بنسالم حميش كاتب مغربي وهو مفكر وأديب وسياسي. له عدد كبير من الكتب والروايات. وكتابته متميزة.
الرواية تتمحور حول بطلها.. الدكتور عبد الله.. وهو في أواخر الخمسينات من العمر.. يعيش حالة مراجعة لحياته. فهو تارة يتأمل حياته وكيف عاشها. وتارة يتأمل محيطه وأصحابه وعلاقاته وماذا تبقى منها. يحاول أن يقدم حصيلته الانسانية والوجودية والمجتمعية.. لا يرهق نفسه كثيرا بالبحث والتقصي. يعيش احساس الزهد بالحياة كحب وأدوار وتفاعل ومواقف وكل شيء. بعد أن أصبحت حياته وراءه.. يعيش مشاعر وجدانية متناقضة تجاه الآخرين. قلائل ونادرين الذين أعطوا للحياة أثرا يجعلهم متميزين. العادية سمة اغلب الناس. الكل تقريبا تأكله رغباته أو أوهامه أو أحاسيسه الخاصة.. في لحظة يتمنى لو يحرق إنتاجه الفكري والأدبي. لاحساسه بعدم الجدوى. وفي اخرى يسارع لمزيد من الكتابة والبحث خوفا من ان يمر العمر دون أن يقول كل ماعنده. للمرأة حضور في حياته. زوجته الأولى حبه التي ماتت وابنته في حادث سير. جعل اللا معنى يلف إحساسه بالحياة. وزوجته الثانية التي جعلته يفتقد الود والدفء اتجاه النساء. وسرعان ما يطلقها. ليتعرف على الثالثة التي يساعدها لتترك زوجها الظالم، يتحابان و ليتزوجا اخيرا.. قريبان في السن. بعض وقتها معه والبعض الآخر تقيم “مجاورة” في مكة والمدينة. يسكنها حب للحبيب وحب صوفي لله والرسول.. يتفاعل كإنسان صنع نفسه واسمه. ويدعى للندوات والمحاضرات. ويطلعنا على عوالم المهتمين ثقافيا وسياسيا. البعض اصيل في اهتمامه والبعض الآخر اهتمامه مرضي. هناك جمعية المذكر السالم وكذلك المؤنث السالم. وكلاهما يعملان على موضوع المرأة والرجل. تقاطع الحب وصراع اثبات الوجود. وبناء الذات والقيام بالدور في عالم مليء بتنوع لا نهائي لبشر غير متماثلين. والمشتركات بينهم قليلة.. يهتم بالشأن العام ولكنه مع تقدم السن يتمحور حول ذاته. وذوات من سبقه في العمر والتجربة.. يوطد نفسه على أسئلة الوجود. عن الحياة وما بعدها.؟. عن الإله.؟. عن الموت؟. وهل هو النهاية العبثية.؟!. ام ان هناك عالم آخر مكمّل.؟. وما هو شكله.؟.. وهل الإجابات الدينية تشفي شوق معرفة الحقيقة.؟. ام هي احتمال.؟. أم هي ضوء على الطريق..؟.. في آخر أيامه يتوجه الى التصوف. يقترب أكثر من الله ومن قوة الوجود. مع محاولة البحث عن المعنى والاستمرارية.. تعود إليه زوجته من مكة ولا تتركه ابدا. ويبدأ بتصور نفسه على حافة الموت بصفته غياب. فيصنع تابوته ولو بشكل وجداني. ويتمدد به نفسيا ويبحث في الما بعد.. المأساة أنه لم يذهب أحد للغياب “الموت”.. وعاد واخبرنا بماشاهده هناك..؟!!. ويدخل بعد ذلك بمرض الموت.. ويموت… ويرى روحه هائمة حول جسده تراقب من بقي له ومن حوله على قلتهم
.هنا تنتهي الرواية .. التي رسمت بالكلمات صورة عن حياة سياسي ومفكر وكاتب في خريف عمره. ضمن محاولة للجواب عن سؤال الجدوى والعطاء والمآل.. كأهم قلق وجودي.. وفي كل الطريق تكون المرأة الانثى رفيقة الطريق بسلبيات العلاقة وايجابياتها. ويكون الإنسان ابن ظروفه وابن عصره ومولع بالمعرفة واتخاذ المواقف المعبرة عنه انسانيا. ومنتصرا لانسانيته ولحق البشر بالعيش الكريم و الوعي و رفع المظلومية عن كل البشر
.رواية تترصد التساؤلات والمآلات دون مزايدة أو ادعاء. وتعيدنا إلى دورنا كبشر وكيفية أدائه. إرضاء لانسانيتنا وانتمائنا للوجود. ولخالق الوجود ايضا..
29.1.2016