قال مدير الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، رائد الصالح، إنّ السوريين شعروا بالوحدة والتخلي عنهم من أغلب الدول ما قبل الزلزال، وسورية كانت تحت الأنقاض منذ سنوات، مضيفاً أنّ العديد من الجرحى ما زالوا ينتظرون دورهم لتلقي العلاج من الإصابات المعقدة للغاية التي حدثت بعد الكارثة، وأهمها متلازمة الهرس التي تحتاج إلى عناية طبية فائقة في ظل نقص الطاقم الطبي والإمدادات الطبية.
وقد جاء حديثه في حوار خاص، في الوقت الذي يخفت الحديث إعلامياً عن الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا في 6 فبراير/ شباط الجاري، ويكثر النقاش عن مؤتمر للمانحين في بروكسل في مارس/ آذار المقبل، دون معرفة من هم جميع الشركاء والمستفيدين، وأيضاً عن دعم دولي للمجتمع المدني السوري المعارض وسط مخاوف من توجه أغلبه إلى مؤسسات الأمم المتحدة.
كيف سيترجم الدعم الدولي لمصلحة السوريين؟
عندما ننظر إلى حجم الكارثة بعد الصدمة، نعرف جيداً أن الأمر لن يكون سهلاً أبداً، عملنا ليس فقط في الاستجابة الطارئة وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، الآن بدأ العمل الحقيقي، هناك جمر تحت الرماد بدأ يظهر الآن، لم تقتصر تبعات الزلزال المدمر على الضحايا والمصابين، بل امتدت آثاره لتشمل مختلف نواحي الحياة، من مسكن وتعليم وصحة وخدمات، وفقدان عشرات آلاف العوائل منازلها، واحتياجات هائلة للسكان بعد فقدانهم مصادر رزقهم، ودمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف الصحي في الكثير من المناطق، ما يزيد احتمالية تفشي الكوليرا.
بالنسبة لنا الدعم سيساعدنا في متابعة أعمالنا في رفع الأنقاض، والمساهمة في جهود التعافي للمجتمعات المحلية، وتجهيز مخيمات الإيواء كذلك وتأهيل البنية التحتية المدمرة وشبكات المياه وخدمات الإصحاح وتقديم الرعاية الطبية للمصابين.
شمال غربي سورية أصلاً منطقة هشّة يعيش فيها نحو مليوني مهجر قسراً، أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر، فرقنا لم تتوقف عن تقديم الخدمات، والآن تضاعفت الحاجة، أهم ما يجب أن نفكر فيه هو كيفية تحقيق الاستدامة وليس فقط الاستجابة الطارئة، إذ إن الاستدامة لا يمكن أن تتحقّق إلا بالتعافي وتأهيل البنية التحتية.
هل يمكن أن تكون الكارثة تحت السيطرة؟ خاصة في ظل الدعم والمساعدات الجديدة؟
لا يمكن لأي دولة أن تواجه أي كارثة طبيعية منفردة، المجتمع الدولي يتحرك ويقدم دعمه على المستويات كافة، التكافل يكون دون أي تسييس….لكن يجب أن نعترف أن الكارثة وآثارها أكبر بكثير من القدرة، إنها طويلة الأمد وتحتاج إلى جهود كبيرة أممية ودولية، وهو ما نتمنى أن يحصل ودون أي تسييس.
هل الزلزال هو السبب الرئيسي للأوضاع الصعبة التي يعيشها السوريون، أم أنه كشف عن حجمها فقط؟
يجب أن يعرف العالم أجمع أن سورية تحت الأنقاض منذ 12 عاماً، وليس فقط في فترة الزلزال، لقد شعرنا بالوحدة والتخلّي عنا من أغلب الدول، منذ أن غضّ العالم النظر عن قيام نظام الأسد وروسيا بإلقاء البراميل المتفجرة والغارات الجوية والأسلحة الكيميائية على الأحياء السكنية، ما أدى إلى انهيار المباني فوق رؤوس المدنيين وقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، لم يدمّر الزلزال شمال غربي سورية فقط بالحجم الذي أحدثه لأنه كان زلزالاً كبيراً، بل تضاعفت آثاره لأنها جاءت بعد أكثر من 12 سنة من الحرب على السوريين.
البنية التحتية متهالكة، عشرات آلاف المباني متصدعة من الغارات الجوية لنظام الأسد وروسيا، ويشعر الناس في شمال غربي سورية بالتخلي عنهم بشكل خاص بعد هذا الزلزال، إلى حد كبير.
الكثير من المنظمات والدول كانت تتحجج سابقاً بأن الوضع في سورية معقد جداً ومسيس، لكن ما هو عذرها الآن بعد كارثة طبيعية غير مسبوقة؟… للأسف كثيرون لم يضعوا السياسة جانباً.
ماذا أيضاً عن الجرحى والمصابين بمتلازمة الهرس في ظل هذه الظروف؟
كان نحو مليوني شخص يعيشون في مخيمات التهجير القسري قبل الزلزال المدمّر، وقد زادت الكارثة من المعاناة. أصبح المزيد من السكان الآن مشردين، بلا مأوى وبدون إمدادات طبية للناجين. ينتظر العديد من الجرحى دورهم لتلقي العلاج من الإصابات المعقدة جداً التي حدثت بعد الزلزال، وأهمها متلازمة الهرس التي تحتاج إلى عناية طبية فائقة، لكن هناك نقصاً في الطاقم الطبي والإمدادات الطبية.
إن السوريين بحاجة ماسة إلى كل شيء. وبالدرجة الأولى إلى أن يوقف نظام الأسد وروسيا القصف والهجمات القاتلة، وأن يعودوا إلى ديارهم بأمان وكرامة، وإلى حل سياسي حقيقي يحاسب فيه النظام الذي ارتكب الجرائم، وأن يطلق سراح السجناء في أقبيته. باختصار هم بحاجة للعدالة.
يذكر أن متلازمة الهرس، وتسمى أيضاً متلازمة الانحلال العضلي الرضي، تنتج عن أي ضغط تتعرض له الأطراف لفترة طويلة تفوق 12 ساعة، ما يؤدي إلى انقطاع الدورة الدموية على مستوى الأنسجة، ويكون المصاب في الوقت ذاته عرضة للإصابة بمشكلات في القلب والكلى تُهدد حياته. وفقاً لتصريحات سابقة لاختصاصي الجراحة العظمية طارق مصطفى لوكالة “فرانس برس”.
المصدر: العربي الجديد