هل توقف التنسيق الإسرائيلي الروسي في سورية؟

عماد كركص

تنعكس الحرب على غزة، بشكل أو بآخر على الإقليم، ففي حين بدت الضربات التي وجهتها إسرائيل ضد أهداف للنظام في سورية أكثر قسوة من ذي قبل، لا سيما تلك التي استهدفت مطاري دمشق وحلب عدة مرات الشهر الماضي، بدا لافتاً إعلان روسيا أن إسرائيل لم تعد تنسق معها بشأن ضرباتها الجوية في سورية، على الرغم من وجود آلية بين الطرفين للتنسيق ومنع التصادم، منذ خريف عام 2015.

الموقف الروسي

وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أول من أمس الجمعة الماضي، إن إسرائيل لا تبلغ روسيا بخصوص ضرباتها على سورية. وأضاف: “نحن متفاجئون بالضربات على سورية، لم ينسقوا معنا، ونعارض دائماً الهجمات على المطارات المدنية في دمشق وحلب، ونحن نعلم بالضربات على سورية بعد وقوعها”.

لكن تصريحات بوغدانوف تناقض ما أكده السفير الإسرائيلي لدى روسيا ألكسندر بن تسفي، باستمرار العمل بنظام منع الصدامات العرضية بين القوات الروسية والجيش الإسرائيلي في سورية، والتي أدلى بها في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي قبل نحو أسبوع.

ورداً على سؤال حول الغارات الأخيرة التي شنها الجيش الإسرائيلي على سورية، أجاب بن تسفي حينها: “كل ما يمكنني قوله هو أن كل ما كان يعمل في الماضي لا يزال يعمل الآن”.

ومنذ خريف 2015، تعمل آلية اتصال بين روسيا وإسرائيل لمنع الاشتباكات العرضية، وغيرها من الحوادث خلال العمليات في سورية. وبعد حادثة الطائرة الروسية “إيل-20” التي أسقطتها دفعات النظام السوري بالخطأ عام 2018، عمل الطرفان على تحسين نظام منع الصدامات العرضية.

وبالتزامن مع تصريحات بوغدانوف، أعلنت وكالة “بلومبيرغ” أن إسرائيل أوقفت الخط الساخن مع روسيا بشأن هجماتها في سورية، معتبرة ذلك “تحولاً رئيسياً في السياسة الإسرائيلية”.

ونقلت الوكالة الأميركية عن مصادر مطلعة لم تسمها، أن إسرائيل “لم تعد تحذر دائماً روسيا، حليفة النظام، مسبقاً من الهجمات على الأراضي السورية”، مبينة أن “هذا التغير، إلى جانب الهجمات المتزايدة، يؤدي إلى تفاقم العلاقات المضطربة بالفعل بين إسرائيل وروسيا”.

ولفتت “بلومبيرغ” إلى أن “هناك خطراً من ظهور سورية كجبهة جديدة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، وهو الوضع الذي تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون تجنبه في سعيهم لاحتواء الصراع”.

غير أنّ تصريحات بوغدانوف وحتى التسريبات التي أوردتها “بلومبيرغ” تعارض المعطيات الميدانية، لا سيما مع حركة الطيران الأخيرة لسلاح الجو الروسي في إدلب وشمال غربي سورية خلال عمليات التصعيد الأخيرة، بالتزامن مع الضربات والغارات الإسرائيلية، وهذا ما لا يمكن القيام به بشكل متزامن من دون تنسيق تفادياً للأخطاء، التي قد تكون كارثية على كل منهما.

كما أن روسيا التي أدخلت عام 2018، صواريخ “إس 300” للدفاع الجوي إلى سورية، لا تزال تتحكم بهذه الصواريخ، وتمتنع عن استخدامها ضد الطيران الإسرائيلي، ما يعني أن هناك اتفاقاً مع تل أبيب في هذا الإطار.

التنسيق الروسي ـ الإسرائيلي مستمر

وتعليقاً على تصريحات بوغدانوف، رأى المحلل السياسي طه عبد الواحد، المقيم في موسكو، أنّ تصريحاته تصوب على عدم التنسيق السياسي، أي تنسيق الضربات في إطارها السياسي، وليس التنسيق العسكري والأمني، وأن التنسيق العسكري بين موسكو وتل أبيب ما زال قائماً ولم ينقطع ولن ينقطع طالما أن القوات الروسية في سورية.

وأضاف عبد الواحد لـ”العربي الجديد”: “إسرائيل غير معنية بالتصعيد ضد روسيا في الوقت الحالي، لكنها بالتأكيد تملك بنك أهداف في سورية، وأغلب الظن أن الروس لديهم إطلاع عليه، بالتالي يمكن أن يكون الإسرائيليون أطلعوا الروس على خريطة الأهداف مسبقاً، مع إبلاغهم بعدم التصادم في تلك المواقع. ومع ذلك يحافظ الطرفان على اتصالات عبر القنوات العسكرية، وتقوم إسرائيل بإبلاغ الجانب الروسي بالضربات قبل وقت قصير جداً من تنفيذها”.

ولفت عبد الواحد إلى أن “روسيا أعلنت منذ بداية تدخلها في سورية أنها غير معنية بحروب النظام الخارجية، وأرسلت قواتها لمساعدته في الوضع الداخلي. كما أنها أعلنت منذ البداية عن تنسيق عسكري مع تل أبيب”.

واعتبر أنه لا يمكن لكل من روسيا وإسرائيل التخلي عن التنسيق عبر قنوات الاتصال العسكرية في سورية، لأن ذلك يعني احتمالية الصدام بينهما، وهذا ما لا يريده الطرفان، لأن “أي تصادم بالخطأ، قد يؤدي إلى اشتعال مواجهة بينهما”.

ولفت إلى أن “مثل هذه المواجهة قد تتحوّل بسرعة إلى حرب كبرى بين روسيا والولايات المتحدة في ظل الوضع الراهن، حيث عززت القوات الأميركية والبريطانية حضورها في المتوسط قبالة ساحل فلسطين، مع انتشار عسكري للقوات الروسية قبالة الساحل السوري وعلى الأراضي السورية”.

من جهته، رأى الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، أنه على الرغم من تأكيد السفير الإسرائيلي في موسكو استمرار التنسيق، فإن هذا التنسيق بات في أضيق حالاته، لا سيما بعد الموقف الإسرائيلي من الحرب الروسية على أوكرانيا، معرباً عن اعتقاده بأن الضربات الأخيرة لا سيما قصف مطاري حلب ودمشق جرت من دون التنسيق مع روسيا.

ولفت علوان في حديث لـ”العربي الجديد” إلى أن “أغلب الضربات التي نفذتها إسرائيل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (بدأ في 24 فبراير/ شباط 2022)، جرت من خارج الأجواء السورية”.

ورأى علوان أن روسيا “غير متضررة من عمليات القصف، ولا سيما أنها لا تستهدف وجودها أو نفوذها، والجميع يعلم أن القصف والغارات تستهدف بشكل رئيسي الانتشار والمصالح الإيرانية في سورية، ولا سيما العسكرية منها”.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الكيان الصهيوني بموجب اتفاق عام 2015 مع المحتل الروسي للتنسيق بينهما للعمليات الجوية على الجغرافية السورية وبعد #طوفان_الاقصى والضربات القاسية التي وجهها الصها.ينة لأهداف بالجغرافية السورية كاستهداف مطاري دمشق وحلب عدة مرات يبدو إن التنسيق توقف لاختلاف التوجهات بينهما وبروباغندا احتمال مشاركة نظام دمشق بحرب غزة .

زر الذهاب إلى الأعلى