عقدت مجلة إيكونوميست البريطانية مقارنة بين السعودية وقطر فيما يتعلق بسياسات الطاقة في البلدين، وقالت إن الغزو الروسي لأوكرانيا كشف عن “تناقض صارخ” في موقفهما من العالم خارج حدودهما.
وتشير المجلة إلى أن نهجهما المختلف في المسائل الجيوسياسية المتعلقة بالطاقة ستكون له تداعيات كبيرة على كل من الشرق والغرب.
ويلفت التقرير إلى الأرباح الكبيرة التي حققتها شركة “أرامكو”، أكبر مصدر للنفط في العالم مع ارتفاع أسعار النفط في عام 2021، والطفرة التي يتوقع أن تحققها في 2022 في ضوء الأسعار الحالية.
وكانت الشركة أعلنت قبل يومين أنها حققت أرباحا 110 مليارات دولار خلال العام المنتهي في 31 ديسمبر الماضي، من 49 مليار دولار في العام السابق، وهو ارتفاع يتجاوز الأرباح التي حققتها قبل تفشي جائحة كوفيد-19.
وكشفت الشركة أنها تخطط لزيادة الإنفاق الرأسمالي بين 40و50 مليار دولار هذا العام، ارتفاعا من 32 مليار دولار في عام 2021.
وسيساعدها ذلك في تحقيق هدف زيادة إنتاج النفط إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027، من 12 مليون برميل يوميا حاليا.
ورغم ذلك، لاتزال المملكة تؤكد على موقفها الرافض لزيادة الإنتاج لمواجهة الارتفاع في أسعار النفط العالمية، وفشل رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي زار الرياض مؤخرا في تغيير موقفها.
وتشير المجلة إلى أن “الولاءات السعودية تميل الآن إلى الشرق أكثر من الغرب”، فقبل بضعة أسابيع، أنهت “أرامكو” اللمسات الأخيرة على استثمار طويل الأمد في مجمع تكرير في شمال الصين.
وسبق أن ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن حكام المملكة يجرون محادثات مع الصين لتسعير بعض إمدادات الخام باليوان، وهو ما من شأنه “إضعاف هيمنة الدولار” في سوق النفط ويعرض للخطر اتفاث يعود تاريخه إلى عهد الرئيس الأميركي الراحل، ريتشارد نيكسون، ويتعلق بـ”الدولار البترولي” مقابل الضمانات الأمنية للسعودية.
وفي إشارة أخرى على اتجاه الرياض نحو آسيا، قالت بلومبيرغ إن مجموعة “أداني” الهندية العملاقة ربما تخطط في الدخول بشراكات مع المملكة، تشمل شراء حصة في “أرامكو”.
وهناك أسباب تجارية لتوجه المملكة نحو الشرق، فأكثر من ربع صادراتها النفطية تذهب إلى الصين، و10 في المئة فقط إلى أوروبا، و7 في المئة إلى الولايات المتحدة،
لكن “نظام (ولي العهد) الأمير محمد بن سلمان يعادي الغرب دون داع بمقاومة الدعوات لزيادة الإنتاج، رغم أنه يستطيع القيام بذلك دون المساس بأعماله التجارية”، بحسب “إيكونوميست”.
وتضيف أنه “مقاومته تكاد تكون نكاية، ويبدو أنها لا علاقة لها بالتجارة وتتعلق أكثر بالمخاوف الأمنية للمملكة، مثل احتواء إيران ووكلائها، والتي يشعر ولي العهد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تتجاهلها، وما يؤكد مثل هذه المخاوف هجمات الحوثيين ضد “أرامكو” الأسبوع الماضي”.
من جهة أخرى، لدى “قطر للطاقة” أيضا عملاء أسيويون، لكن لديها نهج “أكثر واقعية تجاه العالم الخارجي”، بحسب “إيكونوميست”
وتريد الدوحة علاقات تجارية قوية مع الصين، وذلك يرجع جزئيا لضمان عدم استبدال غازها بالغاز الروسي، لكن هذا لا يمنعها من الحفاظ على علاقات قوية مع واشنطن.
وتقول المجلة: “قطر لا ترد وضع المسائل الجيوسياسية قبل المصالح الاقتصادية لشركة قطر للطاقة”.
وظهرت مثل هذه البراغماتية التجارية خلال مقاطعة دول خليجية ومصر لقطر، حيث يقول ستيفن رايت، من جامعة حمد بن خليفة في الدوحة، إنه خلال تلك الفترة “حافظت قطر على تدفق الغاز الطبيعي إلى الإمارات من أجل إقناع العالم بأنها مورد موثوق”.
وتجلى هذا الأمر أيضا خلال أزمة الغاز الأخيرة في أوروبا، في الفترة التي سبقت الحرب على أوكرانيا. ورغم أنها رفضت أيضا ضخ المزيد من الغاز للقارة، إلا أن هذا الأمر كانت له أسباب تجارية، تتعلق بعقود طويلة الأجل.
لكن قطر وجدت “فرصة تجارية” مع سعي أوروبا حاليا لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، ودخلت في محادثات مع ألمانيا بشأن إبرام عقد طويل الأمد.
وتقول المجلة أن “قطر للطاقة” و”أرامكو” لديهما خطط لزيادة الإنتاج خلال العقد المقبل.
لكن بعد عقد من الآن “عندما تتوقف السيارات عن حرق نفط أرامكو، ستشحن هذه السيارات بواسطة الكهرباء المولدة من غاز “قطر للطاقة”.
وعندما يكون المستقبل في إنتاج الهيدروجين. “ستبدو جهود قطر للحفاظ على علاقات جيدة مع عملائها من كافة الوجهات السياسية أكثر حصافة من الناحية التجارية من تضخيم الذات السعودي”.
المصدر: الحرة. نت