في الأيام القليلة الماضية، نسب بيان لقائد «تنظيم حراس الدين» الملقب بـ»أبي همام الشامي»، يعلن فيه تكفير «تحرير الشام»، معتبراً إياها مرتدة، كونها برأيه لا تطبق الشرع، وتتعاون مع تركيا، وأنها شريك في اتفاق سوتشي، وما يترتب عليه مثل اللجنة الدستورية، وغيرها.
لكن عادت «حراس الدين» التابعة للقاعدة، لتنفي ما نسب لأبي همام الشامي بعد تداول بيانه، وقالت إنها غير ملزمة بنفي أو تأكيد ما ينسب إليها كونه غير رسمي، وينم عما سمته «صيد في الماء العكر».
القيادي في «تحرير الشام» الملقب بـ»أبي خطاب السوري»، أكد لـ»القدس العربي»، أن البيان ربما يكون صحيحاً، لكنه كان موجهاً لعناصر»حراس الدين»، ولبعض عناصر «تحرير الشام»، لكي ينشقوا عنها.
وقال لـ «القدس العربي»: هناك تيار غلو في «حراس الدين» يؤمن بمثل هذا الكلام، لكن الأخيرة نفته، بعدما لقي معارضة شديدة من الشرعيين المقربين من القاعدة، ومن الشرعيين المستقلين، وهذا النفي أمر جيد، يعني أنها تنصلت من لوازمه الكبيرة.
يذكر أن «تنظيم حراس الدين» فقد أهم قياداته، التي كان لها الدور الأكبر في تأسيسه، ومنهم «أبو عمر التونسي»، «أبو ذر المصري»، «أبو يحيى الجزائري»، و»أبو دجانة التونسي» وذلك بعد تعرّضهم لقصفٍ من قبل التحالف الدولي في 30 حزيران/ يونيو الماضي 2019، الأمرالذي أثّر على تحرّكاته طوال الفترة الماضية قبل أن يظهر فجأةً مهاجماً الرتل التركي في شهر آذار/ مارس الماضي 2020. كما يعاني التنظيم أيضاً من مشكلة التمويل.
وحول هذا الموضوع، يرى الباحث محمد نور، أن «تنظيم حراس الدين» يعاني من أزمةٍ حقيقيّة قد تؤدّي إلى حلّ نفسه تلقائيّاً من دون الحاجة إلى تدخّل خارجي، سواءً من قبل الفصائل أو الهيئة أو الجيش التركي. وأشار إلى أن التنظيم يدخل الآن في عداواتٍ «ليس لها أي معنى» مع مختلف الأطراف، إذ أنّه يعادي الهيئة بسبب ما اسماه «قبول دخول الروس إلى المحرر»، كما يُعادي الفصائل المدعومة تركيّاً بحجّة الارتزاق».
ويقول الباحث في حديث لـ»القدس العربي»: في بدايات تأسيسه كان تنظيم «حرّاس الدين» حليفاً غير مباشر للفصائل المقاتلة في إدلب، على الرغم من مبايعته العلنيّة لتنظيم القاعدة ولزعيمه أيمن الظواهري، وقد ظهر هذا التحالف في معارك شرق السكّة شتاء ذلك العام، حيث ساهم وقتها في فتح محاور بهدف إلهاء النظام في منطقة سهل الغاب وريف حماه، إلاّ أنّ هذه العلاقة انقلبت رأساً على عقب بعد توقيع اتفاق سوتشي في أيلول/ سبتمبر عام 2018، والذي أعلن التنظيم صراحةً عن رفضه له، بل وعمل بكافّة الوسائل على تخريبه من خلال استهداف مواقع النظام والروس، ما زاد الوضع سوءًا بعد أدائه في معارك إدلب الأخيرة.
وحول صراعه مع تحرير الشام يقول الباحث: منذ تأسيس حراس الدين في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017، وتنظيم «حرّاس الدين» يعيش صراعاً مريراً مع «هيئة تحرير الشام» على المستويين الفكري والعسكري، وقد برز ذلك في نزاعاتٍ مسلّحة عدّة بين الطرفين كان آخرها صيف العام الماضي، إلاّ أنّ تلك النزاعات كانت تنتهي غالباً بما يسمّى «محاكمة شرعيّة» كانت بدورها تتمخّض عن محاضر صلح تقضي بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، ومن جهة أخرى، يسعى الجولاني إلى وضع تقييد حركة «حرّاس الدين» وإخضاعه إلى سيطرته وذلك في إطار حربه على التيّارات الجهاديّة وتحوّله نحو الاعتدال، مشدداً على أنّ مرجعيته لم تعد الفكر القاعدي بل الفقه الإسلامي كأي جماعة سنيّة محليّة أخرى.
في السياق ذاته، يعتبر الصحافي إيهاب البكور، أنه في حال استمرت هيئة تحرير الشام في السياسة التي تتبعها بالتعامل مع تركيا، وإبدائها مرونة سياسية تجنبها مصير داعش، ستكون كباقي الجماعات الإسلامية كحراس الدين في موقف صعب، حيث ستبقى هذه الجماعات مكبلة الأيدي ومحدودة الصلاحيات، وقد تضطر لحل نفسها لأن الحليف الأكبر لها وقف على الضفة الأخرى.
وقال الصحافي في حديث لـ»القدس العربي»: إن علاقة حراس الدين مع باقي الفصائل تعتمد على التعامل والتصرفات التي ستبديها هذه الجماعة مع تلك الفصائل، فإن كان التعامل مثل تعامل داعش مع باقي الفصائل، سواء بالرفض أو في حال كان التعامل مرناً، وفي سياق يرضي المتحكمين بالساحة في المناطق المحررة، وهنا أقصد تركيا في المقام الأول، فإن جماعة حراس الدين تبقى كغيرها من الفصائل العسكرية، وقتاً محدداً إلى حين أن يتم صهر الفصائلية بكافة تشكيلاتها في جسم موحد.
ولا يستبعد الصحافي تكرار سيناريو الصراع بين الفصائل وتحرير الشام من جهة، وجماعة حراس الدين من جهة أخرى، وذلك متوقف على كيفية التعامل بين الجماعتين، ورضوخ حراس الدين لما تمليه هيئة تحرير الشام.
من جهة أخرى، يرى القيادي المقرب من الجهاديين الملقب بـ «قحطان الدمشقي» أن البيان المنسوب لأبي همام، يرمي إلى بث الفتنة، وتمهيد الأرضية لمحاربة حراس الدين، والقضاء عليه.
وقال لـ «القدس العربي»: حراس الدين يقف ضد النظام فقط، ويحارب مع جميع الفصائل عندما تقاتل النظام، والدخول التركي ليس جديداً بل منذ أكثر من عامين، ولم يكّفر حراس الدين أحداً بسبب وقوفه مع الأتراك. هناك جهات حتى داخل تحرير الشام تريد القضاء عليه، ولذا تقوم بهذه الأمور من تزوير وتأجيج.
المصدر: «القدس العربي»