المساعدات الأممية.. التداعيات المدمرة للفيتو الروسي على ملايين السوريين

4.1 مليون شخص في شمال غرب سوريا لن يصبح بإمكانهم الحصول على ما يحتاجونه من مساعدات مُلحة، بعدما انتهت، الاثنين، آلية الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية الحيوية عبر الحدود لملايين الأشخاص في سوريا.

وجاء القرار بعدما استخدمت روسيا حق النقض “فيتو” في مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، لمنع صدور قرار يمدد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود لتسعة أشهر، وذلك غداة انتهاء مفاعيل هذه الآلية التي تتيح إيصال مساعدات حيوية لملايين القاطنين في مناطق تقع خارج سيطرة دمشق، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

وفي حين طالبت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية وعدد من أعضاء مجلس الأمن بتمديد هذه الآلية مدة عام، أصرت روسيا على تمديدها ستة أشهر فقط، واستخدمت الـ “فيتو” ضد حل وسط اقترحته سويسرا والبرازيل المسؤولتان عن هذا الملف، بتمديد الآلية تسعة أشهر.

وتسمح الآلية التي أنشئت عام 2014 للأمم المتحدة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غربي سوريا من دون الحصول على موافقة النظام السوري، الذي يندد من جهته بهذه الآلية ويعتبرها انتهاكاً لسيادته.

تداعيات إنسانية

وتقول الأمم المتحدة إن 4 ملايين شخص في شمال غربي سوريا، معظمهم من النساء والأطفال، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للاستمرار بعد سنوات من النزاع والأزمات الاقتصادية وتفشي الأمراض والفقر المتزايد الذي فاقمه زلزال فبراير المدمر.

وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، يعيش في شمال غرب سوريا أكثر من 4.6 مليون شخص، نزح نصفهم على الأقل مرة واحدة أو أكثر منذ بداية النزاع. والمدنيون في هذه المناطق محاصرون، ويفتقرون إلى الموارد اللازمة لمغادرة المنطقة، ولا يمكنهم العبور إلى تركيا، ويخشون الاضطهاد إذا حاولوا الانتقال إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

ووصلت معدلات التقزم بين الأطفال إلى 28 في المئة في بعض أجزاء البلاد، وانتشر سوء التغذية لدى الأمهات بنسبة 25 في المئة في شمال شرق سوريا، بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

وأوضح برنامج الأغذية أن البلد الذي كان يتمتع بالاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء يُصنف الآن من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم، مع الاعتماد الشديد على الواردات الغذائية.

كما أدى تضرر البنية التحتية وارتفاع تكلفة الوقود والظروف الشبيهة بالجفاف إلى خفض إنتاج القمح في سوريا بنسبة 75 في المئة، وفقا لبرنامج الأغذية.

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أنه تم تسجيل أكثر من 103 آلاف نازح داخليا في شمال غرب سوريا منذ الزلزال الأول في 6 فبراير، كما تضرر أكثر من 10600 آلاف و600 مبنى جزئيًا أو كليًا بسبب الزلازل.

وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه قبل الزلازل، كان ما لا يقل عن 4.1 مليون شخص في شمال غرب سوريا يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وتُقدم هذه المساعدات في الغالب وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها على الأرض من تركيا، من خلال آلية عابرة للحدود بتفويض من مجلس الأمن، بالإضافة إلى بعض منظمات الإغاثة الدولية والإقليمية التي تعمل خارج منظومة الإغاثة الأممية.

ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، يعيش أكثر من 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، ولا يستطيع 12 مليون سوري على الأقل، أي أكثر من نصف السكان، الحصول على ما يكفي من الغذاء الجيد أو تحمل تكاليفه.

وبزيادة 9 في المئة عن العام السابق، يحتاج 14.6 مليون سوري على الأقل في جميع أنحاء سوريا إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك 6.9 مليون نازح سوري داخلي، ما يجعل العمليات الإنسانية في سوريا من أكبرها في العالم، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وخلصت دراسة أجراها البنك الدولي عام 2022، شملت 14 مدينة سورية، إلى أن الحرب تسببت في أضرار جسيمة بالبنية التحتية المادية منذ العام 2011، بما في ذلك أنظمة الري، وإمدادات الكهرباء، والمياه والصرف الصحي، والسكن، فضلا عن المرافق الصحية والتعليمية.

وبحسب تقديرات “برنامج الأغذية العالمي”، يعاني 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من 50 في المئة من السكان، من انعدام الأمن الغذائي حاليا، وهناك 2.9 مليون آخرون معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع.

كما أن الوصول إلى الرعاية الصحية والسكن المناسب معرض للخطر أيضا، إذ لا يتمكن آلاف النازحين السوريين من العثور على مأوى مناسب أو رعاية طبية.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حاليًا حوالي ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة، ما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لزيادة المساعدة الإنسانية.

وأوضح برنامج الأغذية أن زلازل 6 فبراير تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا وأصبحت أغلى 13 مرة مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات. وبالإضافة إلى تفاقم تضخم أسعار المواد الغذائية خلال 12 شهرًا، من المتوقع أن يستمر المسار التصاعدي.

المصدر: الحرة. نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى