من تحت القصف

أحمد أبو العز

هذه الرسالة إلى حماس كتبتها منذ أسبوع ولم استطع نشرها لانقطاع النت الذي بالكاد نصل إليه إذا وجدنا سبيلا. وهي موجهة بالأساس إلى قادة حماس هنية والحية السنور، ومضطر لنشرها هنا لأننا مبتلين بقادة محكوم علينا أن نسمعهم ولا يسمعونا وسبل الاتصال بهم محرمة علينا، فهم آلهة يأمرون ولا يؤمرون، ويطلبون ولا يطالبون وما على الأغنام الذين هم نحن إلا السمع والطاعة وإلا فالويل والثبور.

لا تدعو الأسرى مطية لذبحنا هذا عدو غاية في الانحطاط الوحشية والإجرام ويمتلك أحدث أدوات الإبادة، فلا تمنحوه ذريعة لمواصلة ذبحنا بهذه الطريقة.  فما من أحد نافعنا، لا عالم غربي ولا عربي.

الجماهير العربية اعجز من ان تفعل شي، وحال الأنظمة العربية من التبعية والارتهان للغرب وكراهية حماس، تحديدا، لا تحتاج الى دليل.

والمعجزات التي خوثتمونا بالتبشير بها ولّى زمانها. والمقاومة مهما أظهرت من  بطولة  فليس باستطاعتها حمايتنا من  قصف الطائرات والبوارج أو قذائف الدبابات، واسطوانة  صمودنا سيبوكو منها، فنحن بشر من لحم ودم، كما كل شعوب الأرض، ولو قبل النظام المصري فتح الحدود لهرعت كل غزة أو ما تسمونه الحاضنة الشعبية تغرق الحدود المصرية كأنهم جراد منتشر.

يا حماس، هذه  حرب لا قبل لنا بها، ليس لنا – نحن الناس-  ملاجئ ولا أنفاق ولا غرف محصنة، وها هي جثثنا تتناثر في الشوارع، والناس هائمة في الشوارع بلا مأوى.

الأنظمة العربية معهم والغرب معهم وهم يتخذون أسراهم مطية لمواصلة المذبحة، فارموا لهم أسراهم على مرأى من العالم، بشرط واحد ضمان وقف الإبادة.

الناس هلكت – يا حماس- وسيبوكم من شهوة الخطابة من على شاشات الجزيرة،  وحشو الكلمات المنمقة، زي:”معركة الدفاع عن أقصانا ومسرى نبينا”، فالحرب في شوارع غزة وليست على أسوار وشوارع  القدس، والكل يعرف أن المعركة (اقتحام الحدود)  بدأت من الأساس عشان الأسرى في سجون العدو، لكن جاءت  الرياح بما لا تشتهي السفن.

يا حماس، لستم أغلى على  الله من الحسين، الذي خرج في سبعين من آل بيته وحين أيقن أن لا نصر وان الهلاك محقق لا محالة، طلب من أهل بيته العودة إلى المدينة وان يتركوه وحده يواجه مصيره المحتوم القتل بشجاعة.

فليس لكم، ولا يجوز أن تجروا الشعب الأعزل من رقبته جرا للموت دونكم مرغما،   بقصف الطائرات وجنازير الدبابات، فليس لنا دبابات تدفع عنا، أو طائرات اف ٣٥  لنقتلهم بها كما يقتلونا.

وليس من ملائكة ترمي عنا، فبلاش -بالله عليكم – من إسقاطات لآيات القرآن في غير مواضعها.

الآن المطلوب كلمة واحدة من سبع حروب: “إنقاذنا”، إنقاذ من تبقى منا من ذبح اليهود، إنقاذنا نحن المستضعفين الذين لا حول لنا ولا قوة، فلا طائرات تحمينا ولا ملاجئ ولا خنادق.

إنقاذ من تبقى منا هو مسؤوليتكم الآن.

بقاؤنا أهم من بقاء هذا الحزب أو ذاك يا حماس.

 فلسطين وقضيتها لن تنقضي بذهاب هذا الاسم أو ذاك سواء كان علما على شخص أو جماعة. بقاء الشعب الذي أنجب مقاومات بمسميات مختلفة ومنها حماس سيظل ينجب ما بقيت أسباب الصراع قائمة.

سيبوكم من قصة أصحاب الأخدود والقول إن غزة على خطاهم، فهذا ضرب من  الهذيان والجنون، والتأله على الله وجعل الدين مصدر شقاء للبشرية وليس سبيلا للرحمة.

فلا تتركوا الكلمات واللغة تأخذكم إلى أماكن لا ترغبونها على طريقة المتنبي والبيت الذي قتل صاحبه.

وها انتم  أدركتم  متأخرين أن العدو غير عابئ بأسراه لديكم ويعمل على قتلهم، وفقط يتخذهم مطية لقتل المدنيين بحسب تصريحات الحية أول أمس، فلماذا تمنحوه الفرصة، لماذا تقدموا له الهدية التي يريدها؟!!

امتلكوا الشجاعة، وقولوا له علنا: تعال خذ مختطفيك، وتوقف عن ذبح شعبنا. اسقطوا هذه الورقة التي يشهرها لمواصلة الذبح. وبعدها واصلوا مقاومته طالما لم يتوقف لكن اسقطوا ورقة المخطوفين من يده.

لستم أقوى من اليابان ولا من ألمانيا النازية، ومرة أخرى لا تنساقوا وراء الأوهام: “من أن غزة اعتادت على الحروب وأهلها لا يخشون الموت شعبها يحب الشهادة” (من لقاء العاروري ع فضائيتكم من أسبوع)، فهذا – يا عاروري-  لامبالاة بذبح الناس.

توقفوا عن تصوير الأمر بأنه لا خيار لنا في غزة إلا الموت أو الانتصار. فما من  انتصار مطلقا، فلا طيرا أبابيل ولا خوارق، ولا أساطيل حربية من السماء، بل هي مجازر جماعية، كل دقيقة مجزرة، هي طائرات نفاثة تلقي بحمولتها فوق رؤوسنا بيتا بيتا، وحارة بحارة، وحيَّا بعد حيّ، وكاميرا الجزيرة تصور والعالم يتفرج،  وأسامة حمدان يصرح أن حماس ستبقى وان لا احد باستطاعته حكم غزة على ظهر دبابة أمريكية أو صهيونية(عين أخينا على حكم غزة ما بعد الحرب) أما الدماء والأشلاء فهذا قدرنا المكتوب ولنا الجنة والسلام وربما تطلع  حماس مأجورة بان أرسلتنا للجنة رغما عنا!.

فهذا – وأيم الله- استخدام للقضاء والقدر في غير محله غايته الهروب من المسئولية، واعتبار أن الله – جل في علاه-  هو الذي خطط لهذا المصير، وعلينا في غزة أن نقبل بهذا الفناء الذي أراده الله.

 

المصدر: للاطلاع …المناضل أحمد أبو العز أسير محرر من غزة وكادر سياسي في الجهاد الإسلامي بغزة

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رسالة تشاؤمية عن العلاقة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية ، قد تكون هذه الرؤية واقعية لشريحة من الشعب الفلسطيني ولكنها ليست عامة لأن وسائل التواصل والإعلام ينقل صور مناقضة لذلك، ولكن هل قوات الاحتلال الصhيوني وقطيع المستوطنين توقف إجرامهم بحق شعبنا قبل 7 أكتوبر حتى نضع ما يجري هو ناتج عنه ،

زر الذهاب إلى الأعلى