تساؤلات حول تداول موضوع الهوية الوطنية السورية

منجد الباشا

عقد بالأمس منتدى الحوار المدني الديمقراطي ندوة حول الهوية الوطنية السورية… وقد تناول الأساتذة المنتديون وكذلك الاخوة المحاورون الموضوع من زوايا متعددة اكاديمية منها وسياسية وتاريخية وواقعية، خاصة واقع زمن ما بعد انطلاق الثور ة السورية …وهو الامر الذي تم تناوله سابقا من قبل العديد من المثقفين السوريين   في أكثر من منصة ثقافية او إعلامية.

اللافت في الامر ان هذا الموضوع لم يكن ذي شأن يتم تداوله ولم يكن مطروحا كما هو اليوم   في مراحل ما قبل الثور ة السورية بالرغم من غزارة الانتاج الفكري والثقافي الذي وسم مراحل متعددة من تاريخنا في زمن ما قبل الثورة والذي قارب العديد من مناحي الحياة المجتمعية التي كانت مثارة في حينها……وهو ما يذكرنا كذلك بموضوع مكونات الشعب السوري الذي بات متداولا ايضا في زمن ما بعد الثورة…

لا شك في اننا نعبر عن الشكر الجزيل للمنتدى والاساتذة الذين نفذوا هذه الندوة، وعلى جهودهم المبذولة …سيما وان الامر يتعلق بجانب معرفي ثقافي نحن بحاجة اليه على الدوام خاصة وأننا لا زلنا في مرحلة سيرورة الثورة السورية العظيمة….

 على ما تقدم فإننا وبسبب تحديات واسئلة الثورة الملحة والمتكررة. وبسبب حالها المتعثر والذي لازال يبحث عن مخرج لمعالجة هذا العثار والدفع بها نحو مسار مختلف يتحقق من خلاله نصرها ويتم بلوغ اهدافها…

وبسبب حال الوطن الذي يرزح تحت احتلالات متعددة وكذلك التجزئة التي فرضت عليه بشكل ممنهج ..منذ بدايات الثورة …

نعتقد .. انه من واجبنا ان نقارب هذا الموضوع من زاوية اخرى….

تلك الزاوية التي من خلالها  نبحث في فضاء حيثيات ومبررات طرح هذا الموضوع للحوار…

وخاصة، ان من الانكشافات التي حصلت في بنية مجتمعنا السوري بعد الثورة  هو دور النخبة السورية العاجز  في الثورة …والخلاصات التي تم التوقف عندها حيال هذا العجز والتي لخصها الدكتور برهان غليون في كتابيه عطب الذات وسؤال المصير….والذي تاكد فيهما الأخطاء المنهجية في تفكير هذه النخب حيث ادارت ظهرها لثورة شعبها ورفضت استلام دفة ادارة أمور الثورة مبررة ذلك بأسباب اعترفت هي بعدم صحتها لاحقا كما عبر عن ذلك المرحوم ميشيل كيلو ورياض الترك والاستاذ جورج صبرة وغيرهم…

كذلك الامر في التوجه المنهجي الذي اعتمدته هذه النخب في البحث عن اسباب تخلف مجتمعاتنا وعدم تمكنها من ولوج فضاء الحداثة والمعاصرة حيث عززت و راكمت الجهد في البحث في موروثها الديني والثقافي مهملة الدور الرئيسي المتعلق بالجانب السياسي ودور الاخر الأجنبي في منع ذلك عن شعوبنا..

ولما كانت مقولة البحث عن جواب لسؤال يتعلق بظاهرة ما.. تنصح…

 بانه علينا طرح السؤال الصحيح لنحصل على نصف الإجابة الصحيحة…

فإننا…نرى انه يحق لنا طرح الأسئلة التالية..

لتكون برسم كل مقاربة لمثل هذه المواضيع التي تتعلق بالهوية الوطنية ومكونات الشعب السوري….

…..لماذا….لم تكن مسالة الهوية السورية مثارة كما هي الان في زمن ما قبل الثورة السورية.

….لماذا …يبتعد مثقفونا عن طرح الأسئلة التي تتعلق بالاحتلالات التي تدنس ارض الوطن ..

وبالتجزئة التي تفرض نفسها أيضا..

….لماذا …لا يشتغل مثقفونا…على مسالة الإبادة والتهجير القسري الذي فرضه الأعداء علينا

ومستلزمات ذلك من اعمال ترد على هذا الاعتداء المتوحش..

….لماذا.. لا يناقش مثقفونا …كيف يمكن استجماع عناصر القوة الصلبة التي تكمن في حشايا مكونات شعبنا والتي عبرت عن نفسها في مظاهرات الثورة الاولى تحت شعار واحد واحد واحد الشعب السوري واحد واوشكت ان تسقط النظام…

….لماذا …لا يناقش مثقفونا …الهوية الوطنية السورية التي كانت طافية بقوة في احد مراحل بعيد الاستقلال ..ولماذا تراجعت..ثم لماذا لا يناقش مثقفونا ..الهوية العروبية التي ايضا كانت هادرة ومتدفقة من المحيط الى الخليج…وكانتا في كلا الحالتين تمثلان تعبيران عميقان وصادقان  …يصدحان بمظاهر القوة.والتوحد والاعتداد بالنفس والاستعداد لمقارعة العدوان…

أخيرا…

هناك أسئلة كثيرة يمكن تعدادها..وكلها تدور حول ضرورة طرح الأسئلة التي تبحث عن استعادة كل عنصر من عناصر القوة التي تكمن في حيثيات ومقومات تكويناتنا الشعبية ..والعمل على إعادة تموضعها ..في سبيل تحرير الوطن والشعب ونصرة الثورة…

لا ان نتوقف عند تداعيات عمليات القتل والتهجير والرعب والتجويع التي فرضها اعداء الامة والشعب علينا وهي تداعيات نكوسية طبيعية الا انها عارضة واستثنائية لكونها استجابة لواقع القتل والابادة كسلوك تتطلبه حالة الدفاع عن النفس والوجود…

اليس من حقنا في سبيل البحث عن مقومات قوتنا وصلابتنا وتوحدنا للدفاع عن وجودنا المهدد ان نفكر كما فكر الانسان الأمريكي او الألماني عندما صنع امته وكيانه ودولته..

الم نرى كيف ان الكيان اليهودي قد تمت صناعته بالرغم انه لا يملك أي مقوم من مقومات بناء الامة او الدولة وهو الامر الذي يلهث مثقفونا خلفه كمعيار اكاديمي ليبرهنوا ان عدم توفره في مجتمعاتنا….هو سبب كوارثنا…

الا توحي الجملة التي اطلقها بايدن عن إسرائيل عندما قال ان إسرائيل لو لم تكن موجودة لوجدناها…..

في النهاية..نترك هذه الأسئلة برسم كل من فقد البوصلة من مثقفينا الذين يرون الضحية  ويحملونها مسؤولية وضعها ويغضون الطرف عن الجلاد ولا يرونه ابدا…..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رؤية موضعية وجديرة بالإهتمام ، لماذا هذا الإهتمام بالهوية الوطنية السورية؟ لماذا هذا الكم من المقالات والكتب والندوات والحوارات حول ذلك؟ هل ثورتنا قامت لغياب الهوية الوطنية السورية؟ هناك مواضيع أهم وأخطر يجب التطرق لها ، بداية مما قاله بايدن بعد 7أوكتوبر “ان لم تكن هناك إسرائيل لأوجدنا إسرائيل ” وشعار ثورتنا الأول “الشعب السوري واحد” .

زر الذهاب إلى الأعلى