نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريراً أعدّه من الضفة الغربية كيم سينغوبتا، نقل فيه حالة الإحباط بين الفلسطينيين من الدول الغربية، وسط تصاعد العنف ضدهم. وبدأ فيه بالإشارة إلى كمين نصبه مقاتلون من حركة “الجهاد الإسلامي” ضد موقع للجيش الإسرائيلي، حيث تعرض لنيران تسبّبَ بفرار الجنود فزعاً، ليقعوا في كمين قنبلة مزروعة تسبّبت بجرح سبعة منهم.
وقد انتشر شريط الفيديو الذي سجلته الحركة للهجوم قرب قرية الظهر بشكل واسع، وخاصة في الضفة الغربية. وجاء “عمل التحرير” في وقت تقتل فيه القوات الإسرائيلية والمستوطنون 100 فلسطيني كلّ شهر، ومنذ هجمات “حماس” على إسرائيل، في تشرين الأول/أكتوبر. ويستهدف المستوطنون المزارعين الفلسطينيين، ويهدمون بيوتهم، ويجبرونهم على ترك أراضيهم. وتم قتل مستوطنين في محطة وقود عند مستوطنة عيلي، بين رام الله ونابلس.
وعلق الكاتب بأن زيادة العنف أضافت إلى مظاهر القلق، مع بداية شهر رمضان والحرب التي تشنها إسرائيل في غزة. وتلاشت الآمال التي عوّل عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره للتوصل لوقف إطلاق النار قبل بداية شهر الصيام، وذلك بعد رفض إسرائيل مطالب “حماس”.
وقال إن الهجوم على مستوطني عيلي نفّذه محمد مناصرة، وهو عنصر أمن فلسطيني، أدى إلى هدم بيته. وستجبر عائلته للحصول على ملجأ عند الأقارب. وقد عاش ثلاثة أجيال من العائلة في البيت الواقع بمخيم قلنديا، الذي أنشئ عام 1949، بعد النكبة.
وأشار سينغوبتا إلى أن مخيم قلنديا تعرّض، منذ هجوم “حماس”، لعدة مداهمات أدّت لمقتل مواطن وجرح عدد آخر.
ويتميز المزاج العام في الشوارع، التي اسودّت جدرانُها نتيجة للنيران، بغضب كئيب ويأس وبخاصة بين الشباب.
وقال الشاب خالد، 20 عاماً: “الإسرائيليون يدوسون بأقدامهم على رقابنا ويريدون منّا أن نظلّ في الأسفل، ولا يحترمون بيوتنا، مدارسنا، مساجدنا، ويفعلون ما يريدون، ويطلقون النار على الناس ويعتقلونهم“.
وكان خالد جالساً مع أصدقائه على كراسي بلاستيكية أمام بيته، و”بالطبع الناس غاضبون ويشاهدون هذا يحدث طوال الوقت، ويعرفون أنه سيستمر”. ورفض خالد وزملاؤه الحديث عن رجل الشرطة مناصرة، خوفاً من تحوّلهم هدفاً للقوات الإسرائيلية.
ويقول الكاتب إنه التقى مع خالد من قبل، أثناء جنازة كل من الفتى محمد عليان، 20 عاماً، ومحمود نخلة، اللذين قتلا برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم الجلزون. وكان واحداً من الذين رفعوا علم “حماس” في ذلك الوقت. وقال خالد: “لا تزال “حماس” تقاتل، ولم يهزمها الإسرائيليون، أليس كذلك؟ والأمر ليس كما هو هنا، حيث لا تفعل “فتح” سوى الكلام، وجاء رمضان، وستخرج مسيرات هنا في القدس، وسنرى ما سيحدث، وماذا سيفعل الإسرائيليون؟”.
وعادة تندلع المواجهات حول المسجد الأقصى كل عام، وقد أطلقت “حماس” على هجومها، في تشرين الأول/أكتوبر “طوفان الأقصى”، وشهد العامان الماضيان مواجهات في باحات الأقصى. وأعلن أبو عبيدة، المتحدث باسم “كتائب القسام” أن شهر رمضان سيكون “شهر النصر، شهر الجهاد وندعو شعبنا للزحف نحو القدس”، و”في الوقت الذي يحضّر فيه المسلمون حول العالم لاستقبال رمضان قدّمنا التضحية في سبيل الله، سلسلة من الأرواح والدماء الطاهرة”.
ودعا وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير لتقييد دخول المصلين للأقصى أثناء رمضان ومنع “حماس” الاحتفال بالنصر، في وقت تستمر فيه باحتجاز الأسرى الإسرائيليين. لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عارضَ المقترح، مع أنه ترك الباب مفتوحاً للقيود والتقييم الأسبوعي.
ولن يسمح بدخول الأقصى عبر الحواجز إلا أن للرجال فوق سن الستين والنساء والأطفال من الضفة الغربية، مع زيادة الإجراءات الأمنية في المناطق المحتلة وبشكل واسع.
وما تقوم به إسرائيل يتردد صداه في المنطقة، فقد قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن القيود التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية على المصلّين في الأقصى هي هجوم على حرية العبادة وتدفع بالوضع نحو “الانفجار”.
وواحد من أسباب حنق الفلسطينيين في الضفة الغربية زيادة المستوطنات. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، عن تسريع خطط لبناء 3,400 وحدة سكنية في كل من معاليه أدوميم وكيدار وإفرات. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أحد المتطرفين في الائتلاف الحاكم، والمُطالب بضم الضفة الغربية، إن البناء هو ردّ على هجوم محطة الوقود في عيلي. وقال إنه “الرد الصهيوني المناسب، وليعلم كل إرهابي يفكر بالضرر بنا أن رفع إصبعه ضد مواطني إسرائيل سيقابَل بضربة قاتلة ودمار وتعميق قبضتنا الأبدية على كامل أرض إسرائيل”.
وأدى التوسع الاستيطاني المستمر إلى نقد الحكومات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا. وقالت إدارة بايدن إن وضع مزيد من الإسرائيليين بالإكراه على أراضي العرب مخالفٌ للقانون الدولي.
والأسبوع الماضي، قال مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تيرك إن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الفلسطينيين قد زادت بمعدلات كبيرة، بشكل أضر بمنظور قيام دولة فلسطينية. وقال إن ما يحدث هو ترانسفير إسرائيلي لسكانها إلى الأراضي المحتلة، وهو ما وصفه بـ “جريمة حرب”.
وسيقدم تيرك تقريراً لمجلس حقوق الإنسان في جنيف في وقت لاحق من الشهر الحالي: “وصل عنف المستوطنين والانتهاكات المرتبطة بالمستوطنين لمستويات عالية وصادمة. وهناك مخاطر من أن تزيل إمكانية قيام دولة فلسطينية”.
وفي الوقت الذي يصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية 700,000 مستوطن، فإن قلّة من سكان الضفة الغربية، البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين نسمة، سمح لهم بدخول إسرائيل منذ هجوم “حماس”. وأضر هذا الوضع باقتصاد الضفة، حيث كان يدخل إسرائيل قبل الهجمات أكثر من 170,000 عامل. وبضغط من أصحاب الأعمال الذين يواجهون نقصاً في العمال، سُمح لحوالي 8,000 عامل بالعودة إلى أعمالهم. ولا يوجد هناك منظور لزيادة العدد، حيث تبحث الحكومة عن بدائل في جنوب وجنوب شرق آسيا.
وتحدث خليل الشقاقي، مدير مركز الدراسات المسحية والبحثية في رام الله، عن زيادة نسبية، خلال العامين الماضيين، في عنف المستوطنين. وتصاعد أعلى في العنف، بعد هجمات تشرين الأول/أكتوبر، حيث بدأ المستوطنون بالتصرف دون خوف من العقاب.
ووزع بن غفير عليهم 10,000 قطعة سلاح من طراز أم-16 وخفف من قوانين حيازة السلاح وحث الإسرائيليين على شراء السلاح، حيث قال الشقاقي: “نواجه مشكلة عنف المستوطنين، ونواجه مشكلة الجيش والشرطة الإسرائيلية الذين لا يفعلون شيئاً للسيطرة عليهم، ثم لدينا ما ينظر إليه عدم قدرة السلطة الوطنية لحماية الناس”.
وأضاف الشقاقي: “رأينا تحولاً مهماً في الاستطلاعات التي أجريناها بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعندما زاد عنف الجيش والمستوطنين. وفي استطلاع قبل الهجمات، قالت نسبة 30% إنه يجب نشر شرطة السلطة الوطنية للحماية، ودعت نسبة 15% لطلب المساعدة من الجيش الإسرائيلي. وفي استطلاع ثان تراجع الدعم للشرطة الفلسطينية بنسبة 15% أما الآن فهناك دعوة للمجتمعات كي تشكل جماعات مسلحة تتولى الدفاع عنها”.
وقال: “ثم لدينا مشكلة اقتصادية، فالعائلات التي تعتمد على العمال في إسرائيل تواجه مشكلة كبيرة. والمشكلة ليست منع العمال من دخول إسرائيل، فقد وضع الجيش حواجز كثيرة تجعل من سفر الفلسطينيين داخل الضفة صعباً. وهناك بوابات حديدية أمام البلدات لا تفتح أبداً، والسبب الذي يقدم عادة بأنها تشرف على الطرق التي يستخدمها المستوطنون”. و”لا يستطيع الموظفون الذهاب للعمل، ونحاول منذ عدة شهور دفع الضريبة، لكن المسؤولين عنها لا يستطيعون الوصول لمكاتب السلطة الوطنية، ولا تعمل المدارس أو الجامعات. كل هذا أضاف للضغط والإحباط وساعد على دعم التحرك” العسكري.
وطالب المستشار للقيادة الفلسطينية إلياس زنانيري الناس بالحذر في هذه الأوقات الملتهبة. و”أعرف شخصاً خرج من السجن بعد قضاء 16 عاماً، بسبب عضويته في كتائب الأقصى، وكان غاضباً لأننا لا نفعل شيئاً”. و”كان يقول إن أبو مازن لم يكن زعيماً جيداً، وكان عليه أن يعطي الضوء الأخضر لنا حتى نتجمع ونبدأ الحرب. وسألته: هل أنت جاهز لقبول الدمار الذي تفعله إسرائيل في غزة وأعداد القتلى وتدمير كل البنايات؟ وعندها سأرسل مقترحاً باسمك للرئيس”. وأضاف: “بالطبع لم يكن هذا الرجل يريد دمار رام الله وقتل عائلته ولهذا تراجع. ويعمل محمود عباس ما عليه عمله، وما تحتاج السلطة عمله وتعبئة الرأي الدولي والضغط على إسرائيل، وهذه هي الطريقة الوحيدة والواقعية”.
لكن خالد وأصدقاءه في المخيم ينظرون للأمر بطريقة مختلفة، فلم يعد أحمد، 22 عاماً، وشقيقه طارق، 27 عاماً، يعملان في إسرائيل، وتوقف الدخل، ويعتمدان على أعمال متفرقة، وما تحصل عليه والدتهما من كشك لبيع الخضروات.
وقال أحمد: “لا عمل، وخطة إسرائيل جعلنا فقراء حتى نذهب للأردن، لبنان، أو أي مكان، وحتى يأتي المزيد من اليهود”، و”نسمع الأمريكيين والأوروبيين وهم يطالبون إسرائيل السماح بمزيد من العمال للعمل، لكن لا شيء يحدث”.
وهز طارق رأسه قائلاً: “هل تؤمن بأن الحكومات الأجنبية ستغير الوضع؟ ويقول الأمريكيون والفرنسيون والبريطانيون إنهم طلبوا من نتنياهو التوقف عن القصف، لكنه لا يهتم، ويواصل الأمريكيون تقديم السلاح له كما يفعلون دائماً”، و”نواصل حياتنا، لكنها ليست طبيعية، وجاء رمضان، لكنه لن يكون عادياً مع ما يحدث في غزة، سنصلي لكل من ماتوا ويعانون، ولكننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا”.
المصدر: “القدس العربي”
شعبنا العربي الفلسطيني بالضفة واغزة يعيش حالة مأساوية من القتل والتدمير والحصار والتجويع أمام أعين العالم والأنظمة العربية والإسلامية الـ 57 الذين اجتمعوا بالرياض الذين خذلوا شعبنا، والدعم الغربي بقيادة أمريكا مستمر لقوات الاحتلال الصhيوني وإرهاب المسTوطنين بالضفة مستمر بحق شعبنا ، لهم من الله ما يستحقون .