فتحتُ عيني على رؤياك فانبلجت
روائعُ الفجر في برديكِ تختصرُ
شوامخاً أبدعَ الباري مفاتنها
وغار نبعٍ جرى في كفهِ القمرُ
رهطٌ من الجندِ كالآسادِ تحرسها
عند الثغورِ وعينُ الله والبشرُ
قريرةُ العينِ تغفو وهي واقفةٌ
مثلَ الرماح رعاها النصرُ والظفرُ
فيها البراري ربيعٌ حالمٌ وشذىً
في حضرةِ التينِ والزيتونِ تعتمرُ
يا روضةً من جنانِ الخلدِ أحسبها
شعراً يؤوبُ إلى أحضانهِ الوترُ
أحببتُ فيكِ السواقي مثلَ عاشقةٍ
ضمت مراسيلَ فارسها وتنتظرُ
إني كتبتك في ألواحِ ذاكرتي
ليلي يهيم بها قيسٌ ويستعرُ
يسامرُ الحبُ في واديك أروقةً
من الظلالِ جناها الطيرُ والشجرُ
تلك الطواحينُ كم من ليلةٍ رقصت
على رحاها فغنى الماءُ والحجرُ
شلالها الأبيضُ الفضيُ مبتهجٌ
كالثلجِ في صلواتِ الريحِ ينهمرُ
ويفرعُ النهرُ في الوادي جداولَهُ
عقيقَ شعرٍ به الجناتُ تزدهرُ
أرتالُ حورٍ بها الصفصافُ مشتبكٌ
والزيزفونُ بفرعِ الجوزِ يدثرُ
والمشمشُ الأصفرُ الورديُ منشغلٌ
بالجلنارِ وتفاحُ الهوى نضرُ
بين الدوالي يطوف الشوقُ محتضناً
حلوَ العناقيدِ في أحلامهِ السهرُ
والياسمينُ صباحٌ في تألقهِ
عشقٌ تتيهُ به الألوانُ والصورُ
يا ليت شعري ينامُ الليل في دعةٍ
كالبدرِ خلفَ تخومِ الغيمِ يستترُ
لكنهُ أملٌ، في صحوهِ غزلٌ
في ليله قمرٌ، في صدقهِ الخبرُ
تباركَ اللهُ في أرضٍ نسائمها
من عطرِ ماءٍ (بعين منين) تنتشرُ
فأنت روحي وبستاني وفاكهتي
وأنتِ شعري الذي ما خانهُ النظرُ