تصعيد في الجبهات السورية الساخنة

عدنان الإمام وعدنان أحمد

شهدت العديد من المناطق الساخنة في الشمال السوري والشرق والجنوب، خلال اليومين الماضيين، اشتباكات وعمليات قصف وإطلاق نار، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، وهي توترات تعكس أحياناً تعثر الاتصالات السياسية بين الأطراف الفاعلة على الأرض السورية.

وأصيب عدد من المدنيين بجروح، صباح أمس الجمعة، جرّاء قصف مدفعي استهدف مدينة إعزاز (ريف حلب الشمالي وتسيطر عليها قوات المعارضة السورية المدعومة تركياً)، مصدره مواقع سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وقوات النظام السوري في ريف حلب الشمالي.

اشتباكات وقصف متبادل بين “قسد” والجيش التركي

وقال مصدر محلي لـ”العربي الجديد”، إن قصفاً مدفعياً مصدره مناطق سيطرة “قسد” وقوات النظام في محيط مدينة إعزاز استهدف الأحياء السكنية قرب القاعدة التركية في محيط المشفى الوطني في إعزاز، إضافة إلى الأطراف الجنوبية من المدينة، ما أسفر عن إصابة 8 مدنيين، بينهم 3 أطفال وامرأة، إضافة إلى 4 من عناصر الشرطة المحلية، جرى نقلهم بواسطة الدفاع المدني إلى المشفى لتلقي العلاج. كما تعرضت مدينة مارع في ريف حلب الشمالي، لقصف مدفعي مماثل دون تسجيل إصابات.

ويشهد الخط الفاصل بين مواقع “قسد” والنظام من جهة، و”الجيش الوطني السوري” (قوات المعارضة السورية)، والقوات التركية من جهة أخرى، الممتد من عفرين غرباً (ريف حلب الغربي)، وحتى جرابلس شرقاً (ريف حلب الشرقي على الضفة الغربية لنهر الفرات)، اشتباكات وقصفاً متبادلاً بشكل شبه يومي منذ سنوات، لكن القصف أمس تزامن مع الذكرى الخامسة لبدء عملية “غصن الزيتون” (يناير/ كانون الثاني 2018)، التي انتهت بسيطرة الجيش التركي وفصائل “الجيش الوطني” على منطقة عفرين.

من جهته، ردّ الجيش التركي أمس، بقصف مدفعي استهدف مواقع قوات النظام و”قسد” في قرى ارشادية ومرعناز وشوارغة ومالكية وأبين بريف حلب الشمالي، فيما قتل القيادي في “قسد” الملقب بـ”روجهات”، جراء غارة من الطيران المسيّر التركي استهدفت نقطة عسكرية في جنوب مدينة رميلان، شمال شرقي الحسكة. وأصيب في الغارة أيضاً 3 عناصر آخرين من “قسد”.

كما أصيب 4 عناصر جراء هجوم شنّه مسلحون مجهولون استهدف سيارة عسكرية تابعة لـ”قسد” على طريق الحسكة – الهول عند أطراف قرية “رد الشقرا”.

إلى ذلك، أُصيب 9 مدنيين، بينهم 3 أطفال، ليل الخميس – الجمعة، جرّاء قصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام استهدف منازل المدنيين ومحيط القاعدة التركية في بلدة قسطون الواقعة ضمن منطقة سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، شمال غربي سورية.

وأوضحت مصادر عسكرية عاملة ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” (فصائل عدة تهمين عليها هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقاً)، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الجيش التركي المتمركز في قسطون ردّ على مصادر النيران واستهدف، ليل الخميس – الجمعة، بأكثر من 7 قذائف نقاطاً عسكرية لقوات النظام والمليشيات الإيرانية ضمن معسكر جورين في منطقة سهل الغاب.

كما أعلنت الغرفة قنص عنصر من قوات النظام على محور البيضا في ريف اللاذقية الشمالي، واستهداف مواقع لتلك القوات بقذائف الهاون على جبهة بسرطون، غرب حلب.

وكانت قوات النظام قد استهدفت، الخميس، بقذائف مدفعية عدة، القاعدة العسكرية التركية في بلدة تديل بريف حلب الغربي، شمال غربي سورية، دون تسجيل إصابات.

ويأتي استهداف القاعدة التركية عقب عملية “انغماسية” لـ”هيئة تحرير الشام” على نقاط عسكرية لقوات النظام في بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي، ما أسفر عن مقتل وجرح 12 عنصراً من قوات النظام.

تصعيد عسكري على وقع التطورات السياسية

ورأى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن هذا التصعيد في عدد من الجبهات مرتبط في جزء منه بالتطورات السياسية الخاصة بسورية. وأضاف بكور في حديث لـ”العربي الجديد”، أن التصعيد بدأ مع العمليات الانغماسية التي قامت بها بشكل خاص “هيئة تحرير الشام” ضد قوات النظام خلال الأسابيع الماضية، وكان هدفها إيصال رسالة إلى الدول التي تسعى لفرض المصالحة مع نظام الأسد بأن الفصائل الثورية ترفض أي مصالحة وهي مستعدة للرجوع إلى الخيار العسكري.

وأوضح بكور أن تلك العمليات هي رسالة للحاضنة الشعبية للثورة بأن الفصائل التي توقفت عن شنّ العمليات العسكرية لأكثر من عامين كانت “في طور التجهيز والتأهيل للمعركة الفاصلة، وهي لن تتخلى عن المهجرين والمعتقلين ولن تنسى دماء الشهداء”، ورأى أنه “يمكن لتركيا أن تستفيد بشكل غير مباشر من هذه العمليات من أجل إظهار خطورة توجهها نحو التطبيع مع النظام للضغط على روسيا والنظام من أجل تحقيق مكاسب أكبر في المفاوضات”.

وأعرب بكور عن اعتقاده بأن الاتصالات السياسية للأتراك مع النظام يمكن أن تدفع إلى تصعيد عسكري على جميع المحاور، معتبراً في الوقت ذاته أن ما يحصل من تقارب تركي أميركي سيكون على حساب التقارب مع نظام الأسد.

إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي، والواقعة ضمن منطقة الـ55 كيلومتر عند مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، تعرضت أمس لهجوم من قبل طيران مسيّر مجهول المصدر، يرجح أنه تابع للمليشيات الإيرانية.

وأوضح المصدر أن الهجوم أسفر عن وقوع إصابات في صفوف قوات “جيش سورية الحرة” (جيش مغاوير الثورة سابقاً)، وسط استنفار لقوات التحالف في المنطقة. وأكد المرصد أن الاستهداف هو الأول من نوعه منذ أكثر من 5 أشهر.

من جهة أخرى، اعتقلت “قسد” بدعم من قوات التحالف، 5 عراقيين في مخيم الهول، شرقي الحسكة، أول من أمس الخميس، يشتبه بتنفيذهم عمليات اغتيال داخل المخيم، وفق مواقع كردية.

وكانت القيادة المركزية الأميركية قد أعلنت، الخميس، اعتقال مسؤول إعلامي بارز في تنظيم “داعش” خلال عملية مشتركة مع قوات “قسد” الأربعاء الماضي.

وفي جنوبي البلاد، قتل القيادي محمد علي الشاغوري الملقب بـ”أبو عمر الشاغوري”، واثنان من مرافقيه (أحمد خالد المصري ومحسن زيتاوي)، برصاص مجهولين اقتحموا منزله في بلدة المزيريب، غربي درعا.

وعمل الشاغوري قبل التسوية مع النظام، قيادياً في الجيش السوري الحر، وهو أحد الأشخاص الستة الذين طالب النظام بترحيلهم إلى الشمال السوري أثناء حصار مدينة طفس في مطلع عام 2021، والذين يتعرضون للتصفية تباعاً. وكان الشاب عبد السلام عوض القداح قد قضى أمس، أيضاً، متأثراً بجراح أصيب بها في اليوم ذاته، إثر استهدافه بإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين في مدينة نوى، غربي درعا.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى