سبع سنوات من الاحتلال الروسي ومازال القتل مستمرًا

رأي الملتقى

قيل سابقًا: “إن الروس يصنعون الحرب ولا يصنعون السلام”، ويبدو أن هذه المقولة باتت واقعية إلى حد كبير، فهم ومنذ أن دخلوا الجغرافيا السورية أواخر أيلول/ سبتمبر 2015 يراكمون القتل والتدمير في سورية، ويمارسون كل أنواع الحرب، ويجربون أسلحتهم الحديثة، التي تبتغي القتل والحرق، وإعادة إنتاج النظام السوري وفق متطلبات وسياسات الاتحاد الروسي، وعلى هوى ومصالح الروس، حيث جاؤوا إلى سورية من أجلها، عبر تعويم الإجرام الأسدي والإيراني، واحتلال الموقع العسكري الذي يريدون على المتوسط، وهو الدافع الأساس لمجيئهم إلى سورية.

اليوم وبعد سبع سنوات عجاف خلت من التدخل الاحتلالي الكولونيالي الروسي في الوضع السوري، لم ير فيه منهم الشعب السوري إلا المزيد من العنف والقتل والقصف الطيراني، حتى فاق عديد القتلى/ الشهداء من السوريين على يدهم وأيدي النظام السوري وميليشيا الحرس الثوري الإيراني وتوابعه أكثر من مليون ونيف، بالإضافة إلى دمار البنية التحتية حيث وصلت تقديرات أممية في ذلك لما يزيد عن 65 بالمئة من الدمار لهذه البنية التحتية، وتهجير أكثر من 14 مليون سوري بين نازح قسري إلى الشمال، ومهجر ولاجيء إلى دول العالم في الغرب والشرق فرارًا من المقتلة الأسدية الروسية، لا يلوون على شيء.

سبع سنوات من اللعب بالورقة السورية، وتعطيل مسار الحل السياسي، وإعادة قيامة النظام السوري الذي كاد أن ينهار قبل ذلك، حيث سارع المجرم قاسم سليماني إلى الروس لنجدة نظام الأسد، وإقناعه في المجيء لدعم النظام وتحقيق المصالح الروسية بذلك، ومن ثم ماتسرب من رسالة المناشدة من قبل السفاح بشار الأسد التي توسل فيها للروس أن يلاقوه في المعركة لمواجهة ما أسماه “الارهاب السوري ضد نظامه المسالم والديمقراطي”. وقد لبى الاتحاد الروسي النداء وجاء لانتاج الكثير من الدمار واتباع سياسة ممنهجة من القتل والحرق، وهي التي تسمى بسياسة الأرض المحروقة، التي كانت ومازالت نهجًا للروس في حربهم في سورية، وهي كذلك اليوم طريقًا لهم في حربهم المجنونة الإجرامية ضد الأوكرانيين.

يسير الروس في سياساتهم العنفية ودمارهم الطغياني في سورية كما في أوكرانيا نحو مزيد من إنتاج الحروب التي تبدأ ولا تنتهي، وتدفعهم إلى الغرق في وحل سوري تارة، وأوكراني تارة أخرى، ويُتركون من قبل الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية إلى غرق في هذا الوحل والضياع الذي وضع ويضع العالم بعد حرب أوكرانيا الروسية على حافة الحرب العالمية النووية التي يهدد بوتين بها ليلاً نهارًا، بينما يلقى الخسائر والهزائم تلو الهزائم على الأرض الأوكرانية، بدعم غربي كبير للأوكرانيين، لم يتلقاه، ولا القليل منه، الشعب السوري الذي يواجه العدوان الاحتلالي الروسي والإيراني الأسدي، حيث واجهم جميعًا بدون أية أسلحة نوعية، وبدون أي دعم سياسي جدي أو عسكري، أمام الصلف والفيتوات الروسية التي تريد منع حتى المساعدات الإنسانية من الوصول إلى السوريين في الشمال الذين يعانون أشد االمعاناة من القصف والقتل والموت القادم إليهم من كل الجهات، عبر سياسات التجويع والحصار، والمزيد من إنتاج المقتلة الأسدية الروسية التي لم تتوقف يومًا رغم وجود الاتفاقات والتفاهمات التي رعتها تركيا وروسيا في 5 آذار/مارس 2020، حيث تنتهك يوميًا من قبل نظام القتل الأسدي ومن قبل الطيران الروسي.

الاحتلال الروسي الذي جاوز بوجوده على الأرض السورية السبع سنوات، مازال رغم ترنحه في أوكرانيا، يصر على البقاء وتعويم النظام السوري من أجل المصالح الروسية التي جاء من أجلها، ومناكفة الغرب، في هذه الجغرافيا المهمة من العالم، لكنه يستمر في الحفاظ على أمن إسرائيل وهو خط أحمر أدركه الروس منذ البداية، وحافظوا عليه عبر تفاهمات روسية إسرائليىة أميركية، فصمتوا عما تفعله إسرائيل من استمرار القصف على الميليشيا الإيرانية، وبعض السورية المنضوية تحت عباءة الحرس الثوري، فهم يريدون البقاء الروسي طويل الأمد في سورية، عبر توقيع اتفاقات لعشرات السنين مع النظام الأسدي، يحقق المصالح الروسية الاقتصادية إولًا، ويؤمن البقاء العسكري المتقدم للروس في منطقة الشرق الأوسط، وعلى ضفاف المياه الدافئة في المتوسط، من خلال تطلعات عسكرية روسية إلى إعادة إنتاج قطبية متعددة في العالم، وهو ماحاولوا فعله عبر ولوجهم الوحل الأوكراني والشراكات مع الصين وإيران، لقيام تحالفات مستقبلية تساهم في تفتيت القطبية الأحادية الأميركية فيما لو استطاعوا ذلك.

مايجب الإشارة إليه هو أن بعض من يسمون أنفسهم معارضة سورية،  مازالوا يهرولون ويتهافتون إلى موسكو طلبًا للنجدة، واتكاءً إلى حضنها الدموي القاتل، بوعي أو دون وعي من هذه المعارضة، أن كل ماتفعله روسيا هو تحقيق لمصالحها، ولا يهمهما أبدًا مصلحة السوريين إلا بما يخدم مصالحها تلك، ويحقق لها ماجاءت من أجله. من يحج إلى موسكو ويطلب ود الروس من هذه المعارضة، فهو في ذلك يبيع دماء شعبه، ويقف إلى جانب القاتل، ويصطف سويةً مع نظام الأسد الذي استدعى الروس وتوسل إليهم، من أجل قيامة نظامه وعصاباته، والروس هم أهل المصالح البراغماتية، والإيرانيون يحملون مشروعهم الفارسي الطائفي، ولا يمكن عقلانيًا ولا وعيويًا الاستعانة بالمحتل من أجل الولوج  في الحل السياسي الوهمي  الموعود في اللجنة الدستورية المتوقفة بقرار روسي، أو سوى ذلك في أستانا وسوتشي وماشابهها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى