في مشاهد غير مسبوقة: نتنياهو يصل المطار تهريباً بمروحية وأوستن لم يتمكن من التنقل. أجمع الإسرائيليون على وصف اللقاء الذي عقد بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس الخميس، باللقاء المحرج والمسيء إلى صورة إسرائيل، بعد أن اضطر أوستن إلى اقتصار زيارته على ساعات عدة، واختصار اللقاءات على نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، بسبب تظاهر آلاف الإسرائيليين حول منطقة مطار بن غوريون تزامناً مع وصوله، إذ لم يتمكن من التنقل لإجراء اللقاءات التي كانت مقررة له.
وزاد الإحراج عندما اضطرت أجهزة الأمن إلى خداع المتظاهرين وتهريب نتنياهو وزوجته سارة من بيتهما إلى المطار عبر مروحية تابعة للشرطة لتتعالى الصرخات ضد الحكومة وسياستها. وفي المطار، عقد نتنياهو لقاءه مع أوستن الذي غادر إسرائيل على الفور فيما توجه نتنياهو إلى إيطاليا، في زيارة كانت مقررة مسبقاً.
ما يحدث كارثة
ما شهدته إسرائيل دفع بالرئيس إسحاق هرتسوغ إلى مخاطبة الجمهور، واصفاً مشاهد هذا اليوم بـ”الكابوس”، قائلاً “لم يعد بإمكاني رؤية كيف يتمزق شعبنا أمام عيني، ما يحدث هنا كارثة”. ودعا هرتسوغ إلى العمل على تعديل خطة الإصلاح الحكومية “نحن بحاجة إلى سياسة تضع المواطنين فوق كل شيء، الاستماع إليهم واحترامهم، نحن في نقطة اللاعودة”، مضيفاً “الخيار أمامنا واحد، فإما إيجاد حل وإما تحل علينا كارثة”. وتوجه إلى نتنياهو قائلاً “إذا اخترت الاستمرار في المسار الذي اتبعته حتى الآن، فإن الفوضى بين يديك. التاريخ سيحكم عليك، ولذلك عليك تحمل المسؤولية فوراً”.
منع إيران نووية
حديث هرتسوغ جاء بعد ساعات من مغادرة أوستن الذي وصل إسرائيل في ذروة أعمال الاحتجاج، وبثت التظاهرات التي انتشرت في مختلف أرجاء البلاد عبر شاشات التلفزيون في غرف الاجتماعات، ليستغل نتنياهو المشاهد ويصعد تحريضه ضد المعارضة بقيادة يائير لبيد وبيني غانتس أمام ضيفه الأميركي الذي ركز في لقاءاته مع نتنياهو وغالانت على موضوعين رئيسين: الفلسطيني والإيراني.
وفي الملف الفلسطيني حذر أوستن من أخطار استمرار الوضع الأمني المتدهور في الضفة الغربية. وطالب بالعمل على تهدئة الوضع مع تأكيده ضرورة وقف الإجراءات أحادية الجانب ومنع تقويض حل الدولتين، وأعرب الضيف الأميركي عن معارضة واشنطن بشدة الأعمال التي قد تؤدي إلى انعدام الأمن.
أما في الملف النووي الإيراني فطمأن أوستن الإسرائيليين بعدم سماح واشنطن لطهران بالحصول على أسلحة نووية.
وتجاوب أوستن مع مطلب نتنياهو بما يتعلق بالتعاون في مواجهة ما سماها الأخطار الإيرانية على إسرائيل، واتفق الطرفان على زيادة التعاون لمواجهة الخطر الإيراني الذي طرحته تل أبيب.
أمن إسرائيل غير قابل للتفاوض
وفي لقاء صحافي عقده أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، شدد على ضرورة عدم تقويض حل الدولتين، قائلاً “ستواصل واشنطن دعم جهود تطبيق حل الدولتين ومنع العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، غير أنه أضاف أن “أمن إسرائيل غير قابل للتفاوض وحجم المساعدات التي تقدمها واشنطن يؤكد عمق الالتزام بأمن تل أبيب”. وأوضح أن الملف الإيراني تصدر نقاشاته. وشدد الوزير الأميركي على أن “الدبلوماسية هي أفضل الطرق لمنع إيران من حيازة سلاح نووي”، وهو تصريح أثار ردود فعل لدى الإسرائيليين الذين اعتبروا أن الدبلوماسية باتت وسيلة غير ناجحة مع إيران.
من جهته، أكد غالانت أن تل أبيب وواشنطن تقفان جنباً إلى جنب، “وأن التهديد النووي الإيراني يتطلب أن نكون مستعدين لأي مسار للرد”. وشدد على أن “العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة تتجاوز المصالح”.
يشار إلى أن الاحتجاجات أدت إلى تأخير موعد وصول أوستن إلى إسرائيل الذي كان مقرراً الأربعاء.
يوم مناهضة الديكتاتورية
وصول وزير الدفاع الأميركي جاء تزامناً مع احتجاجات انطلقت تحت عنوان “يوم مناهضة الديكتاتورية”، إذ شارك عشرات الآلاف في تظاهرات أدت إلى إغلاق طرق رئيسة في جميع أنحاء إسرائيل وإلى فوضى غير مسبوقة، ونشرت الشرطة أكثر من ثلاثة آلاف من عناصرها في مختلف البلدات والشوارع الرئيسة وبأمر من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
ووقعت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين استخدمت خلالها الشرطة الخيول لتفريق المحتجين، الذين رفضوا، بعد اعتقال العشرات منهم، شرط الإفراج عنهم بالتوقيع على تصريح يعلنون فيه عدم مشاركتهم بالتظاهرات. وكان من بين المعتقلين سبعة من جنود الاحتياط.
وفي احتجاج هو الأول من نوعه، شاركت وحدة من سلاح البحرية في تظاهرة في ميناء حيفا أغلقت خلالها الميناء وهددت بتكثيف مثل هذا النشاط الذي من شأنه شل عمل الميناء.
فصل عقيد احتياط
وفي خطوة استثنائية، قرر الجيش فصل طيار برتبة عقيد يخدم في قوات الاحتياط التابعة لسلاح الجو، وهو أحد قادة احتجاج الطيارين الذي أعلن رفض الامتثال للخدمة، وجاء في بيان للجيش أن “قائد سلاح الجو تومار بار اجتمع مع العقيد الذي تم فصله قبل اتخاذ القرار وحذره من الاستمرار بما اعتبره تحريض جنود وضباط الاحتياط على رفض الخدمة”، وبحسب البيان أيضاً “مع انتهاء الاجتماع، أبلغ قائد سلاح الجو العقيد بعدم تمكنه من الاستمرار في خدمة الاحتياط حتى إشعار آخر، نتيجة سلوك الأخير بشكل لا يتلاءم وتوجيهات قائد سلاح الجو، وبصورة لا تتوافق مع مركزه ورتبته كضابط”.
الهدف إسقاط الحكومة
وقبل توجهه إلى إيطاليا، قال نتنياهو إن حكومته تحاول “التوصل إلى تفاهمات في شأن الإصلاح القانوني”، مضيفاً “قوبلت كل المحاولات برفض كامل واستمرت المحاولات لدفع البلاد نحو الفوضى”. واعتبر نتنياهو أن الاحتجاج يندرج ضمن خطة “لإسقاط حكومة انتخبت ديمقراطياً قبل أشهر، وإجراء انتخابات سادسة. وسنبذل قصارى جهدنا لمنع تعطيل حياة مواطني إسرائيل”.
المصدر: اندبندنت عربية