أعادت الحرائق التي شهدتها عدة مناطق في محافظة السويداء جنوب سورية، مؤخرا، مخاوف الأهالي من أن تكون بداية مشابهة لنيران السنة الماضية التي أتت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، في وقت لم يتلق أصحابها أي تعويضات من صندوق التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية.
وشهد يوم الجمعة الماضي نشوب خمسة حرائق، أربعة منها في أراض زراعية تابعة لبلدة القريا في الريف الجنوبي، ونمرة شهبا شرق المحافظة، وحريق في بلدة المجدل بالريف الغربي، وأيضاً بين قريتي تعلا والهيت شمال شرق، بحسب تصريحات فوج الإطفاء في السويداء.
كما سجّلت وحدة إطفاء شهبا حريقا بين قريتي خلخلة وأم حارتين جانب أتوستراد دمشق السويداء، إضافة إلى حريق أعشاب بين منطقة الصورة وبلدة ذكير، فيما قدرت وحدة إطفاء صلخد مساحة الضرر جراء الحريق في القرية بحوالي 200 دونم.
وأعرب قائد فوج الإطفاء في السويداء نايف الشاعر، في تصريح صحافي نشر في وقت سابق، عن اعتقاده بأن تكون بعض الحرائق مفتعلة، لكنه أشار إلى عدم وجود أدلة تثبت افتعال الحريق.
تكرار مسلسل الحرائق أثار قلق كثير من الفلاحين، وخاصة من تعتبر أرضه هي مصدر رزقه الوحيد، كما هو حال أبو أسامة عطا، فلاح يسكن في إحدى بلدات الريف الغربي من محافظة السويداء، قال لـ”العربي الجديد”، “الأرض هي مصدر رزقنا الوحيد، نعيش على ما تنتجه من العام للعام، وحرق الأرض يعني تجويعنا وتجويع عائلاتنا”.
وأعرب عن استغرابه من “عدم تحرك مؤسسات الدولة لوقف هذه الجرائم، وحماية الأراضي”، مستدركا “لكن من لا تحمي المواطن كيف ستحمي أرضه؟”.
من جهته، قال أبو محمود بريك، لـ “العربي الجديد”، إنّ “أراضي السويداء في معظمها تحرق بفعل فاعل، وهذا واضح لأي شخص، فنحن فلاحون ونعرف كيف يكون الحريق بسبب الحرارة أو الإهمال، لكن عندما يكون الحريق بأكثر من مكان وفي وقت واحد فهذا يطرح ألف علامة استفهام”.
وأضاف “المشكلة أن الدولة لا تفتح تحقيقات جدية، ولا تدعم فرق الإطفاء سواء بالعناصر أو الآليات، لتكون لديها القدرة على الاستجابة أكثر، ومن جهة أخرى لا يتلقى من تحرق أرضه أي نوع من التعويض ولو بالحد الأدنى”.
من جانبه، قال الناشط عدنان الحلبي، لـ “العربي الجديد”، “الحرائق التي تقع في الأراضي الزراعية مريبة لأبعد حد، كانت الحجة العام الماضي ارتفاع درجات الحرارة، ورغم شكوك فوج الإطفاء بالكثير منها أنها مفتعلة، إلا أن السلطات المختصة لم تفتح أي تحقيق، وحتى لم يكن هناك أي استجابة لمطالب الفلاحين بالتعويض عن خسائرهم، بحجة أنه لا يمكن التعويض على الحرائق كونها غير مدرجة ضمن صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية”.
ولفت إلى أن “اليوم هناك دعوات لتشكل كل قرية مجموعات لحراسة الأراضي، إضافة إلى مجموعات من المتطوعين، للاستجابة لأي حريق طارئ، لكن هذا الأمر يحتاج إلى تدريب ودعم على الأقل بالمعدات والوقود”.
وبعيداً عن دور الدولة ومسؤوليتها بحماية أمن المواطن وأملاكه، أكد رئيس مجلس المحافظة رسمي العيسمي، في تصريح صحافي على أهمية حراسة الزرع عن طريق النواطير، كما كان القدماء يفعلون لحمايتها من الرعي الجائر والسرقة، حيث كانت كل منطقة تحدّد نواطير للقيام بمهمة الحراسة على أن يقسّم أجرهم على أصحاب الزرع، لأن الأمر برأيه حساس جداً ويتعلق بالأمن الغذائي.
يذكر أن السويداء شهدت العام الماضي أكثر من 300 حريق في الأراضي الزراعية، تسببت بتلف آلاف الدونمات المزروعة بمحاصيل زراعية استراتيجية على رأسها القمح، في وقت تستورد سورية سنويا عشرات آلاف الأطنان من القمح سنويا لسد حاجتها.
المصدر: العربي الجديد