باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الأول 2021، وأشارت تعرض موقع الشبكة السورية لحقوق الإنسان لهجمات إلكترونية روسية هي الأعنف منذ سنوات.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 23 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر تشرين الأول 2021، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، ويُسلِّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في تشرين الأول مقتل 84 مدنياً، بينهم 22 طفلاً و4 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، كما سجل مقتل 7 أشخاص بسبب التعذيب. إضافة إلى مجزرتين اثنتين، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 204 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 1 طفلاً و9 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الأول، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظتي ريف دمشق فالرقة.
وبحسب التقرير فقد شهد تشرين الأول ما لا يقل عن 14 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، كانت 10 منها على يد قوات النظام السوري وحلفائه، و4 على يد جهات أخرى.
جاء في التقرير أن تشرين الأول شهد استمرار العملية العسكرية التي تشنها قوات الحلف السوري الروسي على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا وشملت مناطق في عمق المنطقة حتى مناطق قريبة من الحدود السورية التركية. وترافقت معظم هجمات النظام السوري الأرضية بتحليق لطيران الاستطلاع الروسي في المنطقة. وقد تسبب هجوم أرضي سوري على مدينة أريحا في ريف إدلب الجنوبي في 20/ تشرين الأول بمجزرة راح ضحيتها 11 مدنياً، بينهم 4 أطفال وسيدة.
كما واصل سلاح الجو الروسي هجماته بين الحين والآخر على شمال غرب سوريا على خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات النظام السوري والفصائل في جبل الزاوية، وكان من بين الهجمات غارة جوية على أطراف مدينة مارع بريف حلب الشرقي هي الأولى على هذه المنطقة منذ سنوات. وبحسب التقرير فقد دخلت قوات النظام السوري في 3/ تشرين الأول إلى مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي، وشملت عمليات التسوية في تشرين الأول مدينة إنخل في ريف درعا الشمالي أيضاً، وبلدة الجيزة في ريف درعا الشرقي.
كما رصد التقرير عدة تفجيرات بعبوات ناسفة ودراجات نارية في ريف حلب، كان أبرزها الانفجار الذي تسبب بمجزرة في مدينة عفرين في 11/ تشرين الأول. كما شهدت مدينة تل أبيض بريف الحسكة الشمالي الغربي تفجيرات ألحقت أضراراً مادية في البنى التحتية. كما شهدَ تشربن الأول استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، كان جلها في ريف حلب الشرقي ودرعا، حيث وثق التقرير مقتل 7 مدنياً بينهم 6 أطفال لتصبح حصيلة الضحايا الذين قتلوا بسبب الألغام منذ بداية عام 2021، 149 مدنياً بينهم 64 طفلاً، و22 سيدة.
وفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع الاقتصادي في تشرين الأول في عموم مناطق سوريا، وفي مقدمتها المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري. وفي شمال غرب سوريا يعاني السكان من تزايد وتيرة ارتفاع أسعار المواد الأساسية وعلى رأسها مادة الخبز ومواد الوقود والتدفئة، وبحسب التقرير فإن انتشار البطالة يزيد الأمور سوءاً في المنطقة. وشهدت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بريف دير الزور أزمة في أفران الخبز بسبب ارتفاع أسعار كيس الطحين وقلة الأفران وارتفاع تكاليف الإنتاج.
على صعيد جائحة كوفيد- 19 سجل التقرير في تشرين الأول ارتفاعاً غير مسبوق في تسجيل الإصابات بالفيروس في عموم مناطق سوريا منذ ظهور الجائحة. وقد تم الإعلان رسمياً من قبل وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام السوري عن 9199 حالة إصابة و319 حالة وفاة في تشرين الأول، فيما سجلت حالات الإصابات والوفاة بالفيروس في شمال غرب سوريا في تشرين الأول وفق ما أعلنه نظام الإنذار المبكر EWARN 15871 حالة إصابة و649 حالة وفاة مرتبطة بجائحة كوفيد-19. ووفقاً لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. فقد تم تسجيل 7559 حالة إصابة و409 وفاة في تشرين الأول.
أشار التقرير إلى أن الموقع الرسمي للشبكة السورية لحقوق الإنسان قد تعرض منذ مطلع تشرين الأول لهجمات إلكترونية شرسة وكثيفة هدفت إلى عرقلة تصفحه، تمهيداً لإيقافه نهائياً، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من الهجمات مصدرها روسيا.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان