أردوغان يدعو الأتراك إلى “الوحدة” بعد فوزه بولاية جديدة

تغلب على زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو بفارق ضئيل في انتخابات شهدت تنافساً حاداً. دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الإثنين إلى “الوحدة والتضامن” بعد فوزه بفارق ضئيل في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي مددت حكمه المستمر منذ عقدين حتى العام 2028.

وخاطب أردوغان مؤيديه الذين احتشدوا أمام القصر الرئاسي قائلاً “سنترك الخلافات السياسية جانباً وندعو إلى الوحدة والتضامن”، مؤكداً “ندعو إلى ذلك من كل قلبنا”.

وتأتي دعوة أردوغان بعد انتخابات شهدت تنافساً حاداً وأفضت إلى فوزه على زعيم المعارضة العلماني كمال كليتشدار أوغلو بفارق أربع نقاط مئوية في أول انتخابات إعادة رئاسية في تاريخ تركيا.

وتقاذف أردوغان ومنافسه الاتهامات خلال حملاتهما وخاصة حول “دعم الإرهاب” ونشر الأضاليل.

واعتبر أردوغان أن هذه الانتخابات هي “الأهم” في تاريخ تركيا الحديث وأن أحداً لم يخسر، مضيفاً “الفائز في هذه الانتخابات هي تركيا والديمقراطية وشعبنا بكل أطيافه”.

تعرض الرئيس التركي الأطول عهداً إلى اختبار غير مسبوق، ويُنظر إلى هذه الانتخابات على نطاق واسع على أنها الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية منذ إعلانها قبل قرن.

كليتشدار أوغلو يحذر من الصعوبات

شكل كليتشدار أوغلو تحالفاً قوياً جمع حلفاء سابقين لأردوغان وقوميين علمانيين ومحافظين. ونجح في 14 مايو (أيار) في الوصول إلى الدورة الثانية لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في تركيا.

لكن كليتشدار أوغلو لم يقر رسمياً بالهزيمة أثناء تلاوته بياناً مقتضباً أمام الصحافيين في أنقرة. وقال “إنني حزين للغاية في مواجهة الصعوبات التي تنتظر البلد”.

ولم تساهم تداعيات الزلزال المدمر في فبراير (شباط) والذي أودى بما لا يقل عن 50 ألف قتيل وشرد ثلاثة ملايين شخص، في تراجع شعبية أردوغان الذي تصدر نتائج الانتخابات في المحافظات المتضررة التي تعهد إعادة إعمارها بسرعة.

أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي يتزعمه أردوغان، فقد خسر مقاعد في البرلمان لكنه احتفظ بالغالبية مع حلفائه.

من جهته، عانى كمال كليتشدار أوغلو هزيمة رغم محاولته استقطاب مزيد من الناخبين في حملته للدورة الثانية من الانتخابات.

فقد غير الموظف الحكومي السابق تركيزه من الحديث على الوحدة الاجتماعية والحريات إلى الحديث أكثر عن الحاجة إلى إخراج المهاجرين من البلد ومكافحة الإرهاب.

واستهدف بذلك استقطاب ناخبي اليمين القومي الذين حققوا مكاسب في الانتخابات البرلمانية.

لكن شكك محللون في نجاح مناورة كليتشدار أوغلو، إذ إن تحالفه غير الرسمي مع حزب مؤيد لقضايا الأكراد يصوره أردوغان على أنه جناح لحزب العمال الكردستاني المحظور، تركه عرضة لاتهامات بالعمل مع “إرهابيين”.

كما لم تكن مغازلته لليمين التركي المتشدد مجدية بسبب التأييد الذي تلقاه أردوغان من المرشح القومي المتطرف سنان أوغان الذي احتل المركز الثالث في الدورة الأولى للانتخابات قبل أسبوعين.

التضخم سينخفض

وقال أردوغان في الخطاب الذي ألقاه بعد فوزه في جولة الإعادة إن التضخم هو القضية الأكثر إلحاحاً للبلاد، مضيفاً أنه سيتراجع في أعقاب خفض سعر الفائدة إلى 8.5 في المئة من 19 في المئة قبل عامين.

وقال أردوغان لأنصاره في قصره بأنقرة “نشيد اقتصاداً يركز على الاستثمار والتوظيف مع فريق إدارة مالية يتمتع بسمعة دولية”.

الإفراج عن دمرداش غير مطروح

من جانب آخر، أشار الرئيس إلى أن إطلاق سراح صلاح الدين دمرداش، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد غير ممكن في ظل حكمه.

ودمرداش مسجون منذ 2016 في انتظار محاكمته بتهم مرتبطة بالإرهاب ينفي ارتكابها.

ردود الفعل

في ردود الفعل الدولية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن إعادة انتخاب أردوغان تظهر دعم الأتراك “لجهودكم في تعزيز سيادة الدولة واتباع سياسة خارجية مستقلة”.

وكان العاهل السعودي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيسا إيران والجزائر وأمير قطر من بين القادة الذين قدموا التهنئة له في الشرق الأوسط. كما هنأه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بيان. وتلقى كذلك التهنئة من عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي.

وهنأ الرئيس الأميركي جو بايدن أردوغان على إعادة انتخابه قائلاً “أتطلع إلى مواصلة العمل معاً بصفتنا حليفين في الناتو بشأن القضايا الثنائية والتحديات العالمية المشتركة”.

وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تطلعه إلى “المضي قدماً” في رفع التحديات العالمية المشتركة، فيما أمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “تعزيز الشراكة الاستراتيجية” مع تركيا.

أما الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، فقد أشاد بـ”انتصار أردوغان الكبير والمستحق”.

بدوره، هنأ رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أردوغان بفوزه في جولة الإعادة.

وأكد سوناك مجدداً على العلاقة القوية بين المملكة المتحدة وتركيا كشريكين اقتصاديين وحليفين في حلف شمال الأطلسي، وفقاً لما ورد في بيان أصدرته الحكومة.

كما هنأ رئيسا المفوضية والمجلس الأوروبيين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مساء الأحد أردوغان على إعادة انتخابه.

وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عبر تويتر عن رغبتهما في “مواصلة تطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا”.

من جانبه، قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في تغريدة “أتطلع إلى مواصلة عملنا والتحضير لقمة الناتو في فيلنيوس في يوليو (تموز)”.

لم توافق تركيا والمجر على عضوية السويد في الحلف العسكري، وسيكون الموضوع مدرجاً على جدول أعمال القمة. والعلاقات معقدة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، لكن الأخيرة تظل شريكاً أساسياً للتكتل، لا سيما في ما يتعلق بالهجرة.

تركيا مرشحة رسمياً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن مفاوضات الانضمام التي بدأت عام 2005 متوقفة منذ عدة سنوات.

في هذا الصدد، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في رسالة إلى الرئيس أردوغان إن التكتل “مستعد للتعامل مع تركيا من أجل المضي نحو علاقة بناءة من أجل ازدهارنا واستقرارنا المشتركين على أساس الالتزامات بحقوق الإنسان وسيادة القانون والقانون الدولي والاستقرار الإقليمي، لصالح جميع مواطنينا”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى