لم يتردد القيادي في الجيش السوري الحر في محافظة درعا، أدهم الكراد في القول إن اتفاقات “التسوية” التي أبرمتها فصائل المعارضة السورية في جنوب سورية مع الجانب الروسي كانت مجرد “خديعة”، واصفاً دور موسكو بـ”المأساوي”. وأعرب عن اعتقاده بأن أداء المعارضة السياسية خارج سورية “غير متكامل”. وأشار في حديث لـ”العربي الجديد” إلى أن مضمون الاتفاقات التي اُبرمت مع الجانب الروسي في منتصف عام 2018 في جنوب سورية “لم يطبّق بل بقي معلقاً”، مضيفاً أنه “تم إغراقنا في مستنقع من التفاصيل الكثيرة، فبعد أكثر من سنتين تضاعفت الاعتقالات والاغتيالات”.
ويسود التوتر والاحتقان الشعبي في عموم محافظة درعا التي شهدت انطلاق الثورة السورية في منتصف آذار/ مارس من عام 2011، بسبب تجاوزات من قبل قوات النظام وأجهزته الأمنية بحق أبناء المحافظة التي تتاخم الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة. وكاد الجنوب السوري ينزلق أكثر من مرة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة منذ توقيع اتفاقات “التسوية”، في ظلّ عدم التزام النظام ببنود الاتفاقات، مستفيداً من تراخٍ روسي واضح حيال مسؤولياته، كونه راعياً لهذه الاتفاقات.
وسبق لفصائل المعارضة السورية في محافظتي القنيطرة ودرعا أن أبرمت اتفاقات مع الجانب الروسي، كانت بمثابة تسوية مع النظام، سلّمت بموجبها هذه الفصائل سلاحها الثقيل إلى النظام مقابل وقف العمليات العسكرية وإفراج النظام عن المعتقلين. ودفعت التسوية الرافضين لها من قادة ومقاتلين ومدنيين إلى الشمال السوري في سيناريو تكرر في العديد من المناطق السورية، التي اكتشف من بقي فيها أن تلك الاتفاقات كانت مدخلاً لعودة قوات النظام مرة أخرى للفتك بهم في ظل عدم اكتراث روسي بردع هذه القوات. كما أن هذه الاتفاقات لم تنهِ الوجود الإيراني المتمثل بمليشيات عدة يرفضها أهالي الجنوب السوري.
في هذا الصدد، أشار الكراد الذي ظلّ لسنوات قائداً لفصيل “فوج الهندسة والصواريخ” في الجيش السوري الحر، إلى أن الإيرانيين يتخفّون في مقرّات الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، وفي جهاز المخابرات الجوية، وفي مؤسسات المجتمع المدني في الجنوب السوري. وعن تقييمه للدور الروسي في جنوب سورية بعد سريان اتفاقات التسوية، اعتبر أن الروس “فشلوا فشلاً ذريعاً”، مضيفاً: دورهم مأساوي وجرّ علينا مزيدا من الويلات بعد الحملة الأخيرة من قبل قوات النظام. يكاد يكون وجودهم نادراً إلا في حالات تفاقم الصراع. وكانت الفرقة الرابعة في قوات النظام، ومليشيات إيرانية تساندها، على وشك اقتحام أماكن عدة في درعا، منها حي درعا البلد، في منتصف مايو/ أيار الماضي، لكن بدا كأن الجانب الروسي حال دون ذلك.
ولا يزال ملف المفقودين والمعتقلين في سجون النظام منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، هو الأهم لدى أهالي محافظتي درعا والقنيطرة والذين كانوا يأملون أن يفضي اتفاق 2018 الى إطلاق سراح من بقي من المفقودين على قيد الحياة، ولكن النظام لا يزال يرفض التعامل مع هذا الملف، بل اعتقل بعد إبرام الاتفاق قياديين في المعارضة وعذّبهم حتى الموت. في السياق، كشف الكراد أن “النظام والروس يطالبون بتسليم شحنات سلاح مقابل إطلاق دفعات من المعتقلين، وهذا ابتزاز لا أخلاقي”.
ويعد الكراد أبرز قادة الجيش السوري الحر في الجنوب السوري الرافضين للتسوية مع النظام، رغم كونه كان أحد أعضاء وفد المفاوضات مع الجانب الروسي في منتصف عام 2018. وشدّد الكراد على أن مسار الفيلق الخامس التابع للروس بالنسبة للجنوب مغامرة تخشاها غالبية السكان. وأكد رفضه فكرة تأسيس جيش موحد في محافظة درعا “ما لم يكن هدف البندقية واضحاً وغير مؤطر تحت أي دولة أو تيار”، وذلك تعليقاً على إعلان أحمد العودة، والذي يُنظر إليه باعتباره رجل روسيا في جنوب سورية، وأحد أبرز المسؤولين عن المتواطئين في تسليم الجنوب للنظام وللروس عام 2018، نيته تشكيل جيش موحد لمنطقة حوران (درعا)، يكون نواة لسورية كلها.
وعن تقييمه لأداء المعارضة السياسية السورية في الخارج، قال الكراد إنه “مشتت وغير متكامل، وينقصه التنسيق والتناغم مع الداخل السوري”، مضيفاً: المعارضة متأثرة بمصالح الدول المستضيفة للمعارضات والأشخاص. وأبدى اعتقاده أن تسع سنوات من الثورة السورية “ليست كافية لصناعة التغيير في البلاد”، غير أنه شدّد على أن سورية “ذاهبة إلى تغيير جذري وعميق من خلال أجيال جديدة تحيي فكرة التغيير”.
المصدر: العربي الجديد