حكم البابا مرّ إلى رحمة الله||  الاشكالي بامتياز

حسان عزت

الشاعر المتمرد الصارخ المشاغب الواقف وحده على يسار الجميع، مع الثورة وناقدها وناقد معارضتها، والنافذ والناقد المر المعارض ضد نظام ابادة واجر..ام حكم البابا.

ضد الجميع ويهاجم الجميع، ولا يستمر طويلاً في صداقة او العلاقة مع احد، وكل اشكالات الخلاف معه ستكون بسبب طرفه ومواقف الشخصية وكتاباته المحكومة بالاثارة، والتطرف والاستفزاز ليقول انا هنا اكرهوني وارهبوني وثوروا علي، وفي اعماق كتاباته فهي تدخل في الاختلاف ووجهات النظر المقاتلة، ورغم صداقة بعيدة ربطتني به قبل اشتغاله بالصحافة، واثر اصداره لمجموعته الشعرية الخاطفة واللافتة (مر من هنا) وكتابتي عنها وترحيبي بها والتي اأعتبرها اهم بكثير من عشرات المجموعات التي صدرت في وقتها وبعدها، وتتالت بعدها مجموعاته ( سورة ريم )، وغيرها، وسأعتبر شعره وشاعريته أهم بما لايقاس من شعراء يسراويين وشعاراتيين خرجوا من كم الشاعر محمد الماغوط، ولم يخرجوا منه، وبقوا في سطوح اللغة والشعر، ولو رفعوهم تطهريا حتى اعلى من رامبو، لكنها امية الذوق والتكلس وديماغوجيا السياسة والحزبية، وقد لعب هو حكم بمواقفه المتطرفة المشاغبة دورا في ألّا تقرأ تجربته الشعرية بعمق ونقدية مكافئة لها وتستحقها ، هو الذي عادى الجميع، ولم يترك له في الساحة الا اصدقاء عددا..فقد كان متطرفا ومغاليا في كل شيء ويريد الشهرة كيفما كان.

رغم كل ذلك لم أكن في وفاق او مسالمة معه ابدا، وكأننا ضدان.. لا في عمله في الصحافة ولا في جولاته الشعرية التظاهرية الغوغائية، ولا في فضائحه الصحفية التي تقوم على الاستبطانية والوقيعة والتي روج لها صحفيون ارادوا الصحافة صحافة فضائح وإثارات، وشعبويات سطحية مولفة بتحقيقات السطو والوقيعة، ولم اكن من انصارها ولا ضحاياها عمري، حتى يضعني احد في موضع العداء والثأرية والشماتة..

وحتى بعد الثورة واحتفالية قطر الشهيرة بالثورة السورية، والتي شاركت بها بترشيح منه ومن غيره، فصوتي الشعري وقصائدي عن الثورة كانت على السنة الناس وقتها، وتذاع يومياً من محطات مختلفة اورينت وبردى والجزيرة وغيرها، رغم تلك الدعوة ولقائي به في قطر الا انني اختلفت معه طريقته المخفرية وهيمنته على كثيرين ممن شاركوا، وكدت اترك المنصة الشعرية وارجع، لأنه اراد تلك الأمسية بترتيبه الحاد والمهيمن، وخرجت عن طريقته في التقديم والتسلسل وقدمت بطريقتي وبما يليق بصاحب صوت له حضوره وتميزه،

وبرغم ما رشح عنه في تلك المناسبة من محاباة، واستئثار مشاركين بفلوس مكافآت، وبخاصة من طيف النظام الذين رفدوا الثورة ووقفوا معها، برغم ذلك بقيتُ التقيه لماما، ثم حذفني من صفحته لتطرفه وتشدده ضد طائفة خرجت منها اسرة اس. د وورطتها بكل جرائمها وأفعالها، فمن جهة كان يحابي من وقفوا مع الثورة منها، ومن جهة يعمم على طيفها الاحكام الكلية الظالمة التي لاتعدو مواقفه إلا ان تكون شخصية ومتطرفة..

وقد اشتهر رحمه الله باستداجه لاي شخص يختلف معه ويسجل له ثم يوقع به، بما يريد حتى مع بعض اساتذته في المعهد العالي..

كان موهوباً شعرياً، موتوراً حديا في آرائه، قلقا على أعلى مايكون القلق والمفارقة والحدة، ومن المؤكد ان خصوما له كثيرين سيعتقدون ان وجودهم استقر برحيله .. ورغم كل ذلك سيظل اشرس من تصدى لمن اقاموا مجزرة حماة الكبرى، ولم يهادنهم في اي مناسبة او موقف وذلك يكفيه ولا يكفيه او ينصفه ابدا ..

رحم الله الشاعر حكم البابا الذي لم يكن في مصالحة وسلام ووئام لا مع نفسه ولا مع غيره..

وستختلف المواقف منه كما لم تختلف في غيره ابدا، مات منفياً حراً وبسبب السرطان الذي عانى منه بصمت .

المصدر: صفحة حسان عزت

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى