مؤشرات الغارات الإسرائيلية على سورية: الإيرانيون يتمددون!

يستمر إعلام النظام السوري في التعامل مع نتائج الغارات الاسرائيلية على المواقع العسكرية، بالتركيز فقط على الضحايا من العسكريين السوريين، بينما يتجنب ذكر أي خسائر إيرانية، وهو أمر طبيعي في ظل انكار النظام أي تواجد عسكري إيراني يتجاوز حدود المستشارين.

ورغم أن المعطيات والنتائج، بعد كل غارة اسرائيلية على الأراضي السورية، تؤكد أن الهدف الرئيسي لها هي مواقع تابعة لإيران، كما حدث في الهجمات الأربعة الأخيرة ليلة الأربعاء، إلا أن خسائر جيش النظام كانت حاضرة لكن كثمن عرضي، بينما غاب الحديث عن الجانب الإيراني في الإعلام التابع لدمشق وطهران، رغم توفر دلائل كافية على أن خسائر الحرس الثوري الإيراني وميليشياته كانت حاضرة في القصف الأخير أيضاً.

ثلاثة مواقع تابعة للحرس الثوري تم استهدافها في غارات الليلة الماضية، الأول في “تل الصحن” قرب مدينة صلخد بريف السويداء، والثاني في الصبورة بريف حماة الغربي، أما الثالث فهو “معمل البصل” قرب سلمية بريف حماة، والذي تحول إلى مستودع أسلحة إيراني، بينما كان نصيب الميليشيات الشيعية التابعة لطهران من هذه الهجمات غارتان، الأولى على “كباجب” بريف دير الزور، والثانية قرب مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي.

وفيما أقر إعلام النظام بسقوط قتيلين في صفوف قواته، بالإضافة إلى أربعة جرحى، نتيجة الهجوم على موقع تل الصحن، أكدت مصادر محلية في ريف حماة إصابة عدد من المدنيين في الغارة على “معمل البصل” الذي يتمركز فيه الحرس الثوري الإيراني، لكنها تجاهلت الكشف عن أي خسائر في صفوف الحرس، الأمر الذي يفرض انتظار أي تشييع قادم في مدن إيران لضحايا العمل العسكري في سوريا من أجل معرفة حجم خسائر طهران العسكرية جراء هذه الغارات.

وإلى جانب الخسائر البشرية، فإن الخسائر العسكرية الإيرانية تظل مبهمة أيضاً، مع تكتم طهران على هذه الخسائر واستمرارها في الوقت نفسه بسياسة التمركز وتعزيز تواجدها في المناطق التي تركز إسرائيل والولايات المتحدة هجماتها عليها خلال السنوات الأخيرة، في دير الزور شرقاً، وريف حماة غرباً، بالإضافة إلى ريف السويداء والقنيطرة جنوباً، وهي المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة لتل أبيب بطبيعة الأمر.

لكن موقف المعارضة وتقديراتها لنتائج هذه الغارات وعمليات القصف التي تستهدف المواقع والقدرات العسكرية الإيرانية في سوريا يبدو متبايناً، على الرغم من الاتفاق على أهميته من حيث المبداً.

وبينما يرى الكثيرون أن مثل هذه الهجمات، حتى وإن اعتبرت حرباً جانبية بين اثنين من الأعداء لا علاقة للثورة والمعارضة بأي منهما، إلا أنها مفيدة في النهاية طالما أنها تسبب المعاناة والضرر للمشروع الإيراني في سوريا، يرى آخرون أنها لا تتناسب والحديث الإعلامي الذي يثار حولها.

الصحافي حسن محفوظ قال في تصريح ل”المدن”، إنه “رغم الأخبار المتتالية عن القصف الاسرائيلي على مواقع إيرانية في سوريا خلال الأشهر الأخيرة، والكلام عن انسحاب إيراني وشيك من سوريا، إلا أن الواقع مختلف جداً، فإيران تواصل تمددها في كل مفاصل البلاد، من السيطرة العسكرية والأمنية على مناطق مختلفة وصولاً إلى التغلغل الثقافي والاجتماعي، لذا أرى أن هناك تناقضاً بين حجم الاستهداف الاسرائيلي المعلن عنه وما يوازيه من عقوبات أميركية، وبين الواقع الذي تفرضه إيران في سوريا”.

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق ورئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب عاموس يدلين اعتبر أن “الهجمات (الإسرائيلية) الواسعة في سوريا، الليلة الماضية، تدل على أن التقديرات أن الإيرانيين يغادرون سوريا كانت أمنية. والهجوم في منطقة السويداء، يدل على اتساع التموضع الإيراني إلى هذه المنطقة الحساسة في جبل الدروز، وهي تقع داخل منطقة تعهد الروس بألا تدخل إيران وحزب الله إليها”.

وحذر يدلين من أن “الإيرانيين وأذرعهم سيبحثون عن طرق للرد وردع إسرائيل. وبعد أن فشلوا في الماضي بالرد بإطلاق قذائف صاروخية، حاولوا مؤخراً الرد بهجمات سيبرانية. وعلينا أن نكون مستعدين لطيف كامل من إمكانيات رد المحور الشيعي، الذي يحل فيه حسن نصر الله مكان قاسم سليماني كرجل الإستراتيجية والتوجيه المركزي”.

وأضاف يدلين أن أي رد على الهجمات الإسرائيلية “يأتي على خلفية تحطم العملة المحلية في إيران، سوريا ولبنان، والعقوبات الأميركية المؤلمة والأزمة الاقتصادية الشديدة في أعقاب كورونا. والانتقادات الشعبية ضد الأنظمة تتزايد. وبإمكان الأزمة الاقتصادية أن تجعل ردود الفعل معتدلة، ولكن قد تسرعها وتدفع إلى صرف النظر باتجاه مواجهة خارجية”.

سلسلة الغارات الجوية المجهولة رسمياً، لكن الإسرائيلية عملياً، والتي استهدفت مواقع القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في سوريا، وراح ضحيتها بعض العناصر من قوات النظام كخسائر جانبية، بحكم التمركز المتداخل غالباً بين قوات الطرفين، بلغت خمس غارات، فقط خلال الشهرين الماضيين.

ففي مطلع أيار/مايو، شنت مروحيات إسرائيلية هجوماً بالصواريخ على مواقع في القنيطرة، قالت وكالة أنباء النظام”سانا” إنها تابعة للجيش السوري، بينما أكد خبراء عسكريون تمركز القوات الإيرانية فيها.

الهجوم الأعنف في هذه الفترة وقع في 5 أيار، عندما شُنت هجمات متزامنة على مواقع في مدينة البوكمال تتمركز فيها ميليشيا فاطميون وزينبيون و”حزب الله” العراقي، بالإضافة إلى معامل الدفاع ومركز البحوث في منطقة السفيرة شرق حلب، والتي تحولت إلى معاقل إيرانية منذ العام 2014.

بعد ذلك، في 24 من الشهر ذاته، قصفت إسرائيل بقذائف مدفعية مجموعة رصد تابعة للحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” اللبناني، بالقرب من السياج الحدودي مع الجولان المحتل، بعد ساعات من زيارة قام بها وزير دفاع النظام إلى المنطقة.

أما أحدث الهجمات، فوقعت في الرابع من حزيران/يونيو، عندما استهدفت طائرات حربية مواقع إيرانية في مدينة مصياف في ريف حماه الغربي، وهي المنطقة الثانية من حيث الأهمية بالنسبة لإيران في سوريا، حسب تقديرات الخبراء العسكريين.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى