منظمة حقوقية تعلن ارتفاع عدد القتلى والاتحاد الأوروبي يسعى لفرض عقوبات على طهران. تجددت المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن الإيرانية في مدينة سقز مسقط رأس الشابة مهسا أميني التي قتلت بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل “شرطة الأخلاق”. وذكرت وسائل إعلام أن قوات الأمن أطلقت النار بشكل مباشر على المحتجين في سنندج عاصمة كردستان إيران.
والثلاثاء، اعتصم طلاب الجامعات الإيرانية وعبروا عن دعمهم للاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد. وأعلن الطلاب رفضهم حملات القمع والاعتقال في الجامعات، بما في ذلك جامعة شريف، وفقاً لما نقله موقع “إيران إنترنشنال”
وأفاد الموقع عن توسع احتجاج الطالبات في المدارس تزامناً مع إضراب مجموعة من المعلمين في مدينتي سقز وسنندج رافعين لافتات كتب عليها: “المرأة، الحياة، الحرية” و”مهسا أميني” و”يوم المعلم العالمي”.
في هذه الأثناء، نددت منظمات حقوق الإنسان بالقمع العنيف ضد الطلاب، خصوصاً خلال الأحداث التي وقعت ليل الأحد الاثنين في جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، التي تعد أهم جامعة علمية في إيران.
ونشرت منظمة “حقوق الإنسان في إيران” (IHR) ومقرها أوسلو، مقطعَي فيديو يُظهر أحدهما عناصر من الشرطة الإيرانية على دراجات نارية يلاحقون الطلبة وهم يركضون في موقف سيارات تحت الأرض، بينما يظهر الآخر عناصر الشرطة على دراجات نارية وهم ينقلون موقوفين غُطيت رؤوسهم بأكياس قماشية سوداء.
وامتدت التظاهرات إلى مدارس، وأظهرت تسجيلات مصورة نشرتها منظمة “هنكاو” الحقوقية الكردية تلميذات يتظاهرن في مدينتين في محافظة كردستان الإيرانية، التي تنحدر منها أميني.
وهتفت المتظاهرات الشابات “امرأة حياة حرية” لدى نزولهن إلى الفاصل الأوسط من طريق سريع مزدحم في ماريفان، ولم تتمكن فرانس برس من التأكد من صحة التسجيل.
الأمن يهدد أسر الطلاب
وفي محاولة لاحتواء التجمعات الطلابية تواصل أمن بعض الجامعات مع أولياء أمور الطلاب “لمنع استمرار الاعتصامات الطلابية”.
وأفادت قناة “المجالس” النقابية لطلبة البلاد أنه في الأيام الماضية تم الاتصال بأسر العديد من الطلاب، وتم تحذيرهم لمنع أبنائهم من ممارسة أنشطة “مناهضة للنظام” في الفضاء الإلكتروني.
ارتفاع عدد القتلى
من جانبها، أشارت منظمة “حقوق الإنسان في إيران” الثلاثاء إلى مقتل ما لا يقل عن 154 شخصاً في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد. وأعلنت المنظمة على “تويتر” مقتل 63 شخصاً على الأقل الأسبوع الماضي عندما نفذت قوات الأمن الإيرانية “قمعاً دامياً” لتظاهرة في زاهدان بجنوب شرق إيران، حسبما أعلنت منظمة “إيران هيومن رايتس” الحقوقية ومقرها النروج الثلاثاء.
واندلعت المواجهات بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي في زاهدان، عاصمة محافظة سيستان بلوشتسان التي تسكنها أقلية البلوش السنية. وجاء ذلك على وقع تظاهرات في أنحاء البلاد اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني التي اعتقلتها “شرطة الأخلاق”.
لكن مجموعات حقوقية قالت إن التظاهرة في زاهدان جاءت إثر اتهامات بأن قائد شرطة مدينة شابهار الواقعة أيضا في سيستان بلوشستان، اغتصب شابة من البلوش عمرها 15 عاماً.
وقالت المنظمة الحقوقية إنه “في الثلاثين من سبتمبر (أيلول)، تجمع عدد من الأشخاص بعد صلاة الجمعة في زاهدان للاحتجاج على اغتصاب قائد شرطة شابهار فتاة من البلوش عمرها 15 عاماً، وقمعت قوات الأمن التظاهرة بشكل دام”.
وتحدثت تقارير نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي آنذاك عن عشرات القتلى في زاهدان الجمعة بينما أظهرت صور مستشفيات تخطت قدرتها وجثث مغطاة بالدماء. ووردت أيضاً تقارير عن وفاة ضحايا في مستشفيات بسبب نقص الأسرة والضمادات الضرورية لوقف النزيف.
وقال نشطاء ايضاً أن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين من مروحيات. وقالت “إيران هيومن رايتس” إن أربعة أشخاص كانوا في سيارة مكشوفة قتلوا بنيران أطلقت من مروحية عسكرية في شمال زاهدان.
ونشرت منظمة “حملة نشطاء البلوش” غير الحكومية على قناتها في تلغرام أسماء 67 شخصاً والذين تقول إنهم قتلوا، مضيفة أن 300 أصيبوا بجروح.
غير أن وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية قالت إن خمسة من أفراد الحرس الثوري قتلوا في ما وصفتها بأنها “حادثة إرهابية”. وقال قائد شرطة سيستان بلوشستان في تصريحات للتلفزيون الرسمي أن ثلاثة مراكز للشرطة في المحافظة هوجمت.
ومحافظة سيستان بلوشستان المجاورة لباكستان هي إحدى أفقر المناطق الإيرانية. واشتكى نشطاء منذ الأشهر الماضية من إعدام المدانين البلوش بأعداد غير متكافئة في وقت ارتفعت عمليات الإعدام في البلاد.
وشهدت المنطقة أيضاً اشتباكات متكررة بين قوات الأمن وعصابات تهريب المخدرات، إضافة إلى هجمات تشنها جماعات سنية متطرفة بين الحين والآخر.
الاتحاد الاوروبي يسعى لفرض عقوبات على إيران
وأعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء أنه ينظر في فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب قمع الاحتجاجات التي أشعلها مقتل مهسا أميني، وذلك بعد خطوة مماثلة من الولايات المتحدة.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل أن الاتحاد ينظر في جميع الخيارات المتاحة بما في ذلك إجراءات تقييدية رداً على مقتل مهسا أميني والطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن الإيرانية مع التظاهرات” موضحاً أنه يعني بعبارة “إجراءات تقييدية” فرض عقوبات.
وجاء قراره بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان الإثنين إن “الولايات المتحدة ستفرض هذا الأسبوع أكلافاً إضافية على مرتكبي أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين”، مضيفاً “سنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين ودعم حقوق الإيرانيين في التظاهر بحرية”.
ولم يوضح بايدن ماهية الإجراءات التي سيجري اتخاذها ضد إيران، المستهدفة بالفعل بعقوبات اقتصادية أميركية قاسية يتعلق جزء كبير منها ببرنامجها النووي المثير للجدل.
إيران تندد بـ “رياء” بايدن
وردت طهران الثلاثاء منددة بـ”رياء” الرئيس الأميركي.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني “كان أجدر بالسيد جو بايدن أن يفكر قليلاً بشأن سجل بلاده في مجال حقوق الإنسان قبل القيام بمبادرات إنسانية، على رغم أن الرياء لا يتطلب تفكيراً”، وذلك في منشور على انستغرام أوردته وكالات محلية.
وكان المرشد الأعلى علي خامنئي قد هاجم واشنطن الإثنين، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الحركة الاحتجاجية الأكبر في البلاد منذ احتجاجات العام 2019 على ارتفاع أسعار البنزين.
وقال خامنئي (83 عاماً) في أول رد فعل له على الاحتجاجات، “أقول بوضوح إن أعمال الشغب هذه والاضطرابات تم التخطيط لها من الولايات المتحدة والنظام الصهيوني الغاصب والمزيف، ومأجوريهم وبعض الإيرانيين الخائنين في الخارج ساعدوهما”.
وأرخت الاضطرابات بظلالها على الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ببن إيران والدول الكبرى، والتي كادت أن تحقق اختراقاً في الاشهر الأخيرة قبل أن تتوقف مجدداً.
لكن الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار اعتبرت أن “المشكلات المتعلقة بسلوك إيران” منفصلة عن جهود إحياء الاتفاق النووي الذي ستسعى إليه واشنطن “طالما أننا نعتقد” أنه يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي.
المصدر: اندبندنت عربية