قراءة في كتاب: داخل سورية. (٤)

أحمد العربي

  • لماذا تدعم إيران النظام السوري.

يتحدث الكاتب عن العلاقة الإيرانية مع النظام السوري، وكيف كانت علاقة النظام السوري مع إيران علاقة زواج مصلحي منذ الثورة الإيرانية ١٩٧٩م، وكيف كان للخلفية الطائفية الشيعية العلوية للنظامين دور غير معلن في ذلك، وكذلك ادعاء النظام السوري وإيران عداؤهما لأمريكا واسرائيل، ووقوف النظام الى جوار إيران في حربها ضد العراق لثماني سنوات متواصلة، وكذلك الدعم الاقتصادي من إيران للنظام السوري سواء بالنفط المجاني أو السعر التفضيلي،  وكذلك تحالف إيران والنظام السوري في وجود وبناء ودعم حزب الله في لبنان لعقود بحيث أصبح أداتهم الفاعلة في لبنان وفي جوار (اسرائيل) وفي مواجهتها، حزب الله الذي سيكون حليفا مهما للنظام ودوره المؤثر في مواجهة ثورة الشعب السوري، والمعين له لاستعادة السيطرة على كثير من مناطق الثوار فيما بعد. لذلك يعتبر النظام الإيراني أن النظام السوري امتداد له ولسياسته في الإقليم وأن سقوطه هو سقوط لحضوره وانكفائه إلى داخل ايران، نعم إيران ممتدة في سورية ولبنان والعراق ودول الخليج ولاحقا في اليمن، كل ذلك وللنظام السوري دور فاعل فيه، بين النظام السوري وإيران حلف استراتيجي  غير قابل للسقوط، وأن سقط ضعفت إيران وضعف النظام وقد يؤدي مع عوامل أخرى إلى سقوطهما.

 

  • هل سينال الأكراد مرادهم؟.

يعود الكاتب في قراءة حالة أكراد سورية الى البحث في الموضوع الكردي في المنطقة عموما إلى نهاية الحكم العثماني، حيث تم تقسيم مناطق تواجد الأكراد بين الدول الناشئة حديثا في المنطقة وفق معاهدة لوزان التي أعطت جزء من مناطقهم للدولة التركية وكذلك الدولة العراقية والدولة السورية وايران، منذ ذلك الوقت والكرد يعيشون معضلة عملهم للحصول على دولتهم القومية، وعدم قدرتهم على ذلك، لعدم مساعدتهم من القوى الدولية، بل وقوعهم ضحية الاستخدام السياسي من هذه القوى الدولية والاقليمية، أو ضحية مصالحها ومخططاتها، فمنذ جمهورية مهاباد الكردية في بداية القرن الماضي في المناطق الكردية في ايران، التي ساعدها السوفييت بداية ثم تركها ضحية بين يدي السلطات الايرانية التي أسقطتها بالعنف، تكرر المشهد ذاته منذ ذلك الوقت، وليس آخرها رفض استفتاء شمال العراق على الاستقلال وبناء الدولة الكردية وفشله. في سورية الأكراد لديهم مظلومة منذ ستينات القرن الماضي حيث لم يسجل منهم في التعداء حوالي ستين ألف إنسان، سيصبحون في الوقت الحاضر ربع مليون إنسان، وبعد ذلك يطالب الاكراد السوريون عبر أحزابهم الكثيرة بالاعتراف بهويتهم القومية الكردية، وأن ارتضوا ان يكونوا جزء من الدولة  السورية، وكيف استغل حافظ الأسد واقع الأكراد ودعم تشكيل حزب العمال الكردستاني على يد عبد الله أوجلان، وجعل قضيتهم النضال العسكري ضد الأتراك من أجل أن يحصلوا على دولتهم، مستفيدا من توجيه طاقتهم خارج سورية، ولأجل ازعاج الأتراك والضرر بهم، ومن أجل مساومتهم على لواء اسكندرون، لكن الأتراك سيقررون في ١٩٩٠محاربة سورية، ليقرر الأسد التخلي عن ورقة الاكراد وطرد اوجلان ومن ثم اعتقاله وحبسه مدى الحياة في تركيا، الأكراد في سورية ليسوا كلهم أنصار حزب العمال الكردستاني، هناك احزاب تسير على نهج أكراد العراق البارزاني والطالباني، يختلفون مع النظام السوري، كانوا في مرحلة سابقة جزء من إعلان دمشق الوطني الديمقراطي الذي تأسس بعد ربيع دمشق بعد استلام بشار الأسد الحكم عام ٢٠٠٠م، ويطالبون بحقوق ثقافية وتعلم لغتهم في المدارس واللامركزية وحكم ذاتي لهم، كل ذلك بنسب متفاوتة، لكن ضمن الدولة السورية، احس الأكراد مظلوميتهم في مرحلة حكم بشار الأسد عندما تم قتل بعض شبابهم على يد الأمن بعد مباراة بكرة القدم بين شباب دير الزور وشباب مناطقهم، وحاولوا أن يتظاهرون احتجاجا في ٢٠٠٤ فكان نصيبهم القتل والاعتقال والسجن والمحاكمات. عندما حصل الربيع السوري كان شباب الكرد مشاركين في الحراك الثوري، تحفظت الأحزاب التقليدية، وقف حزب الاتحاد الديمقراطي فرع ال ب ك ك في سورية مع النظام السوري، بينما شارك الشباب في التظاهر ملتفين حول مشعل تمو، تيار المستقبل الكردي الذي مثل التيار الاقوى بين الأكراد السوريين، لكن النظام سيقتل مشعل تمو اغتيالا ويضعف تياره، ويعود صوت الأحزاب التقليدية للارتفاع مطالبين الأكراد بتجنب الصراع مع النظام، وأنها ليست معركتهم، رغم كونهم التحقوا بالمجلس الوطني السوري باسم المجلس الوطني الكردي مطالبين زيادة عن مطالب الثورة السورية باسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطية، مطالبين بحقوقهم الثقافية واللغوية والحكم الذاتي. كان النظام قد قرر أن يلعب مع الثورة السورية لعبة العنف الأعمى، و الاستفراد بالشعب السوري مدعيا بأن هذه الثورة هي عمل السنّة المتطرفين الإرهابيين الذين يستهدفون كل المختلفين عنهم، لذلك هادنت الأقليات الدينية والطائفية، واستجابة لمطالب الأكراد، أعطى النظام الجنسية لربع مليون كردي تقريبا، وعندما زاد امتداد الثوار على الأرض اكثر، بدء يسّلم النظام المناطق الكردية لجماعة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي فرع ال ب ك ك في سورية، يسلمهم السلطات والسلاح ويجعلهم القوى المسيطرة على الأرض، واستثمر النظام هؤلاء في إعادة تفعيل صدام حزب العمال الكردستاني الـ ب ك ك مع الدولة التركية، التي اعتبرها النظام من أهم الدول الداعمة للثورة والثوار السوريين. تركيا ستجد نفسها مجددا أمام معضلة عمل مسلح يقصد ضرب وحدتها الوطنية الداخلية، وامتداد خارج الحدود يصنع شبه دولة معادية محاذية لتركيا، وتعتبر ذلك خطا أحمرا يمس الأمن القومي التركي، وتعلن الحرب عليه. ومما يزيد موضوع الأكراد تعقيدا، هو اعتماد الأمريكان على الفرع السوري لل ب ك ك في حربهم ضد داعش، وتقدم لهم المال والعتاد ويصل تعدادهم لعشرات الآلاف، وهذا ما تعتبره تركيا تهديدا لأمنها القومي وسببه حليفتها أمريكا، أنه موضوع خلافي ما زال حيا بين أمريكا وتركيا للان. لكن القضية الكردية عموما والأكراد السوريين، لم يستطيعوا للان ان يتجاوزون كونهم أدوات في خطط الآخرين دوما، وضحاياها ايضا، عبر مئة سنة الاكراد يتكرر معهم وعليهم ذات الواقع ويقعون في ذات المطبات ويحصلون على ذات الهزائم والتضحيات التي تزيد جراحهم ولا تقربهم من حقوقهم أبدا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى