يُطلق السوريون هاشتاغات جديدة للتحذير من تغول وهيمنة الإيرانيين على مجمل الجغرافيا السورية التي أضحت تحت سيطرة النظام الأسدي، وينشط السوريون مؤخرًا من أجل فضح وكشف الخطر الإيراني الذي يتمدد رويدًا رويدًا، حتى وصل إلى كل مفاصل الواقع السوري، وبات الإيرانيون يسيطرون على الكثير من القطاعات الاقتصادية، وينهبون مايستطيعون من موارد سورية، بموافقة وتسهيل من أدوات الأمن في النظام السوري وفرقته الرابعة، كما أصبحوا يمسكون بالقرار السياسي السوري برمته، ويلعبون بمصائر السوريين قاطبة، وسط صمت مطبق من دول الإقليم والعالم (المتحضر) الذي يترك الشعب السوري لقمة سائغة بيد الفرس ومشروعهم الخطير الذي يطال المنطقة برمتها، ويمسك بمستقبلات هذه الشعوب، في محاولة لإعادة إحياء المشروع الفارسي /الطائفي الذي سبق ودخل في حالة من السبات لعقود طويلة، ثم راح يستيقظ مؤخرًا مع حكم دولة الملالي، ويحاول أن يقيم نفسه من جديد، على أسس متغيرة اتكاءً على الإسلام السياسي/ الشيعي الصفوي، الذي بُني بالأساس وفق محددات الاشتغال السياسي الشيعي الفارسي عبر عقود متوالية.
كما يشكل الخطر الإيراني بعدًا جديدًا في المنحى العسكري والأمني ليصبح جل (الجيش السوري) بقيادة الميليشيات الطائفية الإيرانية المستقدمة من إيران وأفغانستان والباكستان ولبنان والعراق ضمن حالة التغيير الديمغرافي المشتَغَل فيه وعليه، عبر سياسة (التجانس) التي أعلنها بشار الأسد منذ سنوات، ليغدو من حق الإيراني والباكستاني الحصول على الجنسية، في وقت يتم فيه سحب الجنسية من السوريين الذين وقفوا في معارضة نظام الطغيان الأسدي.
يستمر التمدد الإيراني على كل المستويات، ويُعاد بناء المحافظات السورية ديمغرافيًا وفق مصالح ومتطلبات الفرس/ الشيعة، وخاصة مايجري في مدينة حلب هذه المحافظة التي يعيث فيها الإيرانيون فسادًا وإفسادًا، وينهبون خيراتها، ويخطفون قرارها وسيادتها، ويُربكون حيوات ومصائر أهلها من أجل إلحاقهم بالميليشيات الإيرانية المتمركزة في غير مكان من مدينة حلب وريفها، حيث يتم إنجاز أبنية ضخمة جدًا في(حي مشهد) ليكون نقطة انطلاق وتحكم وهيمنة وتغول، على جل الواقع التجاري والديمغرافي في حلب العريقة والتاريخية. ولايخفى على المتابع حجم الخطر الإيراني وعمقه عبر التمسك بمايسمونه مراكز دينية ومزارات تاريخية، (كما يدعون) تتبع الطائفة الشيعية، كمسجد النقطة وغيره من الأماكن والمزارات، ناهيك عن احتلال الكثير من الأبنية التي تم تهجير أهلها قسرًا إلى تركيا وسواها من بلاد العالم، ومن ثم يجري تملك هذه العقارات رغمًا عن أهلها الغائبين، لتصبح عقارات إيرانية للميليشيات دون مانع أو حاجز من أجهزة ومؤسسات القضاء أو الإسكان أو مديريات العقارات، في هيئات نظام الأسد، الذي باع كل شيء لإيران بدعوى أن الإيراني هو من حماه من السقوط عام ٢٠١٣ يوم كاد أن يسقط وينهار. قبل أن تعيد قيامته إيران وميليشيا حزب الله والميليشيات الأخرى، وبعدها روسيا التي جاءت لإنقاذه وفق مصالحها البراغماتية.
باتت الميليشيات الإيرانية الطائفية في حلب هي من يحكم المدينة، ويلعب بكل واقعها، بالتعاون مع الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد ضمن التابعية الكلية لإيران الملالي. ويحصل كل ذلك في سياق سياسة إيران في إحداث التغيير الخطير للتركيبة الديمغرافية لسورية، عبر تحقيق مشروع إيران الجيوسياسي للمنطقة.
يرى باحثون أن حلب باتت تشكل هدفاً لعميات التغيير الديمغرافي من قبل النظام السوري وحليفته إيران، حيث تستغل دولة الملالي وميليشياتها العديد من السوريين، وخاصة الذين أصبحوا في حالة فقر مدقع، بسبب الحرب الأسدية عليهم. فتعرض عليهم أسعاراً مرتفعة، مقابل ممتلكاتهم حيث لا يمكنهم رفضها.
يقول بعض أهالي حلب أنه “يتم التغيير الديموغرافي عبر طرد الأهالي من منازلهم ومناطقهم وأراضيهم، وإحراق مكاتب السجل العقاري وأي أوراق تثبت ملكيتهم للمنازل والأراضي، وإسكان عائلات ومقاتلين إيرانيين شيعة في هذه المناطق”.
كما يتحدث معهد (ميمري)، ومقره واشنطن عن ” أن النظام السوري يعتمد مجموعة من الأساليب لطرد الأهالي من بعض مناطق البلاد، مثل التهديد والحصار والتجويع والتعذيب والاستيلاء على ممتلكاتهم، مقابل منح الجنسية للإيرانيين.”
وقد كُشفت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، رسالة، بعثها رئيس المخابرات العامة السورية إلى وزير الداخلية السوري، تضمنت قائمة الإيرانيين الذين سيتم منحهم الجنسية السورية، في محافظات حلب ودمشق وريف دمشق ودير الزور.
ولعل متابعة جدية لأوضاع ريف حلب تشير إلى أن الميليشيات الإيرانية وتحديداً ميليشيا فاطميون الأفغانية تواصل استقطاب السوريين في ريف حلب الشرقي، عبر العزف على وتر الأوضاع المعيشية الكارثية ضمن عموم مناطق نفوذ النظام السوري، ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن “تعداد المجندين لصالح تلك الميليشيات ارتفع إلى نحو 3000 منذ تصاعد عمليات التجنيد في شهر شباط/فبراير من العام الفائت 2021 وحتى يومنا هذا، وتتركز عمليات التجنيد في مناطق مسكنة والسفيرة ودير حافر وبلدات وقرى أخرى شرقي حلب، والتي تتم عبر عرابين ومكاتب تقدم سخاءً ماديًا”.
وقد أكدت مصادر في المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن ” الميليشيات الإيرانية استقدمت تعزيزات لوجستية وعسكرية إلى قاعدتها العسكرية في قرية حبوبة بين الخفسة ومسكنة شرقي حلب، والواقعة قبالة مناطق نفوذ قوات (سوريا الديمقراطية) على الضفة الأخرى من نهر الفرات.“
ولابد من الإشارة إلى أن قانون 10 الصادر عن بشار الأسد في أبريل/ نيسان 2018 قد أثار مخاوف السوريين، وكذلك المخاوف من “إحداث تغييرات ديمغرافية بالمناطق السورية المدمرة، إذ يتيح القانون للنظام إمكانية سلب ممتلكات اللاجئين والنازحين السوريين في حال لم يُثبتوا ملكيتهم خلال مدة محددة.”
وحذرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من عواقب القانون، وقالوا “إنه يمنع اللاجئين السوريين البالغ عددهم 5.6 مليون (في أقل تقدير) من العودة لبلدهم”.
والحقيقة فإن هناك الكثير من الانتهاكات الإيرانية داخل الجغرافيا السورية، وفي العديد من القطاعات، إذ تتطلع حكومة الملالي إلى اقتناص الفرص، والاستفادة من احتلالها لسورية فتتحرك نحو مزيد من نهب خيرات سورية وانتهاك مواردها أيضًا. حيث يرى المسؤولون الإيرانيون، أن الكثير من الاستثمارات في دول مثل سورية “ستساعد في تخفيف بعض الضغوط المالية على إيران” بسبب العقوبات الدولية المفروضة على الحكومة الإيرانية الإرهابية، وكذلك بسبب الثورة الشعبية العارمة التي أضحت تهدد وجود نظام دولة الملالي في طهران وتزلزل أركانه كلية.
المصدر: وكالة ثقة