تحديات تواجه الطلبة السوريون في جامعة غازي عنتاب

 لانا الصالح – فاطمة دوجي – نور الهدى بكداش – سيرين شلي

لعبَ اللجوء السوري إلى تركيا دوراً جديداً في حياة الطلبة السوريين، حيث تفيد النتائج الرسمية من دائرة الهجرة التركية  بأن ثلاثة ملايين وسبعمائة وأربعة وخمسون ألفاً، يعيشون بمختلف الأراضي التركية، وتبلغ نسبة القاطنين من حَمَلة الحماية المؤقتة في مدينة غازي عينتاب جنوبي البلاد 462.261 ألفاً، ولكون المنطقة فيها تداخل تاريخي وامتدادٌ جغرافي حيث توضح دراسة نشرتها جامعة غازي عنتاب عام 2018  بوصول نسبة 90% من القاطنين في محافظة حلب إلى مدينة غازي عنتاب.

ويعدّ وصول الطالب إلى المرحلة الجامعية أمراً ذي أهمية للأسرة السورية في سبيل متابعة التحصيل العلمي والبحث عن حياة أفضل.

ومع استمرار تواجد السوريين في البلاد افتتحت جامعة غازي عنتاب أقسامًا متعددة باللغة العربية، ولعبت المنح الدراسية والتسهيلات دوراً واضحاً في سبيل دعم الشريحة الطلّابية الصاعدة من المجتمع الجديد في المدينة.

إلا أنه مع تبدّل الظروف والقوانين واستمرار تصاعد بعض الأصوات المنادية برفع الدعم الموجّه للسوريين من قبل الجامعات ومعاملتهم معاملة الطالب الأجنبي ما يعني دفع التكاليف الدراسية الفصلية .

حيث تختلف الإجراءات التنفيذية المتعلقة بدفع الأقساط ومعاملة الطلاب المستجدين أو القدامى بين جامعة وأخرى، وتفيد اللائحة الرسمية  لجامعة غازي عنتاب لكليات مثل الطب البشري بمبلغ ثلاثون ألف ليرة  للسنة الدراسية، بينما كليات الهندسة والصحة سبعة آلاف ليرة تركية، أما الكليات الأدبية مبلغ أربعة آلاف للسنة الدراسية.

هذه اللائحة الجديدة هي لدرجة البكالوريوس لعام 2021-2022 بعد أن تم رفع الإعفاء المقدّم للطلبة والطالبات في الجامعة.

المنح الدراسية المقدمة لإتمام دراسة الطالب الجامعي

تعد جامعة عنتاب من الوجهة المفضّلة للطلبة والطالبات السوريات وكذلك الأجانب فهي على الرقم 22 بسلم ترتيب الجامعات التركية الوطنية، كما أنّها تحقق نوعاً من الإستقرار بعد موجات النزوح واللجوء المتكررة التي واجهت الأسرة السورية، وما كانت تقدّمه الجامعة بفروعها التدريسية باللغة التركية، العربية، الإنجليزية.

تشجّع المنح الدراسية لإكمال الطلبة مسيرة تعليمهم، حيث تتوفر ست منح مالية مختلفة داعمة للطلاب للتحصّل على مقعد دراسي في جامعة غازي عنتاب تهدف للمساهمة في إنجاز المسيرة التعليمية للفئة الجديدة في المجتمع، وتشمل حاملي بطاقة الحماية المؤقتة والإقامة بمختلف أنواعها لمختلف المراحل الجامعية البكالوريوس، الماجستير ، الدكتوراة .

أبرز أنواع المنح الدراسية الجامعيّة

تختلف المنح الدراسية حسب الميزات المقدمة للطالب مثل المنحة التركية الحكومية التي تشمل المراحل الجامعية كافّة، وتوفر فيها الحكومة ما يقارب 5 آلاف مقعد دراسي سنوياً بتمويل كامل من الحكومة للطلاب الأجانب، و منحة (UNHCR) وهي منحة تركية بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافة إلى منحة الأوقاف التركية وهي معنية بالطلاب السوريين الحاصلين على الجنسية التركية،  ولا يمكن للطلاب تحت هوية الحماية المؤقتة التسجيل عليها.

منحة (Spark) وهي منحة تدعم مؤسسات التعليم في الدول المجاورة لسوريا مثل الأردن، كردستان العراق، لبنان وتركيا في خطة استجابتهم للأزمة السورية، والمساهمة في الفرص الدراسية و المهنية للاجئين السوريين في الدول المجاورة لاستكمال تعليم الطلبة اللاجئين، أيضا المنحة الهولندية، وهي برنامج منحة تعاوني بين جامعة غازي عنتاب ووزارة الخارجية الهولندية لدعم الطلبة السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، وأخيرا المنحة التركية الخاصة ببرنامج اللغة التركية (التومر) لسنة التحضيري.

شروط الحصول على المنح

تشترك أغلب المنح في الشروط نفسها التي يتوجب على الطالب موافاتها ليتم قبوله في إحدى هذه المنح، ومن هذه الشروط ألا يتجاوز عمر المتقدم 25 عاماً لعام 2022، وألا يكون ملتحقاً بإحدى الجامعات التركية بنفس الدرجة العلمية التي يريد التقديم عليها، أيضا أن لا يقل معدله في الثانوية عن 70% لكافة التخصصات و 90% لتخصصات المجموعة الطبية (طب بشري – أسنان – صيدلة)، وفي حال كان قد تخرج أو على وشك التخرج من الثانوية العامة (البكالوريا) يمكنه التقدم بوثيقة من المدرسة تثبت أن معدله في السنة الثانية في الثانوية لا يقل عن 70% وأنه مقيد بالمرحلة الثالثة بالثانوية العامة وعلى إثرها يمكنه التقديم لحين صدور شهادة الثانوية العامة.

إن هذه المنح تقدم دعماً مادياً لمختلف الطلبة السوريين، ويتراوح بين 1000 و 2500 ليرة تركية لمن هم داخل درجة البكالوريوس بما يعادل 70 و 167 دولار أمريكي.

تُقدم الجامعة 3 برامج باللغة التركية و الإنكليزية و العربية والذي تم إغلاقه مؤخرا بعد أن كان حلاً لمشاكل كبيرة واجهها الطلاب السوريين  مثل إيجاد مقاعد في القسم التركي أو فهم المواد الدراسية باللغة التركية، حيث كان البرنامج العربي الذي تمّ افتتاحه عام 2016-2015  هو وسيلة لتجاوز هذه الصعوبات، وقد ضمّ كليات مثل الهندسات، إدارة الأعمال والاقتصاد وغيرها من الأفرع، كما يتوجب على الطلاب دفع الأقساط السنوية التي تتراوح ما بين 5000 و8400  حسب الاختصاص.

في السابق كان يتم قبول الطلاب على الشهادة الثانوية فقط أما في عام (2019) أُصد َر قرار ينص على أنه يشترط على الطلاب الذين سوف يتم قبولهم أن يكونوا حاصلين على شهادة الـ yös او sat .

المعوقات التي تواجه الطالب السوري في جامعة غازي عنتاب

لا تعتبر اللغة هي العائق الوحيد أمام الطلبة السوريين في تركيا، حتى من تمكن من إكمال دراسته بالبرنامج التركي كان لديه العديد من العوائق منها المشاكل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

يقول الطالب أسامة حاج علي الذي يدرس هندسة ميكانيكية “كان قرار دفع الأقساط صدمة كبيرة و ذلك بسبب سوء الأوضاع المادية، و الآن نحن مضطرون للعمل، أعمل لساعات طويلة لتأمين الأقساط الجامعية ومستلزماتها”

أيضاً يضطر الطالب علاء عبدو في قسم هندسة الميكانيك أن يسافر أسبوعياً أربعة أيام إلى مدينة مرعش حيث تقيم عائلته لتوفير قسطه الجامعي الذي يبلغ قدره 7000 ليرة تركي.

كما أفادت طالبة سورية تدرس  في كلية English Language Teaching  أنها بدأت بدفع الأقساط منذ العام الماضي بالرغم من أنها كانت طالبة في سنة التحضيري للغة (HAZIRLIK)، وتضيف “ترتب علي دفع قسط وهو 2000 ليرة تركية للفصل الواحد مع أني لم أكن قد بدأت الدراسة بعد”

أما عن المشاكل الاجتماعية قالت الطالبة السورية “أعاني من العنصرية و النظرات الدونية التي كانوا ينظرونها لي”.

آثار سلبية للقرارات الأخيرة بحق الطلاب السوريين

ويوضّح أحمد مظهر سعدو رئيس تحرير صحيفة إشراق “عندما أخذت الجامعات التركية قرارها برفع إعفاء الأقساط الجامعية للطلاب السوريين لم تلحظ في سياق إعادة إنتاج هذا القرار أن لديها مئات آلاف الطلاب السوريين الذين لا يجوز أن تنطبق عليهم قرارات وقوانين تتعلق بزيادات التحصيل المالي، كما هو الحال لطلاب آخرين مقبلين إلى تركيا من دول أخرى تعيش حيوات الراحة والرخاء، ولم يلحظ أبدًا أن الطالب السوري هو طالب مهجر قسريًا، ويعيش معاناة مضاعفة يدركها القاصي والداني، وهو عندما خرج إلى تركيا فإنه جاء بخفي حنين وليس معه إلا ثيابه وروحه.”

وبحسب سعدو “المشكلة الأهم في أن مثل هكذا قرارات ستنعكس سلبًا بالضرورة على الحالة النفسية للطلاب السوريين وذويهم أيضًا، وهي تترك أحمالها الإجتماعية والنفسية الكبرى التي تعوق بالنتيجة أي تفكير صحي ومتوازن، حيث يعيش المرء حالة من القهر والعوز المادي والمعنوي تترك آثارها السلبية عليه من منحيين فهو إما سيضطر إلى التسرب من الجامعات ويبحث عن ما هو أقل تكلفة وإنفاقًا، حيث لا يمكنه دفع تلك الأقساط المهولة والمقلقة، أو أنه سوف يبحث عن المنح التي قد لاتأتي، وليس من المعقول أن ينتظر الطالب منحة غير مضمونة، وهو في حالة عدم القبول ستشكل له يأسًا كبيرًا قد يؤدي إلى الانتكاسات الحياتية ومن ثم اليأس الذي قد يدفع للانتحار أو البحث عن مصادر غير مشروعة للرزق.”

يعتقد سعدو أن قرار إلغاء الإعفاء من أقساط الجامعات للطلبة السوريين والتعامل معهم مثل أي طالب أجنبي سيترك عليهم الأثر النفسي الكبير الذي يدفع الطالب دفعًا إلى الهجرة مرة أخرى، أو البحث عن ملاذات ثانية قد لاتكون صائبة.

الطلاب الأجانب في الجامعات التركية

تستقطب تركيا أعداداً كبيرة من الطلاب الراغبين بالدراسة في الجامعات التركية سنوياً. وبحسب الأرقام التي قدمها مركز التعليم العالي في تركيا (YÖK) فإن أعداد الطلاب الأجانب قد زاد نحو عشرة أضعاف خلال السنوات العشر الماضية، إذ بلغ عددهم أكثر من 200 ألف طالب/ة يدرسون في الجامعات التركية. وذلك لاعتبارها أحد الدول التي تقدم فرص دراسية مناسبة لأوضاع أغلب الطلاب القادمين من الخارج، أيضاً بسبب ارتفاع مستواها التعليمي حول العالم، كجامعة Middle East University التي احتلت المرتبة 518 بحسب الترتيب العالمي للجامعات الحكومية، ما يجعل تركيا ضمن خيارات أغلب الطلاب القادمين من الدول الخارجية كأوروبا وإفريقيا للدراسة في مختلف الفروع، وبالتالي ازداد نسبة الطلاب الأجانب في الجامعات التركية بكافة المجالات والاختصاصات العلمية.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان

المصدر: صدى الشام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى