النظام السوري يستقطب «يوتيوبرز» أجانب لجذب السياح وإظهار تعافي البلاد

وائل عصام

تحدثت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية في تقرير عن تجنيد النظام السوري لمؤثري اليوتيوب (اليوتيوبرز) الأجانب لإظهار سوريا أنها دولة آمنة. وأوضحت الصحيفة أنه منذ إعادة فتح حدود البلاد، يسافر المزيد من مستخدمي «اليوتيوب» إلى سوريا، حيث يتم إخفاء خطاب نظام بشار الأسد «الديكتاتوري».

وبين التقرير أن نظام الأسد فهم مصلحة منح تأشيرات السفر لهؤلاء السياح والكاميرا في يدهم، حيث يعتبرها استراتيجية حقيقية من جانبه، والفكرة هي تشجيعهم على السفر إلى سوريا ومن ثم نقلهم إلى أماكن محددة ليقولوا لهم: «انظروا، انتهت الحرب وسوريا دولة طبيعية». وأكد التقرير أنه لم يعد السلام حقاً إلى البلاد، التي لا تزال تحمل ندوب الصراع الذي أودى بحياة ما يقرب من نصف مليون شخص. وحسب التقرير فإنه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وبينما كانت غارة روسية تحصد أرواح 5 أفراد من عائلة واحدة في شمال غربي سوريا من بينهم 3 أطفال، كانت مدونة آيرلندية شهيرة تصوّر مقاطع فيديو مبهجة لجولات تقوم بها في مدينتي دمشق وحلب.

وتعلّق صوفي فوليرتون للصحيفة، وهي أكاديمية أمريكية مختصة في العلوم السياسية وباحثة في مجال حقوق الإنسان، أنه لا أحد من متابعي قناة المدونة الآيرلندية الشهيرة «جانيت نيوينهام» في موقع يوتيوب، يمكنه أن يعرف ما حل بالعائلة السورية المكلومة، حيث توحي مقاطع الفيديو المبهجة التي تنشرها بأن سوريا بلد لا توجد فيه حرب.

وفي أواخر تموز/يوليو الماضي اعتبر معاون وزير السياحة في حكومة النظام السوري، غياث الفراح، أن قدوم صانعي محتوى «اليوتيوبرز» بشكل كبير إلى سوريا، يسهم في ترويج السياحة في البلاد بشكل كبير، وأضاف في لقاء مع إذاعة «ميلودي اف ام» المحلية، أن زيارات صانعي المحتوى تجري بالتنسيق مع المكاتب السياحية واتحاد غرف السياحة مع الوزارة.

ويؤكد المراقب الاقتصادي منذر محمد أن النظام يستخدم «اليوتيوبرز» لـ»الترويج لتعافي البلاد بكلفة زهيدة»، موضحاً أنه «غالبية اليوتيوبرز يبحثون عن الأرباح من خلال المشاهدات، ومن الطبيعي أن تحقق المقاطع المصورة في بلد يشهد حرباً مستمرة لأكثر من عقد نسبة مشاهدات مرتفعة». وفي حديثه لـ«القدس العربي» يوضح محمد أن الوضع الاقتصادي للنظام لا يساعده على الترويج للسياحة بالطرق التقليدية، أي المشاركة في المعارض الخارجية، أو تنظيم مهرجانات سياحية كبيرة في سوريا لجذب السياح.

لكن السؤال الذي يجب طرحه من وجهة نظر المراقب الاقتصادي، هو عن الجدوى الاقتصادية؟ ويعلق بقوله: «الأرجح أن الفائدة التي يجنيها النظام من «اليوتيوبرز» محدودة جداً، لأن الحرب السورية مستمرة، وهذه الحقيقة التي لا يستطيع أحد طمسها».

ويتفق مع محمد، الخبير الاقتصادي سمير الطويل، ويقول لـ«القدس العربي»: إن «الترويج لوحده لا يمكن أن يؤدي لنتائج في ظل عدم توفر المقومات، ونقصد هنا السياحة في سوريا».

ويوضح الطويل أن النظام يروج للسياحة لكن البلد تعاني من غياب الأمان، وكذلك عدم توفر مقومات السياحة، ويستدرك: «لكن يمكننا الحديث عن وصول عدد محدود من الزوار إلى سوريا»، ويلفت إلى غياب الأرقام الدقيقة التي تقدر عددهم.

وحسب أرقام مصدرها حكومة دمشق، فإنه منذ بداية العام الحالي 2022 دخل نحو 700 ألف شخص إلى سوريا من ضمنهم حوالي 35 إلى 60 في المئة هم سيّاح من جنسيات عربية وأجنبية، بزيادة عن العام الماضي 2021، حين دخل إلى سوريا 660 ألف سائح خلال كامل العام. لكن، الخبير الاقتصادي الطويل، يشكك في دقة هذه الأرقام، مؤكداً أن «النظام يعتبر كل وافد إلى سوريا على أنه سائح، وحتى لو كان مغترباً سورياً، يريد زيارة أهله وتفقد ممتلكاته». ويختم بقوله: «الترويج للسياحة يحتاج إلى مرافق وخدمات وشركات نقل، علماً أن البلاد بقدراتها الحالية لا تخدم التعافي السياحي». وطبقاً لتقديرات فإن خسائر القطاع السياحي منذ بداية الحرب، وصلت إلى نحو 330 مليار ليرة سورية، في حين تقدر مصادر أن النهوض بالقطاع السياحي لن يكون قبل عام 2030.

المصدر:  «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى