أدب
السلطان الفاتح رواية الكاتب أوقاي ترياقي أوغلو وترجمة عبد القادر عبد اللي
قرأنا للكاتب نفسه روايات تطال المرحلة
العثمانية المؤسسة. عن سليم ياووز وسليمان القانوني. هذه الرواية لا تخرج عن الطريقة السابقة في كتابة الروائي. بحيث يخلط بنجاح بين الفردي والمجتمعي والذاتي والموضوعي والخاص والعام والتاريخي ايضا. بحيث يضعنا من خلال الرواية في ذلك العصر وشخوصه واحداثه ونتحول من قارئين إلى شهود
.الرواية تبدأ من لحظة ولادة محمد ابن السلطان مراد وترتيبه الثالث من اخوته. وكانت تسميته تيمنا بالرسول الكريم محمد ص . وخاصة ان هناك حديث منسوب للرسول ص عن فتح القسطنطينية على يد فاتح يحمل اسم محمد رسول الله ص. مع العلم ان السلطان حاول فتحها ولم ينجح. ومع أن فرصة محمد بالحكم ضئيلة . تربى محمد على ايدي رجال دين متصوفة زرعوا في نفسه حب العلم والمعرفة والثقة بالنفس والإصرار على تحقيق الهدف والتواضع للعلماء وامام الله. زرع في نفسه الاصرار ان يكون ذلك المسمى فاتح القسطنطينية. خاصة بعد وفاة اخويه وتحول الحكم له بعد وفاة والده
بُنيت في القسطنطينية آيا صوفيا (العالم المقدس) في القرن السادس الميلادي. وكانت المدينة الند لمركز الفاتيكان في روما عاصمة الكاثوليك. واعتمدت القسطنطينية اسم بيزنطة وأنها مركزا للمسيحيين الشرقيين . لم ينس أهلها بعد ما حصل معهم بعد اجتياح الصليبيين لها. وتعاملهم معها ومع أهلها تعامل الأعداء. لم يستطيعوا تجاوز محنتهم. اختلافهم مع عقيدة الكاثوليك حول الآب والابن والروح القدس وصفتهم الإلهية عند روما الفاتيكان و باباتها. وان عيسى الابن البشري عند المسيحية الشرقية. صراع عمره مئات السنين
.القسطنطينية -الآن- تعرف انها متروكة لقدرها وان الصلح الذي رعاه البابا و امبراطور بيزنطة بين الكنيستين. ليس إلْا تغطية لحقائق الاختلاف ومحاولة للتوحد في مواجهة العثمانيين الممتدين بقوة في كل انحاء الارض وخاصة أوروبا. الامبراطور قسطنطين يرى ان البابا وبقية الحكام الاوربيين ينظرون لأولوية مصلحتهم مع العثمانيين في التجارة والتنقل على طريق الحرير المؤدي للهند أو في البحر الاسود او المتوسط. وأنهم يساعدوا القسطنطينية بشكل رمزي وغير جدّي. امام اصرار العثمانيين على فتحها
في العام 1453 م يصدر قرار السلطان محمد على حصار القسطنطينية وفتحها. أخذ بكل أسباب النصر والنجاح. اعدّ جنده معنويا بقوة. وزع مهامهم في البر والبحر وحفر الأنفاق وصنع أسطول السفن الصغيرة المقاتلة والابراج لاجتياح اسوار المدينة . كذلك صنع المدفع العملاق الذي كان جديد ذلك العصر في قوته وتأثيره. وعمل أيضا على تحييد الاوربيين عن المعركه. عبر اتفاقات تجارية مجزية لهم . ومع ذلك جاء من يدافع عن المدينة. ولو بشكل رمزي. دام حصار المدينة ما يزيد عن الخمسين يوما، عاشوا فيها دقائق الانتقال من عصر لعصر. حرب البحر وحرب اختراق الأسوار وحفر الأنفاق والحرب النفسية. وإصرار السلطان محمد على الانتصار. وإصرار الامبراطور قسطنطين على المقاومة حتى الموت؛ وهكذا صار
.استعملت في المعركة كل الأساليب والفنون والمهارات والإمكانات، كانت الغلبة للعثمانيين. ليس لانهم متفوقين معنويا فقط، بل وعسكريا فهم وراءهم الأناضول وامتدادها. أما القسطنطينية فتركت لقدرها. باستثناء بعض القادة وجندهم من بعض المقاطعات المجاورة الذين أخّروا السقوط ولم يمنعوه. حضر عند العثمانيين في الفتح -بقوة- دور الإيمان واليقين وتحفيز معلمي السلطان والمشايخ المبشرين. كذلك حضور المسيحية كاعتقاد وإيمان بالنصر عند الآخرين حتى يصمدوا ما استطاعوا أن يصمدوا. كذلك ما فعله السلطان محمد الذي اشترى الكثير من الحكام ليتركوا القسطنطينية لقدرها فتسقط. والامبراطور اشترى الكثير من مسؤولي السلطان حتى يثنوه عن الحرب أو يدفعوه لصلح لا تسقط القسطنطينية على أثره. وكان رئيس وزرائه منهم . سقطت القسطنطينية أخيرا، لانها تركت دون مساعدة جدية من الأوربيين. أعدم السلطان محمد رئيس وزرائه لأنه خان ولم يدرك أنه كان عكس التاريخ تنتهي الرواية بالفتح حيث أعلن السلطان محمد تسميته نفسه محمد الفاتح. وأعلن اسم المدينة الجديد اسلامبول. التي أصبحت مع الزمن اسطنبول. كان فتحها بداية عصر التوسع للعثمانيين الذي امتد لقرون. وكان بداية الصدمة التي أدت لبداية العمل لعصر النهضة في أوروبا. لتدخل بعدها في عصر التقدم العلمي والتجاري والاقتصادي والحربي. وتتوج نفسها قائدة للعالم وعملت إلى استعماره. والتي أعادت إسقاط السلطنة العثمانية. ولو لم تستطع أن تسترد القسطنطينية. الايام دول ومن يمتلك معرفة قوانين الحياة والسياسة والعلم والارادة والعمل الجاد سيصنع انتصاره و مجده و يرسم مستقبل أيامه
ما أحوجنا اليوم إلى عقلية محمد الفاتح وايمانه وعمله واصراره وحنكته السياسية في معركتنا للانتصار في ثورتنا السورية والوصول لدولتنا الوطنية الديمقراطية. محققين الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل
15.7.2015...
رواية “السلطان الفاتح | فتح القسطنطينية” للكاتب التركي “أوقاي ترياقي أوغلو” وترجمة “عبد القادر عبد اللي” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” تبدأ من لحظة ولادة محمد ابن السلطان مراد وترتيبه الثالث من اخوته حتى فتحه القسطنطينية وتحويل أيا صوفيا لمسجد ، كم نحن بحاجة لحنكتة وتدبيره وايمانه وعمله واصراره للإنتصار لثورتنا السورية .