سجلت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرقي سوريا، تزايداً في ظاهرة اختطاف القاصرين بهدف التجنيد الإجباري، وسط اتهامات لحزب «العمال الكردستاني» بالمسؤولية. وأفادت مصادر محلية، بتسجيل أكثر من 7 حالات اختطاف خلال الأسبوع الأخير، آخرها اختطاف الطفلة لينا عبد الباقي (15 عاماً)، من قريتها تل كرم، في ريف مدينة الحسكة.
واتهم ناشطون سوريون، مجموعات مسلحة تابعة لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي، باختطاف القاصر، وطالبوا بإعادتها إلى عائلتها بشكل فوري، وأشاروا كذلك، إلى اختطاف الطفلة القاصر رونيدا داري، (10 أعوام) من مدينة عامودا، بهدف التجنيد الإجباري، قبل يومين من حادثة الاختطاف الأخيرة.
وقال نائب رئيس «رابطة المستقلين الكرد السوريين»، الحقوقي رديف مصطفى، في حديث خاص لـ «القدس العربي»، إن «العمال الكردستاني، لم يتوقف يوماً عن خطف الأطفال والقاصرين بهدف التجنيد في صفوفه». وأضاف أن «عمليات الخطف هذه التي تنتهك حقوق الإنسان والطفل، تتم على نطاق سري، في مناطق شمال شرقي سوريا، وتحديداً في المخيمات التي تؤوي العائلات الكردية النازحة، من عفرين وغيرها». وفي تفسيره لأسباب ازدياد هذه الظاهرة، قال مصطفى: إن الظاهرة مستمرة، لكن وتيرتها مرتبطة بحجم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والجهات الحقوقية الدولية على حزب «الاتحاد الديمقراطي». وأشار في هذا السياق إلى تعارض هذه الظاهرة الصريح مع «خطة العمل» التي وقعتها «قسد» مع الأمم المتحدة، بهدف منع تجنيد الأطفال.
وقال مصطفى، إن «العمال الكردستاني» والأحزاب السورية التابعة له، يولي تجنيد الأطفال أهمية قصوى، حيث يتم إخضاع القاصرين إلى دورات عسكرية وآيدلوجية في مناطق سرية، بهدف زرع أفكار الحزب المتطرفة داخل عقول هؤلاء»، مضيفاً «بعبارة أخرى يتم غسيل أدمغة القاصرين والقاصرات، ليكونوا كوادر الحزب المستقبلية».
وحسب رئيس «رابطة المستقبلين الكرد»، فإن اختطاف الأطفال بهدف التجنيد، يعد أحد مرتكزات عمل «العمال الكردستاني»، رغم تعارض ذلك مع كل المبادئ الحقوقية الدولية، لافتاً في هذا الشأن إلى «استحالة توثيق كل حالات الاختطاف».
وأضاف مصطفى إن «عدداً كبيراً من حالات الاختطاف تتم بشكل سري، ولا يستطيع أهالي الطفل التصريح لوسائل الإعلام بذلك، على أمل أن يستجيب «الاتحاد الديمقراطي» لمناشداتهم بعيداً عن التصعيد عبر وسائل الإعلام».
ومتفقاً مع مصطفى، وصف المسؤول الإعلامي في منصة «INT» الإخبارية، جوان رمّو، في تصريح لـ «القدس العربي»، العدد الحقيقي لحالات اختطاف الأطفال بـ «الضخم»، مؤكداً أنه، لا يتم ذكر كل هذه الحالات، بسبب مخاوف الأهالي من التعرض لمضايقات من قبل عناصر «العمال الكردستاني». وعزا رمّو زيادة حالات الاختطاف مؤخراً إلى محاولة «العمال الكردستاني» تعويض النقص في كوادره، بسبب الخسائر التي تكبدها خلال العملية العسكرية التركية الأخيرة ضد معاقله شمال العراق.
وكانت القوات المسلحة التركية، قد أطلقت في منتصف الشهر الماضي، عملية عسكرية واسعة ضد مواقع «العمال الكردستاني» شمالي العـراقي، في إطار عملية «المخلب-النسر». وحسب رمّو، فإن من الواجب الانتهاء بشكل كامل من هذه الظاهرة، التي عادة ما يكون ضحاياها من الأطفال. وفي أواخر حزيران/ يونيو 2019 وقع زعيم «قسد» مظلوم عبدي خطة عمل، تنص على التخلي عن تجنيد القاصرين، وجاء توقيع الخطة في حفل رسمي وغير معلن في مقر الأمم المتحدة في جنيف، مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة فرجينيا غامبا، لكن توقيع الخطة لم يحد من انتشار هذه الظاهرة، وهو ما أدى إلى توجيه انتقادات للأمم المتحدة، بـسبب عدم متابعتها لتنفيذ خطة العـمل هذه.
وباعتراف منظمات حقوقية محلية ودولية، فإن «قسد» جنّدت الأطفال وزجت بهم في المعارك على نطاق واسع، في مناطق سيطرتها شمال سوريا، حيث أكدت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير صادر عنها في آب/ أغسطس 2018 أن «وحدات الحماية» الكردية وهي القوة المهيمنة على قرار «قسد»، تجند الأطفال على نطاق واسع، وغالبيتهم من الفتيات. فيما ذكر التقرير السنوي للأمم المتحدة عن الأطفال في النزاعات المسلحة، أن العام 2017 شهد 224 حالة تجنيد لأطفال من قبل القوات الكردية، بزيادة تقارب 5 أضعاف عن العام السابق 2016، وكان 72 من الأطفال، أي تقريباً الثلث، من الفتيات، وفي 3 حالات على الأقل، اختطفت القوات الأطفال لتجنيدهم.
المصدر: «القدس العربي