قراءة في رواية. جنوب الروح

محمد الأشعري كاتب مغربي، وكانت روايته. القوس والفراشة قد حصلت على جائزة البوكر العربي وبعض النقاد اعتبر هذه الرواية مقدمة لتلك.
نحن امام كتابه وجدانية يتداخل فيها الزمان والمكان والأشخاص، رواية تتحدث عن أجيال بزمن روائي واحد .هي رحلة البحث عن الذات من خلال الغوص عبر الذاكرة وفي المكان .لتعيد ترتيب الحياة( للفرسوي ) مؤسس رحلة حياة اهله واوﻻده واحفاده .هي الهجرة من الريف إلى الحضر (المدينة) هناك أسباب كثيرة للهجرة والكل اخيرا يهاجر ؛ هجرة خوفا من ثأر أو بسبب ضيق عيش أو بحث عن فرصة حياة أفضل. الفرسوي وعصبته يعيشون شعور الخطيئة بتركم لريفهم مسكونين دائما بما يملأ ذاكرتهم عن جنتهم النفسية التي تركوها، فيها قبور الأجداد والأولياء، ذواتهم المعذبه يعيشون مع الاسلاف والأولياء والمعتقدات التي تصل لمرحلة الوجد و التواصل الشعوري معهم وكأنهم بينهم، أكثر من حضور شعورهم الواقعي لحياتهم و فاقتهم و تشردهم في البلاد جيل وراء جيل بحثا عن لقمة عيش أو فرصة حياة أفضل. يتركون ريفهم ومناطق ترحالهم جيل بعد جيل وراءهم خراب ويباب والكل مسكون بحاجة العودة إلى نبعهم الاول . أجيال ثلاثة تتعاقب تتوالد وتموت ويزداد إبتعادها لتصل لأوروبا مبعثرة كحجارة الطريق . مسكونة دوما بالحنين للعودة مستعيضة عنه بمزيد من الغياب . هؤﻻء البشر مسكونين بحاجاتهم الإنسانية الصغيرة، مهووسون بالحب وحاجات الجسد يعيشونه كعبادة، يمارسونه كصلاة، وعندما يصلون إليه يأخذونه كحق . بين التعبد والتصوف والحياة والجنون شعرة. باب صغير يعبرونه ذهاب اياب، دون حرج . انهم بشر ممتلئين بذواتهم رغم ضيق العيش والضياع وعدم تلمس اليقين. جيل يموت يسلم التوق للأصل. إلى الجيل القادم . الكل يرتحل بالحياة بعيدا . والوجدان يرتحل عائدا الى اصله، وان غامر البعض وعاد يبحث عن المكان، وفي المكان يكتشف ان الكل رحلوا باجسادهم وأرواحهم التي غادرت لانها امتلأت بتجربة الوجود وانه اكتشف ان ﻻ مكان و  ﻻ احد هناك؟!!. وكأنه من صنع الحكاية التي تحتاج لمن يرويها، كما تحتاج لمن يصدّقها.

١٦ . ٢ . ٢٠١٦م.