. د.سيف الإسلام آل سعود. من العائلة المالكة في السعودية. لكنه على مسافة من الحكم.
.الرواية تعمل على مرحلتين زمنيا.. بتتابع. يخدم مسار الحدث الروائي وانضاجها
.تبدأ الرواية من أحداث عام 1917. وأجواء الحرب العالمية الأولى. وبدايات انهزام الخلافة العثمانية. وحصول التحالف بين الحلفاء الإنكليز والفرنسيين. مع الثوار العرب أنصار الشريف حسين وأولاده
في القطار القادم من دمشق باتجاه المدينة المنورة. يحمل الإمداد والمال والجنود لدعم صمود الحامية العثمانية في المدينة. في القطار يوجد مختار بك. كبير مهندسي السكك الحديدية. مبعوثا من الباب العالي العثماني. يحمل رسالتين واحده شخصية من زوجته فاطمة. تفاتحه بها بنيتها الانفصال عنه. بعد عمر مشترك من العشرة والحب وانجاب الاولاد. فاطمة تصارح زوجها بأنه أصبح يعيش بعيدا عنها كثيرا بأسفاره وأعماله. وأنه استبدلها بـ عشيقات كثر. في مدنه التي يكثر تردده عليها في متابعة أعماله وشؤونه. والرسالة الثانية كانت من السلطنة. تحدد بها طريقة توزيع الذهب المحمل معه على متن القطار لأركان الدولة والقبائل والأنصار. لعلها تفيد بمنع انهيار الحكم العثماني في المدينة المنورة وما حولها.. لكن رجال الثورة والعشائر يواجهون القطار ويهاجمونه. وتضيع رسالة المال وتوزيعه. و يصل القطار الى المدينة المنورة.. التي كانت تحت الحصار من رجال القبائل أنصار الشريف حسين. ووضع القوات التركية صعب عسكريا وامداد من المؤن وأسباب العيش كاملة. في المدينة يوجد فخري باشا حاكمها العثماني. المؤمن بأن السلطنة العثمانية وجدت لتبقى حصنا يحمي المسلمين ويشكل دولتهم. لكن كبار قادته العسكريين وازاء الحالة المزرية التي وصلوا لها. حيث لا امداد عسكري ولا اعاشي. والناس مع الجنود يتضورون جوعا. ويؤكل لحم الحيوانات النافقة والكلاب والقطط وبعض جثث البشر. الناس في أزمة. البعض هرب والبعض يعمل ليهرب. مجد الخلافة الذي يسعى للحفاظ عليه فخري باشا لا إمكانية لتحقيقه. لذلك ما كان له الا ان قبل التنازل عن المسؤولية لغيره من الضباط. الذين يعمدون لتسلم المدينة لجيش الثوار.. وماذا عن مصير الذهب الذي وصل للمدينة ولا يعلم بأمره ألا مختار بك كبير المهندسين. كذلك فخري باشا الحاكم العثماني للمدينة. يلتقي الرجلان ويتحدثان في إحباط وحسرة على ما آلت إليه حال الخلافة. وفي أعماقهم وإرادتهم أن الخلافة يجب أن تستمر. وأنه إن لم يكن الآن ففي قابل الأيام. لذلك اتفق الاثنان على إخفاء الكنز الذهبي والاحتفاظ به لذلك اليوم الموعود. وتم دفن الذهب التركي في مكان محدد. ووضعت له نسختان من الخرائط واحد للباشا فخري والأخرى للبيك مختار. وأن لا يتم الكشف عنه الا بمعرفتها معا. وعندما يحين الوقت المناسب وتعود الخلافة الى مجدها الغابر
في المدينة سيحاول مختار بك ان يجد حلا مع عائلته المكونة من زوجته ناجية وولديه أحمد وفائز. ناجية ابنة المدينة المنورة الاكثر جمالا وثراء. وبعد زيجتين سابقتين تتحول الى قبلة أنظار رجال ونساء المدينة. وتلتقي بمختار بك كبير المهندسين. ويتعارفا ويتحابا ويتزوجا. ويعيشا قصة حب تنتج طفلان يعيشان مع والديهما. لكن الصراع القادم بين العثمانيين والحلفاء. وبداية ثورة الشريف حسين ومن معه في الحجاز. انعكس على مختار بك وزوجته وأولاده. فزوجته تصاب بمرض يؤدي بها بعد فترة للموت. وابنه يصاب في المعسكر بقذيفة تؤدي لموته. وهكذا يجد نفسه مصاب بعائلته وسقوط دولته العثمانية. يعود إلى دمشق. ليجد ان زوجته الاولى بعد طلاقها منه. قد تزوجت غيره. وان ولديه منها يعيشان في كنف زوجها الجديد. أحد وجهاء الشام… في دمشق يُسرق منه الحزام الذي يحوي خريطة الكنز التركي. و عائلته كانت قد انتقلت لاسطنبول.. ويغادر ملتحقا بهم. مع من تبقى من عائلته ابنته الصغرى فائزة. يجلس منتظرا ايام افضل عليه إنه كبير مهندسي السلطنة… لعل الخلافة تعود بعد سقوطها
وأما ما حصل مع فخري باشا الحاكم التركي. فقد اعتقلته قوات الثورة وسلمته الى الانكليز. الذين نقلوه إلى سجن في مصر ثم سجن آخر. وبعد سنوات اُطلق سراحه ليعود إلى تركيا. يحمل حلمه بعودة الخلافة والعمل على ذلك. تلقفه مصطفى كمال أتاتورك زعيم تركيا الجديد. وجعله واحدا من أركان الحكم الجديد… الحكم الذي رضي تركيا بحدودها الحالية. وتبنى القومية. وأخذ بمبدأ العلمانية. وأراد أن يلتحق بمركب الغرب المتفوق لعل تركيا تتفوق مثلهم
في المستوى الزمني الثاني الذي تتابعه الرواية سنجد الدكتور مهند السعد في مطالع العام 2001. يلتقي في عمان بصديق أردني في أحد الفنادق. ليحدثه عن كنز تركي دفن في المدينة المنورة. ويحتاج لمساعدته لاكمال البحث عنه وايجاده. وفي حوزته خرائط ومعلومات… لكن مهند لم يستجب وقتها. لانه يرى ان ما يحرك الموضوع أوهام الثروة وجنون الكنوز واحتمالاتها. وهو الأكاديمي الذي بنى صورته بتحصيله العلمي. ولم يقبل بميزته الاجتماعيه (كواحد من العائلة المالكة). ومضت سنوات على ذلك وأعيد فتح الموضوع مجددا. بعد اكتملت دائرة البحث. فقد تبين أن هناك اتراك يمتلكون وثائق. وكذلك أحد كبار رجال المال السعودي. و أحد الدمشقيين. ويلتقون ليقرروا مصير الكنز. وكيف تستطيعون استخراجه. مستفيدين من نفوذ مهند ورجل الأعمال السعودي. وتبين أن الخريطتين مختلفتين و تدلان على مكانين مختلفين. ويتم البحث في المكانين ولا كنز هناك. ويصاب الجميع بالخيبة
وكان قد التقى بعد سنوات من تشكيل دولة تركيا. فخري باشا كسفير لتركيا في أفغانستان. مُبعد عن مركز الحكم في تركيا. ومختار بك ككبير مهندسي تركيا. جاء لمساعدة الدول الإسلامية في تسيير أمورها.. يلتقيان ويتناقشان بإحباط شديد. أين الخلافة؟!! وإين أخطأنا؟!! واين اصبنا.؟!!. واننا نبتعد عنها أكثر فأكثر.!!. وهاهي أصبحت من المنسيات. يؤكدان أن الخرائط المسروقة للكنز مزيفة. ويتفقان أن الكنز ترك الى الدهر فلا موجبات لكشفه. أسباب ظهوره أصبحت معدومة.. فلا خلافة ولا مجدا قادما ابدا. لذلك نرى أن حملة البحث عن الكنز لم تسفر عن شيء
الرواية لم تكتفي في التحدث عن الكنز والبحث عنه. بل هو مجرد مبرر لقراءة تاريخية. لحدث سقوط الخلافة العثمانية. وقراءة لدول النفط الآن ومسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. الرواية تعيد النقاش فيما كان يسمى بديهيات. عن الثورة العربية هل كانت فعلا للتحرر من العثمانيين. وبناء الولاية العربية الواحدة. أم كانت مجرد حصان سبق ركبته بريطانيا وفرنسا. ومن خلاله ساهمت بإسقاط الخلافة. وادت الى احتلال المشرق العربي وتقسيمه. عبر ما عرف لاحقا باتفاقية سايس بيكو. والرواية مراجعة للخلافة العثمانية نفسها. هل كانت تخدم المسلمين رعيتها فعلا. أم كانت تعيش حالة رخاء للسلطان وحاشيته وكانت حالة المسلمين عموما ضحية الفقر والحرمان والاستغلال والتخلف وفقدان الأمان ولقمة العيش. وأن الخلافة عندما سميت بالرجل المريض لم تكن مظلومة. لأنها لم تأخذ بأسباب العلم والتقدم والصناعة وبناء أدوات العصر ووسائله. ولم تقترب من آلية الحكم العادل الشوروي.. لذلك كانت نتيجتها الحتمية هذا الموت الكارثي الذي ما زلنا ندفع ثمنه الى الآن بعد مضي مئة عام..
.وفي ما يتعلق بالحاضر.. ستقف الرواية مليا عند احداث ايلول 2001 وضرب برجي التجارة في أمريكا ومواقع اخرى، وانعكاسها على العالم كله وخاصة علينا كعرب ومسلمين. وما هي مسؤولية الحكام بصناعة ظاهرة القاعدة ؟. وخاصة دول الخليج. بدء من التحشيد والدعم المادي والدعوي الديني. للذهاب للجهاد في أفغانستان. ومنذ ذلك الوقت ويتم تفريخ نسخ اسوأ مع الزمن. الارهاب ضد الانسان والاسلام والإساءة لهما ايضا وعلى طول الخط. وتقدم مبررا لكل أنواع العدوان علينا كعرب ومسلمين. تحت دعوى محاربة ذلك الارهاب
. سترصد الرواية نشوء طبقة من الحكام. متزاوجة مع اتباع من الاعلاميين. والمنظرين الدينيين صانعي الشرعية المزيفة. مع اقتصاديين ينهبون اموال البلاد. ومرتبطين مع أرباب النظام الرأسمالي العالمي الممتص لثرواتنا ووجودنا الانساني ايضا
تنتهي الرواية ومهند في احتفال في فندق بدبي مع عملائه متربعين على عرش سلطتهم وهيمنتهم على حياة الناس واعلامها وارزاقها ومستقبلها أيضا… بعد حين سيحصل انهيار البورصة الخليجي في عام 2006. وخسارة المليارات من الدولارات لعموم الناس. لتعود لجيوب المستبدين وحلفائهم والنظام الرأسمالي العالمي من وراءهم للأسف مازلنا بنفس المعادلة الآن. إن وميض امل الربيع العربي بتحقيق الحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية. الذي حصل مطلع عام 2011. قد تم اغتياله عبر إسقاطه بالعنف. أو الحروب. أو استدعاء القاعدة بنسختها الجديدة داعش. واعادتها للمربع الأول. سيطرة حكام مستبدين. تابعين للغرب وممثلين لمصالحه. مع هيمنة (اسرائيل) . وخلق صراعات بينية صفرية تؤدي بنا جميعا للفناء
.ما زلنا في المربع ذاته منذ سقوط الخلافة العثمانية…
4.6.2016
رواية “الكنز التركي” للكاتب السعودي “د.سيف الإسلام آل سعود” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” تبدأ الرواية من أحداث عام 1917. وأجواء الحرب العالمية الأولى. وبدايات انهزام الخلافة العثمانية.لينتقل الى مرحلة الكنز التركي المخبأ بالمدينة المنورة والبحث عنه ، وليتم الحديث عن سقوط الخلافة العثمانية ووضع دول النفط الآن ومسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي .