انطلقت الأربعاء في الخرطوم أولى جلسات الحوار السوداني المباشر برعاية “الآلية الثلاثية” المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيغاد”، بمشاركة العسكريين عبر لجنة تمثلهم، إضافة إلى قوى التوافق الوطني بقوى الحرية والتغيير ومجموعات تمثل الإدارة الأهلية والمجتمع المدني والمرأة.
ومن المنتظر أن تكون الجلسة الأولى إجرائية لاختيار أطراف الحوار وقضاياه وأهدافه والمنهج الذي سيتبعه من أجل إنهاء الأزمة السياسية في السودان، في وقت، أعلنت فيه قوى “الحرية والتغيير” اعتذارها رسمياً عن المشاركة في الحوار.
وفي 27 نيسان/ أبريل الماضي، أعلنت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و”الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا” (إيغاد)، عن انطلاق حوار وطني في الأسبوع الثاني من أيار/ مايو الجاري، لحل الأزمة السياسية بالسودان.
وطرحت الآلية الثلاثية أربعة محاور لحل الأزمة تشمل: ترتيبات دستورية، وتحديد معايير اختيار رئيس الحكومة والوزراء، وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة دقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات نزيهة.
والثلاثاء، أعلنت آلية أممية أفريقية، بدء محادثات غير مباشرة بين الأطراف السودانية لحل الأزمة السياسية في البلاد خلال هذا الأسبوع.
وأجرت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس”، بين 8 كانون الثاني/ يناير و10 شباط/ فبراير 2022، مشاورات أولية مع الأطراف في البلاد، لبحث سبل الخروج من الأزمة.
ومنذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وصفتها الأمم المتحدة بالانقلاب.
إلى ذلك، نشرت صحيفتا “التيار” و”الجريدة” الصادرتين في الخرطوم مقالا لرئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، بعنوان “أهداف العملية السياسية لاستعادة مسار التحول الديموقراطي في السودان”.
وقال فولكر في المقال إن “الغرض من هذه العملية السياسية هو تحقيق الأهداف والتطلعات التي يطالب بها الشارع السوداني منذ اليوم الأول بعد الانقلاب، وذلك عبر التوصل إلى حلول مُتفق عليها وبضمانات ورعاية دولية، لتأسيس نظام انتقالي مستقر يعمل على تحقيق أهداف الثورة”.
وأضاف: “هذه العملية السياسية هي في نفس سياق النضال السلمي غير العنيف. وهو المنهج الذي اعتنقته الثورة السودانية ونجحت عبره في الإطاحة بنظام المؤتمر الوطني وتأسيس الفترة الانتقالية لتقود إلى تحول ديمقراطي راسخ في السودان”.
وبحسب المبعوث الأممي، فإن هذه العملية تهدف إلى تقليل الخسائر الغالية في مسار السعي من أجل تحقيق هذا الهدف إلى أقصى حد، ولكنها لا تُلغي حقوق السودانيين في التعبير عن آرائهم والنضال السياسي من أجل تحقيقها بأي وسائل أخرى، إذا فشلت في الوصول إلى حل مجمع عليه ومُرض للجميع.
وأشار إلى أن العملية السياسية الحالية لا تهدف بأي شكل من الأشكال إلى خدمة أهداف الإفلات من العقاب أو غض الطرف عن ما تم ارتكابه من جرائم وانتهاكات، قائلا: “لقد عبرنا في أكثر من مرة عن غضبنا الشديد من استمرار عمليات إطلاق النار على المتظاهرين السلميين والانتهاكات المختلفة، وقمنا بإثارة الموضوع مع السلطات والتي استجابت مؤخرا بإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين للسماح ببدء العملية السياسية”.
وأوضح أن هذه العملية السياسية، لا يمكن أن تنجح في التوصل إلى حل شامل ودائم ومُجمع عليه، ما لم تكن سودانية الملكية بالكامل، وشاملة للجميع وخصوصا النساء والشباب والفئات الاجتماعية المختلفة من الهامش والمركز.
وأكد على أن “ما تطرحه الآلية الثلاثية من مقترحات لهيكلة أو تصميم أو ترتيب أو تنظيم العملية السياسية، هي مساعدات تقنية محايدة لتيسير عملية التوصل إلى حلول، ويمكن للسودانيين الاختيار منها أو اقتراح أفكار عملية أخرى، مشددا على “أننا لن نسعى لمحاولة فرض أي شيء على السودانيين”.
وأفاد: “السودان مدين بالكثير للثوار ولشهداء الثورة، والذين لا يجب أن تذهب تضحياتهم سدى. إن هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها السودان تدفعني إلى أن أدعو الجميع إلى النظر إلى مرارات الماضي والعمل معا على تجاوزها من أجل بناء المستقبل”.
وختم بالقول إن “القتل ينبغي أن يتوقف الآن، التشريد والنزوح ينبغي أن يتوقفا، الفقر والمعاناة ينبغي أن ينتهيا، ولقد آن الأوان للسودانيين لينالوا حظهم من التنمية والديمقراطية والعدالة والسلام والاستقرار، ونحن في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره على استعداد كامل للمساعدة في ذلك”.
المصدر: عربي 21