لم يُنهِ إعلان المجموعات المحلية انتهاء المعركة التي قادها اللواء الثامن التابع للأمن العسكري، ضد العناصر المتهمين بالانتماء إلى تنظيم “داعش” في درعا البلد، حالة الانقسام التي شكّلتها المعركة منذ بدايتها نهاية تشرين الأول/أكتوبر، والتي امتدت لأكثر من أسبوعين، بين أهالي محافظة درعا جنوب سوريا، بل زاد من حالة الجدل بسبب عدم تقديم أجوبة مقنعة للسؤال المُلحّ: أين تبخّر عناصر داعش؟
اتفاق غير مُعلن
قدّم أحد قادة “اللواء الثامن” الثلاثاء، رواية رسمية عبر شبكة تجمع “أحرار حوران” الإخبارية، قائلاً إن “العشرات من عناصر التنظيم قتلوا بينما تمكن عدد قليل من قادته وعناصره من الهروب من حي طريق السد”، الذي دارت ضمنه المعارك، “عن طريق وادي الزيدي المحاذي لحي العباسية”، لافتاً إلى أنه “جرى البحث عنهم في المنطقة”.
لكن الناشط من درعا محمد الغزاوي ينفي تلك الرواية، ويؤكد في حديث ل”المدن”، أن هناك اتفاقاً غير مُعلن جرى بين اللواء الثامن التابع للأمن العسكري، وبين القياديين المتهمين بالانتماء للتنظيم محمد المسالمة ومؤيد الحرفوش على خروجهما مع من تبقى من عناصر “داعش” من درعا البلد.
ويوضح الغزاوي أنه من الصعب بل من المستحيل الخروج من المنطقة التي حوصر فيها التنظيم في نهاية المعركة حيث لا تتجاوز مساحتها 200 مترمربع تسمى قطاع المهندسين أو الرباعي، من دون اتفاق، مشيراً إلى أن عناصر اللواء كانوا يهاجمون عناصر التنظيم من هذا القطاع بينما تولت المجموعات المحلية الهجوم من قطاع مخيم درعا وطريق السد.
وقال الناشط إن عدد عناصر داعش الذين تمكنوا من الهروب من درعا البلد عقب الاتفاق “يبلغ حوالي 40 عنصراً ومعظمهم من قيادات الصف الأول، فيما قُتل نحو 20 عنصراً خلال المعركة و5 بتنفيذ عمليات انتحارية”، موضحاً أن خروجهم كان حوالي الساعة 6 من فجر الثلاثاء، عبر مناطق انتشار اللواء الثامن عند قطاع المهندسين، “ما يؤكد أن هناك اتفاقاً تم بالفعل بينهما”.
خفايا المعركة
شرارة الهجوم، بدأت إثر إقدام انتحاري على تفجير نفسه داخل مضافة القيادي السابق في المعارضة غسان أبازيد في درعا البلد قبل أكثر من أسبوعين، ما أدّى إلى مقتل 4 أشخاص بعضهم قياديون سابقون في المعارضة المسلحة وجرح 5 آخرين، وتم اتهام الحرفوش بالوقوف وراء التخطيط لتنفيذ العملية بواسطة الانتحاري أبو حمزة سبينة، بالتنسيق مع أمير تنظيم “داعش” في درعا البلد يوسف النابلسي.
ويوضح الغزاوي أن الوجهاء طلبوا من المسالمة والحرفوش قبل التفجير الخروج من درعا البلد، لتجنيبها عملية عسكرية من النظام بحجة وجود داعش، إلا أنهما رفضا المطلب، لافتاً إلى أن اللواء الثامن، حين كان تحت مسمى “قوات شباب السنة”، كان قد تسلّم المسالمة بعد اعتقاله من غرفة عمليات “البنيان المرصوص” في 2017، لكن اللواء أطلق سراحه رغم وجود قرائن ودلائل مثبتة بانتمائه إلى “داعش” حينها.
ويقول: “بعد التفجير قرّرت المجموعات المحلية البدء بالمعركة، وطلبت قيادات منها مثل أبو شريف محمد وأبو عمر أبازيد من اللواء الثامن التدخل لصالحها، كونه يملك الذخائر والأسلحة من وزارة الدفاع في حكومة النظام، باعتباره أًصبح ضمن ما يعرف بالقوات الرديفة لجيش النظام، مرجحاً أن دخول اللواء المعركة جاء بالتنسيق مع رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية لؤي العلي ولم يكن خارج إرادته.
الرابحون والخاسرون
ويؤكد الغزاوي، الذي غطى أحداث محافظة درعا منذ بدء الثورة السورية في 2011، أن عناصر داعش تمكنوا من الانتقال الى مناطق أخرى في درعا بتسهيل من النظام، وذلك من أجل استكمال أهدافه بالسيطرة الفعلية وليست الصورية على مدن وبلدات درعا، بعد أن يصبغها عبر هؤلاء وبالتعاون مع اللواء الثامن بالصبغة الداعشية، فضلاً عن تغذية الصراعات العشائرية بين أهالي المحافظة عبر تلك الاقتتالات الداخلية.
ويقول إن اللواء الثامن خرج أيضاً رابحاً وذلك “بإثبات قدرته للنظام على أن يكون قوات رديفة له في شماعة محاربة الارهاب وبسط نفوذه على كامل الجنوب السوري”، على حساب أهالي درعا المدنيين الذين كانوا هم المتضرر الأكبر من المعركة الأخيرة، “بسبب تهجيرهم من منازلهم وتدميرها مرة جديدة بعد وقت قصير على ترميمها من معركة سابقة للنظام ضد درعا البلد، دامت 73 يوماً قبل نحو عام ونصف”.
المصدر: المدن