الحلقة التاسعة: “البرنامج السياسي، وقفة حاسمة في حياة الحزب” 5/6
بعض المعالجات السريعة والخاطئة في البرنامج
في معرض رؤية هذه الوثيقة، لا بد من الإشارة إلى بعض النقاط التي جاءت فيها، وعبرت عن اتفاق أطراف الخلاف حولها، ولا نستدل على هذا الاتفاق من اعتبار وجودها في البرنامج السياسي. وإنما أيضاً من عدم تعرض المتجادلين لها. وهي نقاط تحتوي على ضعف شديد سواء في رؤية الوقائع وتحليلها، أو في تقدير أهميتها ومكانتها تكتيكياً واستراتيجياً، أو في تقدير دور الحزب ومكانه تجاهها، ورغم أن ملاحظات العلماء والسياسيين قد وقفت على بعضها، إلا أنه لم يلتفت إليها في كل الجدل الحاصل. سوف نقف عليها وقفات سريعة هدفها فقط الإشارة إلى موضع الخلل دون التوسع بذلك.
1ـ قضية لواء اسكندرون: حدد مشروع البرنامج السياسي الأهداف الكبرى التي تناضل الأمة العربية من أجل تحقيقها وجاء الهدف الرابع على النحو التالي.
- استعادة الأجزاء العربية المغتصبة مثل لواء الاسكندرون.
وإذا كنا لا نشك في حق هذه الأمة الثابت في كل قطعة أرض اغتصبت منها، فإن إيراد هذا الهدف على هذا النحو، وبهذا التحديد، لم يأت موفقاً، ولا متوازناً، وأيضاً جاء مبتوراً. فقد وضع كهدف رابع من أهداف الأمة العربية، فجاء متقدماً على هدف اقتصاد وطني مستقل، وتصفية نفوذ الرجعية، والعمل من أجل الوحدة العربية، وجاء تالياً لهدف تصفية آثار العدوان، وتصفية المؤسسات الصهيونية، والنفوذ الإمبريالي في وطننا، وهو بهذا الموقع يشير إلى أولوية غير سليمة واقعياً، كما قد يفهم منه أن استعادة هذه الأجزاء تتم بالطريقة نفسها التي يتم بها تحقيق الأهداف الثلاثة السابقة عليه، وملاحظات وآراء السوفيات حول هذه النقطة – وحول مجمل البرنامج – تشير إلى مدى الاهتمام الذي أولوه لهذا البرنامج، فقد توقفت هذه الملاحظات على هذا الهدف، ونقدته من منظور سياسي فيه الكثير من الصحة، يقول واضعوها:
“هل من الصحيح في هذا الوقت بالذات أن يوضع في المشروع إلى جانب قضايا ومطالب هامة جداً (ضد الاستعمار، ضد العدوان الإسرائيلي.. الخ) المطلب عن اسكندرون؟
– في وقت يجري فيه تحول حتى في اتجاه بعض بلدان السانتو، تركيا وإيران. هل من الصحيح وضع قضية اسكندرون، بينما تركيا تؤيدكم ضد العدوان الإسرائيلي؟
– ألم تستغل ذلك الأوساط الرجعية في هذه البلدان؟
ويبدو أن واضعي المشروع جعلوا هذا الهدف، في هذا الموقع، توافقاً مع الترتيب الذي أخذوا به لأهداف الحزب الشيوعي وهي: الحرية (التحرير والديموقراطية الشعبية)، والاشتراكية، والوحدة، دون الانتباه إلى أن الفارق ضخم بين قضية الأجزاء العربية المغتصبة، ومنها الاسكندرون، وبين قضية فلسطين وإزالة آثار العدوان، ومواجهة إسرائيل.
وجاء هذا الهدف مبتوراً. ففي حين تم تحليل كافة الأهداف الأخرى، ورسم طريق التفاعل معها، فإنه تجاه هذا الهدف بقي الأمر مجرد ذكر له.
إن ملاحظات السوفيات جاءت لتنبه إلى بعض النقاط حول هذا الموضوع، دون أن تتعرض إلى نظرة نقدية جادة فيه وواضحة أيضاً. فليس فقط من المنظور السياسي يأتي هذا الطرح في غير محله، وإنما أيضاً من منظور الأساليب في التعامل مع هذه المسألة، ومن منظور الموقع أيضاً. والعلاقة التاريخية بين تركيا المغتصبة لهذا الجزء، وبين الأمة العربية، وسوريا. إن الفارق واسع إلى درجة ينعدم فيها القياس بين قضية الاسكندرون، وأيضاً عربستان، وبين قضية فلسطين، وبين هاتين القضيتين وأمثالها، وبين قضية سبتة ومليلة، وما لم يؤخذ تاريخنا العربي الإسلامي بعين الاعتبار لا يمكن إدراك هذا الفارق، الذي إذ لا يمس الحق التاريخي للأمة، فإنه يؤثر على كافة المسائل الأخرى المعلقة بكيفية معالجة هذه القضايا.
2ـ تحليل الوضع الدولي: حيث ينطبع هذا التحليل بطابع تقليدي إلى حد كبير، ويبدو قاصراً عن استيعاب التغيرات الحاصلة في الحركة الشيوعية العالمية، وعلى الأخص على جبهة التطورات الفكرية، تلك الجبهة التي ميزت فيما بعد الأحزاب الشيوعية الأوروبية كلها – تقريباً – وفي المقدمة منها الحزب الشيوعي الإيطالي، والإسباني، والفرنسي، ولم يعد صحيحاً التمسك بمعيار التطابق مع الاتحاد السوفياتي، كدليل على صحة شيوعية هذه الأحزاب. ولم يعد صحيحاً استمرار القول بانحراف الصين عن الفكر الماركسي.
إن عبارات أخرى، وتوصيفات أدق يجب أن تعتمد في تحليل هذه الظواهر. وضعيف إلى درجة كبيرة القول “إن الأحزاب الشيوعية تملك عوامل ودوافع أساسية ثابتة لوحدتها” استناداً إلى كونها تملك اتجاهاً طبقياً واحداً، فهي طليعة الطبقة العاملة، وتلتزم بمصالحها الجذرية الشاملة، وتمتلك أساسها الفكري الواحد: النظرية الماركسية – اللينينية، ولها عدو مشترك: الإمبريالية العالمية، وهدف مشترك: بناء الاشتراكية”.
هذه الاتجاهات الخمسة: – الاتجاه الطبقي – الطليعية العمالية – الأساس النظري – العدو الواحد – الهدف الواحد – تحتوي على قدر واسع من الافتراض، وتخلص إلى نتائج لا تؤكدها المعاينة الموضوعية للواقع الملموس.
والمراجعة التاريخية لمواقف الأحزاب الشيوعية تبين أنها لم تكن دائماً تعبيراً عن اتجاه طبقي، وطليعة عمالية، وليس صحيحاً البتة أن هذه العناصر الافتراضية مضافاً إليها العدو الواحد، والهدف الواحد، والنظرية الواحدة، تشكل عناصر ودوافع أساسية للوحدة، إن الواقع لا يؤيد هذا الافتراض. ولا يجوز عملياً أن نسند كل الانقسامات في الصف الشيوعي على المستوى المحلي، وعلى المستوى الدولي إلى دوافع ثانوية. كذلك فإن الواقع يشير إلى أنه ينقص هذه العناصر عنصرين آخرين:
– فهم واحد أو مشترك للواقع الموضوعي: الوطني، والقومي، والدولي.
– وتحديد متفق عليه لطريق بناء الاشتراكية، وأساليب الوصول إلى هذا الطريق.
ولعله على أساس هذين العنصرين انقسمت الحركة الشيوعية، وقد لاحظ بعض المتجادلين هذه الحقيقة على مستوى الوطن العربي، فهذا “بدر الطويل” يلمس جوانب منها، وهو يتحدث عن وحدة الحزب فيقيم الخلاف الداخلي على عنصرين اثنين.
– من فهم ويفهم أكثر عمقاً واقع بلادنا وآفاقه.
– ثم كيف يمكن تطبيق الماركسية اللينينية على ظروف بلادنا.
ويضرب أمثلة على ذلك من انقسام الأحزاب الشيوعية في السودان، ولبنان، والأردن، حيث جاءت هذه الانقسامات نتيجة الاختلاف في كيفية التعامل مع الواقع العيني في أقاليمها.
إنه بدون نظرة خلاقة إلى الواقع المحيط بنا، لا يمكن لأي حزب، ولا لأي إيديولوجيا أن تثبت نفسها على أرضها، وأن تخلق لها كياناً قادراً على الفعل والتأثير، ولعله استناداً إلى هذه النظرة الخلاقة جاءت الشيوعية الأوروبية للتحدث عن “الكتلة التاريخية”، وتحالف أصحاب الياقات “الزرق والبيض”، والطريق الديموقراطي للاشتراكية، وغير ذلك مما يعكس رغبة هذه الأحزاب وحاجتها في رؤية مبدعة لواقعها ومجتمعها.
3ـ تقدير دور ومكانة الأحزاب الشيوعية العربية: ويحتوي القسم الخاص بحركة التحرر العربي تقديراً يبدو فيه عنصر التضخيم ولو الحذر لدور الأحزاب الشيوعية في هذه الحركة تاريخياً وحاضراً.
فمن الناحية التاريخية يقول البرنامج:
“إن الشيوعيين العرب قد أسهموا إلى جانب القوى الوطنية التقدمية الأخرى بأشكال مختلفة سياسياً وفكرياً، وعملياً من خلال نشاطهم في النضال الوطني والاجتماعي، ونشرهم أفكار الاشتراكية في إقامة الأنظمة الوطنية التقدمية، وفي حمايتها، والدفاع عنها، وإغناء محتواها”.
وقد كشفت ملاحظات العلماء والسياسيين كيف أنهم يربطون بين تحالف “سلطة البرجوازية الصغيرة، الديموقراطية الثورية” مع الحزب الشيوعي، وبين استكمال مهمات طريق التطور اللارأسمالي” ويجزمون بأن بناء الاشتراكية لا يكون إلا بقيادة الطبقة العاملة، والحزب الشيوعي.
إن هذا التحديد في قسمة الأول يغفل حقيقتين لابد من ذكرهما:
أما الأولى: فهي أن الأحزاب الشيوعية إذ ساهمت إيجابياً في بعض الحالات والأوضاع الوطنية، فإنها ساهمت سلبياً في أوضاع وحالات أخرى، ولم ينحصر هذا التناقض في المساهمة في الساحة العربية، وإنما هذه الملاحظة واردة على الساحة الدولية – مثال كوبا -. إن موقف الحزب الشيوعي الجزائري من ثورة التحرير الجزائرية، والحزب الشيوعي العراقي من نظام الحكم الديكتاتوري والشعوبي في العراق أيام عبد الكريم قاسم، والأحزاب الشيوعية العربية عموماً، ومنها الحزب الشيوعي السوري من الوحدة، والانفصال، وقضية فلسطين، أمثلة واضحة على ذلك جاء البرنامج على ذكر بعضها.
وأيضاً فإن المعارك الرئيسية التي تشكل نقاط علام، ومنعطفات حاسمة في تاريخ المنطقة العربية كانت غالبية الحركة الشيوعية العربية غائبة عن أجزاء منها: ثورة 23 يوليو والتحولات الاجتماعية الرائدة – حيث كانت الكتل الشيوعية المصرية مع عودة الديموقراطية الرجعية خلال أزمة مارس 1954، ولعب بعضها نفس الدور مع السادات حينما طرح ديموقراطيته الجديدة في مطلع السبعينات – ومعركة السويس، وثورة الجزائر، وحركات التغيير في سوريا والعراق، واليمن، وحركات المقاومة الفلسطينية، ومعارك العمل الوحدوي.
وأما الثانية: فإن هذا التحديد لا يشير أية إشارة إلى تأثر الأحزاب الشيوعية بطروحات ومعارك الأمة التي خاضتها تحت ما تسميه الوثيقة “قيادة البرجوازية الصغيرة الثورية” وهو تأثر بالغ العمق لا نراه فقط فيما طرح في مؤتمر الحزب الشيوعي السوري الثالث. وفي تبنيه لأهداف النضال العربي: الحرية، الاشتراكية، الوحدة، وإنما قبل ذلك في حل الحزب الشيوعي المصري، وفي عملية الهرولة للحاق بالحركة الثورية الجزائرية. بعد أن ثبتت الثورة أقدامها، وفي مجمل الانقسامات التي شهدتها الحركة الشيوعية العربية.
أما في قسمه الثاني من هذا التحديد، حيث ضرورة أن يكون الحزب الشيوعي حليفاً للسلطة الثورية الديموقراطية كشرط لتثبت هذه السلطة في طريق التحول اللارأسمالي. فإن الواقع لا يثبت صحة هذا الشرط، والمثلان المتناقضان على عدم صحة هذا الشرط: الجمهورية العربية المتحدة زمن جمال عبد الناصر، والعراق زمن عبد الكريم قاسم.
يبقى أن نقول إن الحديث عن قيادة الحزب الشيوعي، والطبقة العاملة للمجتمع والدولة، حتى تدخل هذه ميدان الاشتراكية فرض ليس إلا.
وإذا كانت الردات الحاصلة في البلدان المتحررة دليلاً على خلل ما في القوة الاجتماعية التي تقود هذه البلدان، فإن هذا الخلل أعقد من أن يفسر فقط بوجود البرجوازية الصغيرة، ولا يقع فقط على عاتق تلك القوة الاجتماعية. وإنما يفترض أن نبحث عن دواعيه عند كل القوى التي ترفع شعار التغيير الاشتراكي.
4ـ القصور في الرؤية القومية: رغم المقاطع الرائدة التي تحدث عن الأمة العربية، وعن الاتجاه التاريخي لوحدتها، وذلك الكشف المبدع للعلاقة الجدلية بين الاشتراكية والوحدة. والتي تعززت بالأبحاث والمداخلات التي قدمها قادة الحزب، وعناصر التوجيه الرئيسية فيه: “ظهير عبد الصمد، عمر قشاش، بدر الطويل، أحمد فائز الفواز”، والتي أشار إليها آخرون، فإن هذه كلها بقيت قاصرة عن الإمساك بالناظم الوحدوي، رغم أن أصحابها وهم يتحدثون عن الاشتراكية، وعن الحركة الشيوعية أمسكوا بشدة – وفق اعتبارهم – بالناظم الشيوعي.
إن التقرير كله يتحدث عن إمكانية اجتياز طريق التطور اللارأسمالي بقيادة قوى “الديموقراطية الثورية “، ويربط ربطا محكما بين هذه الاشتراكية والوحدة، لكنه لا يفسر الصراع العنيف بين هذه القوى على قضية الوحدة، وهو يدين الموقف الذي اتخذه الحزب الشيوعي نفسه إلى جانب الانفصال، وتعيد المداخلات مسببات هذا الموقف إلى عناصر محددة، لكنه لا يكشف لماذا جرثومة ” الانفصالية ” سرت في جسم أحزاب قومية اشتراكية مثل حزب البعث وحركة القوميين العرب.
وملاحظات الزعماء والسياسيين تشير إلى مقدار ما في سلطة 23 شباط / فبراير في سوريا من خلل واضح إزاء قضية إزالة آثار العدوان، ويقيمون موقفها تقييما سلبيا حيث يعتبرونه يبغي المحافظة على حالة اللاحرب واللاسلم، وهي حالة لصالح العدو دائما، وأيضا موضوع التنمية حيث يوضحون كيف تسير الأمور ـ ولو في بعض اتجاهاتها ـ بشكل غير عقلاني، بل كيف ترفض اقتراحات اقتصادية يقدمها الخبراء السوفييت تزيد من مجالات التعاون الوحدوي بين هذه السلطة ومصر، لكن هذه الملاحظات القيمة ستبقى في إطار ضرب الأمثلة دون محاولة للربط بينها واستخراج الأسباب.
إن ظهير عبد الصمد يلاحظ أنه ” ليس من الصدفة أن محاولات الوحدة في السنوات الأخيرة قد تمت أولا بين مصر وسوريا ” وإذ يستنتج من ذلك ارتباط قضية الوحدة بالوضع التحرري، فإنه وفق هذا الاستنتاج كان عليه أن يلاحظ أن هناك أقاليم عربية تعيش ـ وفق المنظور الشيوعي ـ حالة تحررية ، ومع ذلك لم تحدث محاولات وحدة بينها، أو بينها وبين مصر وسوريا، بل شكلت محورا مضادا للعمل الوحدوي عاد بالأذى على حركة التحرر كلها، إن معالجة المسألة هذه لم تسترع انتباهه، رغم أنها ظاهرة متكررة في التاريخ الوحدوي، وفي العصر الحديث فقط فإن هناك أربع محاولات وحدة قامت، وكانت مصر محورها الدائم، وكانت سوريا أداة فعل مستمر فيها، وخارج هذه المحاولات فإن كل شيء كان باهتا:
** الوحدة السورية المصرية زمن محمد علي،
**والوحدة السورية المصرية زمن جمال عبد الناصر،
** والاتحاد الثلاثي “المصري السوري العراقي”، زمن جمال عبد الناصر، **والاتحاد الثلاثي “المصري السوري الليبي” غداة وفاة جمال عبد الناصر.
ولحظ أيضا عدد من المتحاورين دور الحزب الشيوعي الروسي في إقامة الاتحاد السوفياتي، ومع ذلك فإن هذه الملاحظة لم تعكس أثرها في رؤية الحزب للناظم الوحدوي، اللهم إلا في التأكيد على ضرورة وجود حزب شيوعي عربي موحد، وهو تأكيد مهم جدا في العملية الوحدوية، لكنه غير كاف.
لقد غاب عن هؤلاء جميعا رصد دور مصر في العملية الوحدوية، وفي الحركة التقدمية التحررية العربية، وكان هذا الغياب جزءا من الحقيقة التي يمكن تلخيصها بالقول:
” إن القضية القومية ليست أفكارا ونظريات فقط، وإنما هي منهج وقوانين في رؤية الأمة، وفي رؤية طريقها في التوحد، وما لم يتوفر هذا المنهج، وما لم نعرف ونلتزم هذه القوانين فإن الموقف القومي يبقى دائما مثلوماً “.
إن هذه الملاحظات الأربع التي أوردناها على مشروع البرنامج السياسي ـ رغم الأهمية التي نوليها ـ لا تقلل من المكانة التي يجب أن يوضع فيها هذا المشروع، ولعل الحزب الشيوعي كان بحاجة إلى فترة لاحقة من النمو الطبيعي، يطرح فيها برنامجه هذا على القوى الصديقة، وعلى الجماهير، فيغتني بالحوار العلني، وتزداد النقاط الإيجابية رسوخا، وتذبل وتتلاشى النقاط السلبية، وتستكمل النقاط الناقصة، لكن كما هو واضح في تاريخ الحزب أنه لم تتح أمامه الفرصة حتى يجري التفاعل المطلوب داخليا وخارجيا مع هذا البرنامج، فقد صممت القوى المتضررة من هذا البرنامج داخل الحزب على شقه، ولم تُجد كل المحاولات التي بذلت لتجنيب الحزب هذا المصير، وانقسم الحزب الشيوعي. ورغم الأغلبية التي وقفت مع هذا البرنامج وفي مؤسسات الحزب كلها، وهي أغلبية ساحقة، فإنها لم تستطع لا أن تحبط الانقسام، ولا أن تمنع أو تتجاوز الآثار السلبية الضخمة التي تبعت هذا الانقسام.