رغم أن بعض المحللين يرون في التهديدات الإسرائيلية حرباً نفسياً ضد إيران، فإن آخرين يقولون إن طهران لا تتجاهل مطلقاً التهديدات العسكرية الإسرائيلية، وتبذل قصارى جهدها للاستعداد اللازم “على مستوى العدو المنافس”.
الوفد الإيراني المفاوض يغادر اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا قبل أسبوعين (الأوروبية)
طهران– بالتزامن مع المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية في فيينا، تتواصل جهود إسرائيل لممارسة أقصى الضغوط على طهران بغية تعطيل مشروعها النووي.
وتفيد مصادر إعلامية بأن وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أطلع المسؤولين في الإدارة الأميركية على الجدول الزمني الذي تحتاجه دولة الاحتلال من أجل شن هجوم على إيران.
وحسب موقع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فقد أبلغ غانتس واشنطن أنه أصدر توجيهات لجيشه للتأهب لشن هجوم على إيران، في إطار مضاعفة إسرائيل ضغوطها على الولايات المتحدة لعدم العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وتشديد عقوباتها الاقتصادية على طهران.
ووفقا للخبراء، ومع التوسع التدريجي في البرنامج النووي الإيراني وتقدمه في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، والتوقع بأن تصل قدرة إيران المستقبلية على التخصيب إلى نسبة 90% (وهو ما يكفي لصناعة قنبلة نووية)، فإن خطر اندلاع مواجهة عسكرية قد يمتد إلى المنطقة بأكملها. ويأتي ذلك أيضا في ظل تقارير تتحدث عن محادثات صعبة وغير مشجعة في فيينا.
حرب نفسية
يرى الخبير الإستراتيجي والقيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم أن ما تفعله إسرائيل الآن هو حرب نفسية منسجمة مع سياسة الولايات المتحدة التي تنتهجها بالتزامن مع المحادثات النووية في فيينا، وقال “لا أرى قيمة في الرد على هذه الحرب النفسية”.
ويعتقد مقدم، في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل لا تسعى لتوجيه ضربة عسكرية مباشرة لمنشآت إيران النووية، لأن ذلك سيؤدي إلى حرب عالمية واسعة النطاق. ويقول إن “النظام الصهيوني يهتم بالتخريب والاضطهاد أكثر منه بشن حرب، صحيح أنه يشجع الولايات المتحدة على توجيه ضربة عسكرية لإيران، لكنه أمر مستبعد الحدوث”.
الهجوم السيبراني
وبحسب المحللین، فإنه في وقت يواصل فيه الإسرائيليون سياستهم التقليدية في الهجمات السيبرانية (الإلكترونية) على منشآت إيران النووية، سيكون نموذجهم الآخر تشكيل تحالفات مع دول المنطقة لخلق تحديات أمنية جديدة لإيران.
ويعتقد المحلل السياسي والخبير في شؤون الشرق الأوسط وغرب آسيا جعفر قناد باشي أن “إيران لا تتجاهل مطلقا العدو وتهديداته العسكرية، وتبذل قصارى جهدها للاستعداد اللازم على مستوى العدو المنافس”.
ويقول قناد باشي في حديثه للجزيرة نت، إن الإسرائيليين مهتمون بإظهار أنفسهم بصورة المتقدّم والمتفوّق، ويرون أنها نوع من الدفاع عن موقفهم، “لذلك لا نأخذ هذه الدعاية على محمل الجد في الساحة السياسية”، واعترافهم بهذا دليل على أن: نهج “الضغوط القصوى” على إيران وكذلك منهجية “الموت بألف طعنة” قد باءا بالفشل.
وأردف قناد باشي أن إسرائيل دولة تصدر ضدها العديد من القرارات على الساحة الدولية في كل عام، وإذا أطلق الإسرائيليون رصاصا نحو إيران، فسيتضامن العالم مع طهران، كما وقف مع أستراليا أمام بريطانيا، ومع غزة والمقاومة الإسلامية (حماس) في الحروب الإسرائيلية الأخيرة على الفلسطينيين، حسب تعبيره.
المشاركة مع الآخرين
وبحسب الخبراء، فإن غالبية الجنرالات في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي يعارضون الحرب مع إيران، لكن إذا تلقت إسرائيل الدعم ومشاركة آخرين في الحرب، فمن المحتمل أن تغتنم الفرصة وتدخل المعركة.
يقول النائب السياسي السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري رحيم ليالي إن التهديدات الإسرائيلية تشكل انتهاكا صارخا للمادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة. “ونظرا لتاريخ الكيان الصهيوني المظلم في مهاجمة دول المنطقة، فإن التهديدات تتطلب ردا مناسبا من المجتمع الدولي”.
“نحن نحتفظ بالحق الطبيعي في الدفاع عن أنفسنا، وسنرد بشكل حاسم على أي تهديد أو مخالفة من قبل الاحتلال”، كما يضيف ليالي.
وعن السيناريو في حال وقوع حرب تقليدية بين الجانبين، يوضح ليالي للجزيرة نت “يمكننا القول إن إسرائيل ستتلقى ضربات شديدة تدفعها إلى حافة الدمار بسبب جغرافيتها الصغيرة، ولحجم الصواريخ التي ستطلقها إيران وحلفاؤها، وكذلك اختلاف مسافات إطلاق النار بينهما، والتي تمتد من الحدود الإسرائيلية في لبنان وسوريا إلى أعماق الأراضي الإيرانية”.
ويقدّر المسؤول الإيراني أنه من غير المحتمل أن يكون نظام الدفاع الصاروخي في إسرائيل قادرا على مواجهة جميع الصواريخ الإيرانية.
ويشير ليالي، ناقلا عن القناة السابعة الإسرائيلية، إلى أن “إسرائيل محاطة بنحو 200 ألف صاروخ مختلفة قادرة على الوصول إليها، ولا يمكنها إنتاج كميات كبيرة من الترسانة القادرة على اعتراض هذه الكمية من الصواريخ”.
إحدى المحطات النووية الإيرانية (الجزيرة)
نقطة انفصال النووي
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي أحمد زيد آبادي أن الإسرائيليين ينتهجون سياسة معقّدة، ولا يسعون لحل القضية الإيرانية والتوصل إلى الاتفاق النووي، لأنهم يستغلون عدم الاتفاق في رفع التوتر بالمنطقة.
لكن آبادي يعتقد أنه إذا كانت هناك إرادة في إيران لتقليل نقطة انفصال النووي (الوقت الفاصل عن حيازة سلاح نووي)، وإذا كانت تريد صنع القنبلة، فلن يتجاهلها الإسرائيليون بالتأكيد، وسيستخدمون أي وسيلة لمنع حدوث ذلك حتى لو كانت احتماليته 1% فقط.
وحسب آبادي، فإن الإسرائيليين خائفون من المواجهة مع إيران والقوى الموالية لها، لكن إذا كان بإمكانهم منع وصول الصواريخ لإسرائيل بنسبة 90% أو 95%، ووصلت إيران أيضا إلى نقطة انفصال النووي، فإن احتمال توجيه ضربة عسكرية سيكون مرتفعا.
المصدر : الجزيرة