قراءة في رواية: عداء الطائرة الورقية

أحمد العربي

خالد حسيني كاتب أفغاني والرواية تطال مرحلة طويلة من عمر بطل الرواية وعمر أفغانستان من 1975 حتى 2003.
تبدأ الرواية من الطفل امير من مدينة كابول ومن عائله ثريّه، والده يعمل بالتجارة، العائلة على علاقة مع الحكم الملكي وقتها فالجد قاضي كبير، يعيش أمير في منزل كبير مع والده، والدته توفيت عند ولادته، يوجد عندهم خادم وولده حسن الذي هربت أمه بعد ولادته. أمير ووالده من قبيلة البشتون المتسيّده والسنية ايضا. الخادم علي وابنه حسن من قبيلة الهزارة الشيعية. هذه الفئة المضطهدة والتي تعمل بالمصالح الدنيا وخاصة بالخدمة في البيوت.
أمير نشأ مع حسن هو في بيته الكبير وحسن في الكوخ المجاور عندهم ، امير يدرس وحسن لا يذهب للمدرسة، الهزارة خدم ولا يتعلمون. أمير وحسن يتعايشوا كاخوه، حسن خادم لأمير ويلعبون سوية، أمير يقرأ أحيانا لحسن بعض قصصه التي ورثها عن أمه. الأب يتعامل مع حسن ووالده علي كأنهم جزء من عائلته. حصل تغير في البلاد وهو إسقاط الملكية وتحولها للجمهورية بانقلاب ابيض، بدأت البلاد تدخل في اضطرابات مع بداية تدخل السوفييت في أفغانستان. أمير وحسن يلعبون في موسم محدد مع كل الأطفال بالطائرات الورقية المصنوعة بإتقان والتي تسبح في السماء، يتنافس الأطفال؛ من يستطيع ان يسقط طائرات الغير ويبقي طائرته المحلقه. يحصل لذلك مسابقات يحضرها الأهل لأجل التشجيع والمنافسة والتباهي بالاولاد. أمير وحسن من أمهر اللاعبين والمنافسين كثر، الوالد يوحي للابن انه يجب ان يفوز وامير يعده ويحصل، ويركض حسن بحثا عن الطائرة الساقطة ليلتقطها ويقدمها لأمير ليكتمل نصره. ويصل اليها ليجد أمامه آخرين يريدون أخذ الطائرة ويرفض، يحصل صراع وتغلبوا عليه، ويهينوه لأنه هزاره خادم، يلقونه ارضا ويقوم آصف الأكبر منهم باغتصابه تحت عين أمير وعجزه عن التصرف وهروبه قبل أن يروه ويعرفوا ما رأى. كان لهذه الحادثة طعم المرارة عند نصر أمير الذي لم يعد يحتمل ألم ضميره وهو يرى صديقه منكسر النفس ومريض ولم يعد لطبيعته الا بعد اكثر من شهر. لم يكن عند أمير حل لوضعه النفسي إلا العمل على طرد حسن ووالده، حصل ذلك عندما يتهمهم بالسرقة والغريب ان حسن اعترف بسرقة لم يرتكبها. وسامحهم الوالد، لكنهم أصرّوا على الرحيل وحصلوا عليه، وما كان من والده إلا البكاء. ارتاح أمير مؤقتا لكنه بقي وجعه النفسي المزمن . لماذا خذل صديقه ولم يساعده عند حاجته له.؟!!.
تستمر الأحداث في أفغانستان ويدخل السوفييت، تتحول الحياة لجحيم ولا تعرف متى تُخطف أو تُقتل أو يُنتهك عرضك ويُستباح بيتك. يهرب أمير ووالده في رحلة عذاب في شاحنة ثم في خزان وقود ويصلوا لباكستان، بعد تجاوزهم لصعاب كادت تميتهم على يد جنود روس. في باكستان تحول امير ووالده من مالك ثري إلى ﻻجئ فقير يعيش بالمعونة. استمرت الهجرة ليصلوا لأمريكا. هناك أصّر والد أمير أن يستمر  بعلمه، صار يعمل ووالده ببيع الخردوات ليستطيعوا الاستمرار في المعيشة. لامير طموح أن يصبح كاتب، تأسس هذا عنده من قراءة كتب والدته وتشجيع صديق والده، استمر بهذا الطموح . تعرف ووالده على الجنرال طاهري وابنته التي هربت يوما مع من تحب، أعادها والدها للبيت وفقدت فرص الزواج لانها خسرت سمعتها الاجتماعية. احبها أمير تبادلوا الحوار حول القراءات وكانت لهم هوايات مشتركة. خطبها وتزوجها وعاشا حياة زوجية هنية . الاب كبر ومرض وتوفي وترك أمير وحيدا. لم ينجب أمير وزوجته الأطفال، لم يحدد السبب ورفضوا تبني أي طفل.  أمير كتب روايته الاولى واصبح معروفا وقدمت له عائدا جيدا. تتالت الروايات وصارت الحياة اجمل. استمر الوضع هكذا حتى خروج السوفييت من افغانستان وضرب برجي التجارة العالميين في 2001. وقصف أفغانستان واحتلالها ودخولها في الصراع بين أمريكا وطالبان على ارض افغانستان. في هذا الوقت يتصل صديق والد أمير به ويطالبه بالحضور الى باكستان فلديه ما يقوله. يذهب بعد تردد فهذا الرجل هو من شجّعه على الكتابة ومن يعرف تاريخه كاملا، عاد محملا بذكرى حسن والبلاد. وصل وجد الرجل مريضا واخبره انه كان يسكن في بيتهم وانه اعاد حسن للخدمة معه وإن حسن كبر وتزوج وعنده طفل ، وان حسن هذا أخاه غير الشقيق من علاقة غير شرعية مع زوجة خادم والده، وان حسن وزوجته كانا في منزله وجاء الطالبان وأخرجوهم من البيت وقتلوهم وان الطفل في الميتم ويجب أن ينقذه فهو ابن شقيقه. صُعق أمير ورفض وكفر بكل القيم، لكنّه استسلم أخيرا. دخل أفغانستان ليكون وجها لوجه أمام جحيم الحرب والفقر والتسول وتسلط طالبان والاطفال المشردين والشعب الضحية . شاهد الإعدامات علم ببيع الأطفال للمتعة و للخدمة . وصل الى ميتم الطفل، وجدهم قد باعوه لاحدهم، ليصل اليه كمسؤول في طالبان، يتعرف عليه انه خصمه آصف مغتصب حسن، وليعلم أن الطفل تحول للمتعه وتلبية حاجاته الجنسية الشاذة. يقرر آصف إن أمام أمير صراع الموت ليحصل على الطفل. تحصل معركة ضحيتها أمير وقبل الموت يتدخل الطفل سهراب بنبلته ويقلع عين آصف وليخرجوا بسلام، ويدخل المشفى ويتعالج لمدة شهر وليبدأ بعدها رحلة أخذ الطفل لأمريكا و يجد صعوبة في ذلك ولكن يستطيع اخيرا اخذه. لكن الطفل يحمل أزمته داخله فقد قتل والديه أمام عينيه والاغتصابات المتكررة له جعلته يرفض الحياة شعوريا، هذا يزرع في حياة أمير وزوجته مأساة دائمة.
ها هو الطفل سهراب يتحرك ليشارك في لعبة الطائرة الورقية مع أمير، وتزهر حياة أمير مجددا، ويعيش امل انقاذ الطفل من جحيم عاشه.
الرواية طويلة ممتلئة بالتفاصيل والرسائل وتشد القارئ . فيها الخاص والعام متداخل. العيب الوحيد فيها هو عدم ذكر دور أمريكا وافعالها في افغانستان كسبب رئيسي في مأساة الشعب الأفغاني الى الآن، ومحاولة اعتبارها جنة الخلاص له لامثاله الافغان الذين وصلوا اليها، وهم ليسوا الا ضحاياها في أفغانستان وفي بلاد اللجوء.

 نحن السوريين نحس ببعض معاناتها، فها نحن نتشرد ونغترب ونموت ويساء لنا، حالنا واحد.

27.7.2013

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رواية “عداء الطائرة الورقية” للروائي الأفغاني “خالد حسيني” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية تتحدث عن أفغانستان ضمن مرحلة 1975 حتى 2003 من خلال مسير حياة الشاب “أمير” التي بدأت كطفل بمدينة كابول ومن عائله ثريّه أيام .

زر الذهاب إلى الأعلى