في ذكرى التهجير من الغوطة الشرقية || مجازر الغوطة الشرقية من فعل النظام المجرم وحلفائه || هل هي بداية تهجير أهل الغوطة وإخلائها.؟!

أحمد العربي

.بداية وقبل التحليل؛ لا نستطيع أن نكون حياديين اتجاه قتل شعبنا في الغوطة الشرقية، قتل يومي متواصل، وبكل الوسائل العسكرية، قصف طيران وصواريخ ومدفعية، تدمير بيوت على رؤوس اهلها، الشهداء بالمئات وكلهم مدنيين، المستهدف البلدات وأهلها تحديدا، انها حرب إبادة مشهدية، نتابعها كلنا وبشكل لحظي وكأنها لعبة كمبيوتر لأطفال مولعين بالعنف، لكنها حقيقية ؛ حقيقة دمنا ولحومنا المبعثرة بين الأنقاض كل الوقت، والعالم ؛ كل العالم يتفرج ، البعض يبرر، البعض يندد والبعض حزين، ولا اي فعل جدي لإيقاف هذه المجازر المستمرة.؟!!.

اولا: لا نستطيع الا ان نتساءل : هل هناك تغير نوعي في مسار الحالة السورية ؟ ، بصفتها صراع بين الشعب السوري المطالب بحقه بالحرية والكرامة والعدالة وبناء الدولة الديمقراطية، وبين النظام الاستبدادي المجرم ، المدعوم من روسيا وإيران والمرتزقة الطائفيين وعلى رأسهم حزب الله، وأن الشعب السوري ترك وحيدا في الميدان ، يواجه أعداءه بالحد الأدنى ، وأن النظام وحلفائه ترك لهم مطلق الصلاحية بإعادة استعباد الشعب السوري، ولو عبر افنائه وتشريده واقعيا وليس مجازيا، وعبر تدمير سوريا كلها.

ثانيا: أليس ما يحصل في الغوطة الشرقية اليوم  هو استمرار توافقات دولية على إعادة رسم الخريطة السورية؟، عبر تقاسم المصالح والنفوذ بين الأطراف الدولية والإقليمية في سوريا ولو كان الظاهر صراعا بينهم، لكنه محكوم دوما بأن الضحايا دوما سوريين، والحساب الختامي خسارة للشعب السوري، أليس تعطيل مجلس الأمن عن أي دور حقيقي وفاعل في سوريا ؟، يعني أنه ترك للصراع بين قوتين غير متكافئتين: الشعب في مواجهة النظام وحلفائه، وأن هذا سيؤدي مع الوقت لإعادة شرعنة النظام السوري رغم كل جرائمه، ومزيد من المأساة على الشعب السوري، هل يفسر الموقف الأمريكي والغربي عموما المكتفي بالتنديد و المطالبة بالحل السياسي وأن (لا حل عسكري في سوريا)؟، وكذلك موقف الحلفاء التقليديين للشعب السوري، السعوديه وقطر وتركيا بشكل اساسي، وهم أعجز عن مواجهة النظام وحلفائه، لوجود مشاكل حقيقية خاصة لكل منهم، جعلتهم يكتفون بالمساعدة للحد الأدنى وما يخدم مصالحهم أو يقلل تورطهم بالوضع السوري، كل ذلك جعلهم جميعا لا يقومون بأي عمل جدي لحماية الشعب السوري ، أليس ذلك دعما ضمنيا للنظام وحلفائه ؟!.

ثالثا: أليس تحويل الثورة السورية بالعرف الدولي إلى حرب أهلية؟، ثم القول عن سلطة شرعية ومعارضة ؟، ثم التركيز على موضوع الارهاب (داعش والنصرة)؛ الذين ولدوا ودعموا  رغما عن إرادة الشعب السوري، ثم تحولت الحرب على الإرهاب ذريعة للتنصل من أي مسؤولية عن مساعدة الشعب السوري لتحقيق حقوقه ؟!، بل الاسوأ ترك الشعب السوري للقتل والتشريد الدائم، وتجهيز سوريا لتكون حصصا بين الأطراف التي تشارك الصراع على الارض.

رابعا:  يعتبر التدخل الروسي بكل الآلة  الحربية والدبلوماسية والسياسية لإنقاذ النظام بدء من عام ٢٠١٥، هو بداية طور جديد لاسقاط الثورة السورية، ففي الميدان بدأت هزائم الثوار لضعفهم العسكري، وفي الواقع السياسي تم تفريغ أي عمل سياسي للتقدم نحو تحقيق القرار الدولي ٢٢٥٤، عبر جلسات جنيف المفرغة من مضمونها، واستثمار النظام وحلفائه ذلك للهيمنة على الارض واستعادة تمدد النظام وحلفائه، يصح ذلك عن استعادة النظام للسيطرة على حلب وعلى أغلب ريف حمص وعلى أغلب ريف دمشق ، سواء بالعنف العاري أو لعبة المصالحات، أو التهجير القسري للثوار وأهل البلدات، المعضمية وداريا وخان الشيخ ووادي بردى وبيت جن اخيرا…الخ؛ أليست كلها خطوة على طريق ذلك؟.

خامسا: أن اكتفاء تركيا من (النار) السورية أن تحمي أمنها القومي الخاص، وأن تركز على محاربة داعش وال ب ي د وال ب ك ك ، بجوارها -على صحته-، هو تنازل جزئي عن دور متكامل لصالح الشعب السوري وثورته، خاصة أن أخذ ذلك ضمن مسار لقاءات استانه ، التي وضعت اغلب الثوار ضمن اطار مرجعي جعلهم محكومين للارادة الثلاثية : روسيا ايران وتركيا، مع العلم ان الحضور التركي على الارض متواضع قياسا بالوجود الإيراني الروسي، الذي يقود معارك النظام في كل الجبهات ، ويضاف إلى ذلك واقع التوافق الروسي الأمريكي الأردني و(الإسرائيلي ) ضمنا على تهدئة جبهة الجنوب السوري، مما يعني خروج تلك الجبهة عن أي دور مساند للثورة المستهدفة والمستفردة  في بقية المناطق، ويصح القول على الأمريكان الذين يكتفون من (الكعكة) السورية بمنطقة شرق الفرات حيث البترول والغاز، مستخدمة ال ب ي د وقوات سوريا الديمقراطية أدوات لها هناك، وما ضرب  الطيران الامريكي أرتال النظام مع المرتزقة الروس والايرانيين  القادمة الى هناك، الا وضع خطوط حمر لتقاسم المصالح، ان لم يكن تقسيم لسوريا.

سادسا: ضمن هذا الواقع المعقد للحالة السورية، والتحولات الإقليمية والدولية، وتحديد مساحة حركة النظام وحلفائه سواء في دمشق الكبرى، أو في مدينة إدلب وريفها، فكانت مشكلة النظام وحلفائه ليست مع الأطراف الدولية الصامتة أو المنددة، بل مع الثوار، حيث لم يستطع النظام وحلفائه التقدم على جبهة جوبر والغوطة الشرقية رغم الحصار والتجويع  والحرب الدائمة، لذلك كان لا يد من طور عنفي جديد من النظام وحلفائه على الغوطة الشرقية، على شكل حرب إبادة جماعية تطال اهلنا هناك، والمقصود منها كسر إرادتهم ودفعهم الى الاستسلام والقبول بحلول على شكل تهجير للحفاظ على الحياة، وتنفيذ مخططات تغيير ديمغرافي تحصل في أغلب مناطق سورية. وما يحصل أيضا في الشمال الادلبي يماثل الغوطة، حيث تمارس حرب إبادة على اهلنا المدنيين هناك تحت دعوى محاربة النصرة، وتلك التي تعيش صراعا وجوديا مع بقية فصائل الثورة، حسابة الختامي خسارة للشعب السوري وثورته.

سابعا: إن ردة فعل الدول الغربية كلها وعلى رأسها امريكا، على المجازر المتواصلة في الغوطة، لا يتجاوز التنديد والمطالبة بوقف إطلاق النار، وبخلق ممرات آمنة لتوصيل المعونات الغذائية والصحية لشعبنا المحاصر، لم يفكروا أصلا بالاستمرار في معالجة المشكلة السياسية السورية عموما ، إلا لفظيا  دون أي أجندة تنفيذية حقيقية، ووجود “دي ميستورا” ودوره لا يزيد عن شاهد زور يغطي المأساة السورية التي تقتات من دمنا ولحمنا  وخراب بلادنا، والكل الان يعمل لإيقاف المجازر والبحث عن مخرج تومئ إليه فرنسا: إخراج أهل الغوطة من بلدانهم مع الثوار، وهذا يعني تهجير قسري لمئات آلاف من اهلنا إلى أماكن أخرى، تخدم النظام في خطته للتغيير الديموغرافي في سوريا، وتخلق مشكلة وجودية لأهلنا المهجرين، وندخل في مأساة جديدة تحتاج لحلول جديدة، أليست الحرب على إدلب هي معركة إبادة جماعية لكل الثوار المهجّرين وعائلاتهم من كل سوريا إلى إدلب سابقا، وجعلها محرقة سورية دائمة.

اخيرا: ها هي المجازر المستمرة على اهلنا في الغوطة تظهر انها استمرار خطط أعداء الشعب السوري جميعا، تدمير البلاد وتهجير أهلنا، والتغيير الديمغرافي، وخلق أزمة وجودية للمهجرين، ودفعها كشعب سوري لليأس وقبول إعادة سيطرة النظام المجرم على البلاد والعباد، كحل لا يوجد غيره، وتحت رعاية دولية من داعمي النظام والساكتين عن فعله، و المتقاسمين الكعكة السورية، بلحمنا ودمنا.

هل قامت الثورة السورية لذلك؟ .

 هل نستسلم؟.

 بالطبع لا.

ماهي خططنا للرد على كل الأعداء؟…

.ماذا أعددنا لذلك.؟.

 

٢٣/٢/٢٠١٨

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مجازر وإجرام نظام طاغية الشام مستمرة منذ 18-03-2011 ولتاريخه ضد شعبنا العربي السوري المطالب بحقه بالحرية والكرامة والعدالة وبناء دولته الديمقراطية، إنه إجرام النظام الاستبدادي المجرم والمدعوم من قوى الإحتلال والغزو الروسي وملالي طهران وأذرعتهم المرتزقة الطائفيين الإرهابيين، ومجازر الغوطة الشرقية وتهجير شعبنا علامة مميزة لهذا الإجرام.

زر الذهاب إلى الأعلى