عاد جدل صفقة طائرات “سوخوي 35” الروسية مع مصر إلى الواجهة مرة أخرى، بعد تداول معلومات عن إلغاء الاتفاق الذي عقد بين البلدين في العام 2019، بسبب مخاوف القاهرة من عقوبات أميركية إذا تم تنفيذ الصفقة. ومن بين العقوبات المتوقعة، تعليق تقديم المساعدات العسكرية الأميركية للقاهرة، والمقدرة بـ1.3 مليار دولار سنوياً.
وكان من المفترض أن تصبح القوات الجوية المصرية أول عميل لطائرة “سوخوي 35” في منطقة الشرق الأوسط، بعد توقيع العقد الذي تضمن تسليم نحو 24 طائرة مقابل ما يقرب من 3 مليارات دولار أميركي.
وأثار الاتفاق غضب واشنطن، حيث لوح مسؤولون أميركيون باحتمال فرض عقوبات على القاهرة في حال الإصرار على إتمامه. غير أن المراسل الروسي العسكري السابق إيفان سافرونوف، الذي اعتقل في العام 2020 ووجهت له تهمة الخيانة، زعم أن مصر مضت في تلك الصفقة، وتسلمت بالفعل الدفعة الأولى وعددها خمس طائرات، في أغسطس/ آب 2020.
مصر تسعى لتنويع مصادر السلاح
من جهته، رفض مصدر عسكري مصري رفيع المستوى التعليق لـ”العربي الجديد” على الأنباء الخاصة بوقف القاهرة صفقة المقاتلات الروسية، وقال إن “مصر تتمتع بعلاقات عسكرية وطيدة مع الولايات المتحدة، ولكن القوات المسلحة المصرية تسعى دائماً إلى تنويع مصادر السلاح، وهي الاستراتيجية المتبعة منذ فترة طويلة”.
وكانت القوات البحرية المصرية قد نفذت مع نظيرتها الأميركية، السبت الماضي، تدريباً بحرياً عابراً بنطاق الأسطول الشمالي، وذلك بمشاركة حاملة المروحيات “جمال عبد الناصر” والفرقاطة “الجلالة” مع المدمرة الأميركية”USS DELBERT D.BLACK”.
وتضمن التدريب تنفيذ مجموعة من الأنشطة المختلفة، والتي تركزت على تبادل الموقف العملياتي في مسرح العمليات البحري، والتدريب على أساليب العمل المتجانس ضمن قوة مشتركة مكلفة بمهام حفظ الأمن البحري، بغرض مجابهة التهديدات التي قد تؤثر على تدفق التجارة العالمية وحرية الملاحة الدولية.
يذكر أن التدريب هو الثاني من نوعه مع البحرية الأميركية، والذي تم تنفيذه خلال فترة زمنية وجيزة من أجل “تحقيق المصالح المشتركة لكلا الجانبين، وتعزيز التعاون العسكري بين القوات البحرية المصرية والأميركية”، على حد وصف بيان عسكري مصري.
إيران تريد شراء مقاتلات أنتجتها روسيا لمصر
في موازاة ذلك، أعلنت إيران رسمياً نيتها شراء مقاتلات روسية. وقال قائد القوات الجوية الجنرال حميد وحيدي، لوكالة “بورنا” للأنباء المرتبطة بوزارة الرياضة، أمس الإثنين، إن “الجيش الإيراني يعتزم شراء سوخوي 35 من روسيا”.
ووفقاً لما ما نشره موقع “sammunasanayist.com” التركي، أمس الأول الأحد، فإن إيران مهتمة بشراء مقاتلات “سوخوي 35″، التي أنتجت من قبل روسيا لمصر بناء على طلب الأخيرة، حيث إن هناك ادعاءات بأن القاهرة لم تستلم هذه المقاتلات بسبب مشاكل تتعلق بأداء الطائرات.
ونقل الموقع عن وحيدي قوله، سابقاً، إن إيران تنوي شراء 24 مقاتلة من طراز “سوخوي 35” من روسيا، وهو ما يدل على أنه إعلان رسمي لعملية الشراء هذه، وبالتالي ستتمكن طهران، التي تعاني منذ سنوات طويلة من الحصار، من دمج المقاتلات الجديدة بقواتها المسلحة.
وبحسب مصادر إيرانية تحدثت للموقع، فإن طهران تريد شراء أكثر من 60 مقاتلة “سوخوي 35″، وبعد استلام الدفعة الأولى، المكونة من 24 طائرة، فإنها ستطرح مسألة إنتاج الطائرات بشكل مشترك.
وذكر الموقع أن مصر التي طلبت من روسيا شراء 24 مقاتلة في مارس/ آذار العام 2019، لم تستلمها بعد، و”يعتقد أن مصر خائفة من العقوبات الأميركية، وهناك ادعاءات أخرى بأن سبب عدم استكمال الصفقة هو أداء هذه المقاتلات”.
ويستدرك الموقع بالقول إن التوقعات تشير لاهتمام إيران بالطائرات الروسية التي أنتجت لمصر، لكن من المبكر القول إن طهران ستستكمل شراء هذه المقاتلات في ظل عدم معرفة الموقف المصري من إلغاء الصفقة من عدمها.
من جهته، قال دبلوماسي مصري سابق وخبير في الشؤون الروسية، متحدثاً لـ”العربي الجديد”، إنه “لو صدقت التقارير الخاصة بتراجع مصر عن شراء المقاتلات الروسية، فإن ذلك يصبح مفهوماً في سياق المواجهة الأميركية الروسية، التي وصلت إلى مستويات خطيرة، ودفعت واشنطن إلى حشد جميع حلفائها في العالم، للوقوف في صفها”.
مصر حليف استراتيجي لأميركا
وأضاف المصدر أن “مصر تُعتبر من الحلفاء الاستراتيجيين بالنسبة للولايات المتحدة، وأن العلاقات العسكرية بين البلدين ممتدة ومتجذرة، ويصعب في النهاية تجاوز ذلك والتحول فجأة ناحية روسيا، خصوصاً في ظل المواجهة الحالية المتمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية”.
وأوضح أنه “بالرغم من الحديث الدائم داخل القوات المسلحة المصرية عن سياسة تنويع مصادر السلاح، إلا أن الواقع يؤكد أن تسليح الجيش المصري الأساسي أميركي بنسبة كبيرة، بسبب استراتيجية واشنطن لربط الجيش المصري بنظيره الأميركي، بهدف ضمان استقرار منطقة الشرق الأوسط بعد توقيع معاهدة السلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضاف المصدر أنه “منذ ذلك الحين، تعتبر الولايات المتحدة مصر والجيش المصري شركاء استراتيجيين لا يمكن السماح بفقدهم تحت أي ظرف، وتحولهم ناحية منافسين دوليين مثل روسيا والصين، خاصة في وقت الحرب”.
ولفت المصدر إلى أن “الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط، والقمة التي عقدت بمدينة جدة السعودية، والتقى على هامشها بالرئيس (عبد الفتاح) السيسي، أعادت ترسيخ التحالف الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن”.
وكان بيان مصري أميركي مشترك صدر بعد لقاء السيسي وبايدن في 16 يوليو/ تموز الماضي بمدينة جدة السعودية، قد جدد التأكيد على التزام الطرفين بـ”الشراكة الاستراتيجية المصرية الأميركية”. وشدد الرئيسان على أن “تظل الشراكة في مجال الدفاع بين مصر والولايات المتحدة، التي استمرت عقوداً، ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي، وأهمية هذه الشراكة التي تخدم مصالح البلدين”.
المصدر: العربي الجديد