاء” ولديه خبرة لا تقل عن 15 عاماً في التعليم، ويقوم بعمله مثله مثل أي معلم آخر، أو معيّن باستثناء مثل حالة زوجة شهيد تكون غير خريجة وتنتظر التخرّج، وهي بحاجة للدولار الواحد من أجل معيشة أطفالها وعائلتها”.
وتعتبر فئة حملة الشهادة الثانوية العامة الوحيدة التي تراجعت رواتبها من 120 دولاراً إلى 110 دولارات، في وقتٍ ينتظر فيه جميع المدرسين تحسناً في الأجر.
تحفيز
محدثنا باشا، أوضح أنّ “القرار الجديد يمكن أن يكون حافزاً لدراسة الدرجات العلمية من قبل المدرّسين لحصد رواتب أفضل، على الرغم من أن الراتب الحالي هو عبارة “منحة” فقط ولا يكفي لحياة كريمة”.
ويضيف: “صاحب الشهادات ممكن أن يشعر بتميز عن غيره من المدرسين الآخرين بسبب فروقات الدرجة العلميّة، ما يشجعهم على الدراسة وتطوير شهاداتهم العلمية”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا