طريق دمشق-أنقرة ما زال غير سالك والجولاني يحذر: المصالحة ستدفع بموجة لاجئين جديدة إلى تركيا

منهل باريش

طرد المئات من المتظاهرين المحتجين على التقارب السوري-التركي في مدينة اعزاز، رئيس الائتلاف السوري المعارض سالم المسلط وحطموا سيارته واعتدوا عليه بالضرب، على وقع هتافات وصفته ومرافقيه بـ «الشبيحة» وكان المئات من المتظاهرين قد تجمعوا في ساحة مدينة اعزاز في مظاهرة غاضبة منددة بالتقارب التركي مع النظام السوري ومطالبة بحجب الثقة عن رئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى على خلفية تصريحاته الأخيرة التي عبر من خلالها عن عدم معارضة الحكومة السورية المؤقتة -التي يرأسها- للتقارب بين النظام وأنقرة.

وكان مصطفى أدلى بتصريحات لقناة «خبر تورك» أعرب من خلالها عن موقفه من عملية التقارب الأخيرة، وقال «تركيا تتصرف بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري».

وخلال الأسبوع الماضي، وجه نشطاء سوريون عبر وسائط التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر يوم الجمعة تحت شعار «حجب الثقة عن عبد الرحمن مصطفى» تنديدا بتصريحاته الأخيرة، كما دعا نشطاء من مدينة عفرين عبر بيانٍ جرى تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، لمظاهرة مركزية تطالب بحجب الثقة عن «حكومة مصطفى» المؤقتة، ووصف النشطاء رئيس الحكومة بالعراب للمصالحات، وأدانوا تصريح سابق له وصف فيه مجريات الثورة السورية بـ «الأزمة السورية».

يأتي ذلك، بعد يومين على مظاهرة غاضبة في مدينة جرابلس، أقدم فيها المتظاهرون على حرق صورة لرئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى بعد تصريحاته للقناة التركية، التي وصفها المتظاهرون بالصادمة.

بالمقابل، نشرت مؤسسة «أمجاد» الإعلامية التابعة لهيئة «تحرير الشام» تقريرا مصورا معنوناً بـ «لن نصالح» لزعيمها أبو محمد الجولاني يتحدث من خلاله عن مسار التقارب التركي مع نظام الأسد، وفي إطار إجاباته على أسئلة عدة طرحها وجهاء من المهجرين إلى إدلب في لقاء جمعهم بالجولاني.

ووصف الجولاني المباحثات الروسية التركية السورية بالمنعطف الخطير الذي من شأنه المساس بأهداف الثورة السورية، وبنفس الوقت صنف تركيا على أنها من حلفاء الثورة السورية، على الرغم من دخولها فيما وصفه بـ «المسار الخاطئ» محذرا من أن المصالحة في حال حصولها ستدفع بموجة لاجئين جديدة وستجبر الناس على التوجه إلى تركيا وهذا ما لا ترغب به القيادة التركية.

ورغم ذلك، لم تحمل تصريحات الجولاني أي معان هجومية على السياسة التركية وتوجهاتها الأخيرة للمصالحة مع الأسد، وعمد إلى أسلوب كشف وتحليل من طرفه للصورة الراهنة والمستقبلية، كما أن تصريحات زعيم «الهيئة» على خلاف عدد من القيادات والشرعيين التابعين له مثل «أبو ماريا القحطاني» و «مظهر الويس» لم تحمل أي تصعيد كلامي أو هجومي تجاه القيادة التركية.

في حين صعد اللهجة تجاه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» حيث وصفه بـ «جسم غير قادر على تمثيل الثورة السورية» ونعت أعضاء الائتلاف بالتابعين لجهات خارجية عديدة.

وفي سياق تطورات التقارب بين أنقرة ودمشق، أشار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى أن لقاءه بنظيره السوري لم يحدد موعده بعد، مبديا استغرابه ممن يعلن عن مواعيد للقاء خلال الأسبوع الجاري، وذكر الوزير التركي خلال مؤتمر صحافي عقده في أنقرة أن مقترحات لموعد اللقاء خلال الأسبوع الحالي لا تناسب الجانب التركي، وقال: «قد يكون ذلك في بداية شباط (فبراير) ونعمل على تحديد موعد».

في الإطار، صرح المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر تشيليك، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن تركيا ليست على عجلة فيما يخص اللقاءات مع النظام السوري، مستدركاً ذلك بقوله: «بالمقابل لا نرغب بتأخيرها أكثر من اللازم».

وعلى الطرف المقابل، قال رئيس النظام السوري في بيان صادر عن الرئاسة على خلفية لقائه بمبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف «هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنّها يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات، انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب».

وكان الموفد الروسي قد وصل إلى دمشق، صباح الخميس، بعد زيارة نفذها للأردن، حيث أجرى مباحثات مع وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، تناولت «تثبيت الأمن والاستقرار السوري» ومواجهة تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن.

من جهة أخرى، أوفدت أمريكا الرافضة لأي مسار تطبيع مع نظام الأسد، الممثل الأعلى للخارجية الأمريكية في شمال شرق سوريا، نيكولاس غرينجر، الأسبوع الفائت، لشمال شرق سوريا، حيث أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تناولت التطورات الأخيرة المرتبطة بالتقارب التركي مع النظام السوري، والعملية التركية المزمعة ضد «قسد» وأكد غرينجر خلال لقاء جمعه بالرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، جيا كرد أن موقف واشنطن من الحل في سوريا يتوافق مع القرار الأممي 2254.

كما أكد غرينجر دعم بلاده لمنظمات المجتمع المدني السوري العاملة في شمال شرق سوريا، خلال مؤتمر لتحالف المنظمات ضم 180 منظمة، ووصف هذه المنظمات بأنها «تعزز قيم الديمقراطية والمشاركة المدنية والحوكمة الشاملة التي تساعد في إيجاد حل سياسي دائم في سوريا وفق القرار الأممي 2254».

في الميدان، استهدفت قوات النظام بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ منتصف ليل الخميس وصباح يوم الجمعة، مناطق عدة في محافظة إدلب، وطال القصف قرى وبلدات سرمين والنيرب وبينين ومعرزاف ومنطف والرويحة، كما استهدفت مدفعية النظام يومي الأربعاء والخميس قرية التفاحية في منطقة جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشرقي وبلدات وقرى عدة في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.

وجاءت هجمات قوات النظام على مناطق إدلب الواقعة ضمن إطار منطقة «خفض التصعيد» الرابعة على خلفية عملية عسكرية نفذتها حركة «أحرار الشام» الإسلامية، الأربعاء، على إحدى نقاط قوات النظام بريف حلب الغربي، أسفرت عن مقتل ثلاثة عناصر وإصابة عنصر من جيش النظام السوري.

وأكدت غرفة عمليات «الفتح المبين» التي تقودها «تحرير الشام» أن قوة نخبة من «أحرار الشام» نفذت عملية هجومية استهدفت نقطتين لقوات النظام على محور قرية بالة بريف حلب الغربي.

وفي صباح اليوم ذاته، استهدفت عملية «انغماسية» نفذها عناصر «لواء أبو بكر الصديق» التابع لهيئة «تحرير الشام» نقطة عسكرية لقوات النظام على تلة ذات طبيعة حاكمة نارياً بالقرب من بلدة كوكب بريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن مقتل وإصابة سبعة عناصر قوات النظام حسب ما ورد على معرفات «الهيئة» الإعلامية.

وتحدثت وسائل إعلامية مقربة من «تحرير الشام» عن عملية مماثلة في بسرطون بريف حلب الغربي، نفذها مقاتلو «الهيئة» الثلاثاء أسفرت عن مقتل وإصابة 15 عنصرا بينهم ضابط برتبة ملازم من قوات النظام.

وأعلنت «تحرير الشام» من خلال ما أسمته «خريطة عملياتها النوعية» ضد قوات النظام، أنها نفذت 15 عملية عسكرية ضد قوات النظام خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وعلى محاور عدة امتدت من البيضا بريف اللاذقية وجورين بريف حماة ومناطق التماس جنوب جبل الزاوية ومحيط سراقب وبريف حلب الغربي و«الفوج46» شرق بلدة الأتارب.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 35 عنصرا من قوات النظام، وثلاثة عناصر من «تحرير الشام» في عمليتين عسكريتين للأخيرة، وعملية منفصلة نفذتها «أحرار الشام».

وفي سياقٍ منفصل، استهدفت المدفعية التركية انطلاقا من مركز البحوث العلمية شرقي مدينة اعزاز نقطة عسكرية مشتركة لـ «قسد» وقوات النظام في قرية مياسة جنوب مدينة عفرين، أدى إلى مقتل ضابط برتبة عميد وثلاثة عناصر من قوات النظام. وفي ظل تكتم قوات النظام عن القصف نعت وسائل إعلام محلية موالية العميد عمار تيشوري، قائد «اللواء 135» المنحدر من قرية المنطار بريف محافظة طرطوس.

نهاية، يعتبر حديث الجولاني رسالة لكل الأطراف الخائفة من موجة لجوء جديدة وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي وليس المقصود بها تركيا وحدها. كذلك، يرغب الجولاني بالقول إن كان اللاجئ السوري هو ورقة المساومة التركية في الانتخابات المقبلة والتي تدفع أنقرة لاستعجال خطب ود الأسد، فعليها التنبه إلى أن المصالحة ستزيد من تعقيد مسألة اللاجئين السوريين ولن تحلها كما تحاول تركيا الترويج داخلياً.

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى