انعقدت القمة العربية في المنامة بتاريخ ١٦ / ٥ / ٢٠٢٤ وخرج بيانها الختامي باهتاً ويعبر عن تمنيات أكثر مما يجسد إجراءات تنفيذية للضغط على السياسات الدولية من أجل المبادرة الجدية في حل أزمات المنطقة ..
ستقتصر قراءتنا على القضية الفلسطينية والقضية السورية لأهميتها لنا ، ولأن القرارات المتعلقة بباقي القضايا هي تكرار لمواقف الدول والقمم السابقة ويمكن تسجيل قراءتنا الأولية للبيان الختامي في ذلك وفق مايلي :
١- القمة العربية بالمنامة جاءت بعد تطورات الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني ، وتركزت ٧٠ % من مقرراتها بما يخص القضية الفلسطينية ، بينما مرت سريعاً على الأزمات العربية الأخرى ..
٢- البيان الختامي ومقرراته جاء تكراراً لما أتخذ في القمم السابقة ، ووفق تعابير أخذت طابع التمنيات والمطالبات تبدأ : نؤكد ، نرحب ، ندعو ، نجدد ، نطالب ، ندين … بدون اتخاذ قرارات عملية ، واستخدام القوة المعنوية والاقتصادية ( النفط والغاز ، المقاطعة … ) كقوة في مباشرة الضغط من أجل وضع حد للسياسة الدولية والإسرائيلية في تماديها بالاستهتار بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .
٣- الإدانة جاءت في سياق : ” ندين عرقلة اسرائيل لجهود وقف إطلاق النار ، وإقدامها في توسيع العدوان إلى رفح ” . ولم تتجه الإدانه الى إدانة العدوان الاسرائيلي في الحرب على غزة ، وإدانة ممارسات الاعتقال والقتل في الضفة الغربية ، وإدانة التدمير الممنهج للبنى التحتية والمستشفيات لغزة واستهداف الأبرياء المدنيين وخاصة الأطفال والنساء ..
٤- بالرغم من أن الصراع العربي الإسرائيلي لم يعد صراع وجود في ذهنية الأنظمة العربية وقراراتها ، كما كان التوجه في عز النكسة العربية ١٩٦٧ باجتماع قمة الخرطوم بأن ” لا صلح ، لا تنازل ، لا اعتراف .. ” فإن قرارات القمم العربية وقمة المنامة دعت الأمم المتحدة الى اتخاذ الخطوات لحل الدولتين وفق المبادرة العربية للسلام ، والدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام ومطالبة الأمم المتحدة بالدعوة للمؤتمر وحل الدولتين وتقرير المصير وعودة المهجرين .. ”
إذن ، حتى المطالبات بحل الدولتين والدعوة إلى مؤتمر دولي جاءت بصيغة مطالبات لا أكثر لمنظمة الأمم المتحدة التي يتحكم فيها دول كبرى لايمكن أن تعير اهتماماً للمطالب العربية والفلسطينية إذا لم تستند إلى قوة تؤثر فعلياً على مصالح تلك الدول أو تهدد مراكزها السياسية في المنطقة … وفي مواجهة هذه المطالب التي تقف عند أقل من الحد الادنى لحل القضية الفلسطينية فإن الكيان الصهيوني لا يعترف ويرفض أي وجود ولو على بقعة من الأرض الفلسطينية لدولة شكلية منزوعة السيادة ، ويعتبر الفلسطينين ليس أكثر من ساكنين بدون حقوق ، ومعرضين لقضم أراضيهم وسلبها واستباحتها في كل وقت .
٥- أيضا دعا البيان الختامي للقمة إلى ” نشر قوات حماية وحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة لحين تنفيذ حل الدولتين ووضع سقف زمني للعملية السياسية وإصدار القرار في مجلس الأمن وفق البند السابع بإقامة الدولة الفلسطينية المستقله وذات السيادة على أراضيها ”
بالتأكيد فإن القراءة لهذا البند يمكن القول نظرياً بأنه كلام مسؤول يحدد ٱلية لحفظ السلام وحل الدولتين ..
ولكن السؤال كيف يمكن اتخاذ القرار في مجلس الأمن وفق البند السابع تجاه اسرائيل والفيتو الأمريكي والغربي سيكون حتماً في مواجهته ، خاصة وإن قرار وقف إطلاق النار الدائم في غزة ( وهو أبسط بكثير من اتخاذ إجراءات وفق البند السابع ) فإن الفيتو الأمريكي كان في مواجهة صدوره رغم حصوله على الأغلبية في مجلس الأمن .
باختصار فإن ضعف وهوان الأنظمة العربية وتدافعها للتطبيع مع الكيان الصهيوني وافتقادها لمشروع عربي يحفظ أمنها القومي ، واستخدام عوامل القوة العديدة لديها ، وافتقاد حتى نوازع الرغبة في وضع حد للصلف الإسرائيلي وعدم ممارسة أي فعل من مفاعيل القوة السياسية والاقتصادية واستخدام الوجود الجيوسياسي للدول العربية وحتى الإسلامية عبر المعابر الدولية ، وفرض المقاطعة على حركة المنتجات والتبادل التجاري مع الدول الداعمة للكيان الاسرائيلي كخطوة فعلية للتأثير على اتجاه القرارات الدولية وعلى الدول المتحالفة مع الكيان الصهيوني .
أما ما يخص قراءتنا للقضية السورية وفق البيان الختامي لقمة المنامة فإننا نسجل ما يلي :
١- شدد البيان الختامي لقمة المنامة على التمسك بالقرار الدولي رقم ٢٢٥٤ / ٢٠١٥ ، وجاءت المطالبات الأخرى في حقيقتها تندرج في مفاعيل القرار الدولي وحيثياته ، سواء في وحدة الأراضي السورية وعدم إحداث تغيير ديمغرافي فيها ، وتخليص سورية من الإرهاب ، أو العودة الكريمة الٱمنة للسوريين إلى بلدهم .. لكن البيان خلا من تثبيت وقف دائم لإطلاق النار أو حل مشكلة المعتقلين والمغيبين قسرياً رغم أنها وفق القرارات الدولية مسائل فوق تفاوضية . كما غاب عن بيان القمة أيضاً ، النص على خروج أو إخراج كافة القوات الأجنبية ومليشياتها من الأراضي السورية .
٢- ما يلفت الإنتباه حقاً أن بيان قمة اليمامة أكد على التمسك بالقرار ٢٢٥٤ / ٢٠١٥ ، في حين أن قمة جدة لم تأتي على ذكر القرار ٢٢٥٤ . ويبدو أن وراء ذلك هو إما الضغط الدولي والأمريكي مع الموافقة العربية كون النظام السوري لم يخطو خطوة واحدة تجاه الاستجابة للحد الأدنى للمتطلبات الدولية أو العمل باتجاه لجنة الاتصال العربية ومقررات بيان عمان الخاصة بحل الأزمة السورية ، أو من أجل ممارسة الضغط على النظام الذي يرفض تنفيذ موجبات القرار الدولي ٢٢٥٤ من أجل دفعه للسير خطوات جدية باتجاه تنفيذ مقررات بيان عمان .
بكل الأحوال فإن ما يصدر علناً عن مقررات القمم العربية قد لا تتطابق مع الاتفاقات والقرارات التي تجري خلف الكواليس والمباحثات الخاصة بين زعماء ورؤساء الدول .
الأفكار والآراء الواردة في المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي ملتقى العروبيين
قمة رؤساء الأنظمة العربية بدورته الـ 33 بالمنامة بتاريخ ١٦ / ٥ / ٢٠٢٤، خرج ببيان ختامي باهت كجلسة القمة الوحيدة وبكلمة بـ 3 دقائق للمتحدث، تمنيات أكثر مما يجسد إجراءات تنفيذية، سوى تمسكه بالقارار 2015/2254 بالشأن السوري، مع تغييب موضوعي المعتقلين والمغيبين قسرياً وإخراج كافة القوات الأجنبية ومليشياتها من الأراضي السورية .