ينازع السبعيني عباس لالتقاط أنفاسه محاولا، خلال غيابه عن الوعي، نزع الأنابيب التي تضخ الأوكسجين إلى رئتيه، وبهدوء يقوم ابنه محمد هيثم بربط الشرائط القطنية المتسخة التي تقيد ذراعي والده إلى السرير.
وتمنع الشرائط القطنية عباس من نزع الأنابيب في المستشفى الذي مكث فيه طوال الأسابيع الثلاثة الماضي مصارعاً مرض كوفيد-19، في شمال سوريا.
وتعد حالة عباس واحدة من بين إصابات كثيرة سجلت مؤخرا في شمال البلاد، وفقا لتقرير نشره موقع “فويس أوف أميركا”.
ويقول ابنه: “في البداية لم يكن يشعر بأعراض حادة، لكنه عانى بعدها من حمى قوية.. جلبنا الأدوية وطبيباً لمنزلنا، لكن وضعه لم يتحسن، وأصبح يعاني من صعوبة بالتنفس”.
ويشير تقرير “فويس أوف أميركا” إلى أن شمال شرقي سوريا يعاني “أسوأ موجة من كوفيد-19 حتى الآن”، مع ارتفاع قياسي لعدد الوفيات بكورونا بالإضافة إلى نقص في الأدوية والأوكسجين وانعدام تام للقاحات.
ويشهد شمال شرق سوريا، الإقليم شبه المستقل الذي يحوي قرابة 5 ملايين نسمة، اضطرابات سياسية منذ سنوات، بسبب الحرب الأهلية في سوريا التي تخللتها نزاعات حدودية مع تركيا، بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية.
انعدام اللقاحات
ولم يتلق محمد بعد لقاح كورونا، ويقول إنه لا يملك خيارات كثيرة للوقاية، بالأخص مع قضائه أياما طويلة في رعاية والده بمستشفى متخصص في القامشلي، كل ما يمكنه فعله هو ارتداء كمامة رفيعة واستخدام مطهر اليدين من وقت لآخر.
ويشير التقرير إلى أن السماح لبعض أفراد العائلات بزيارة الأهالي، قد يكون “كارثيا” وقد يساهم بانتشار الفيروس بشكل أوسع بين السكان، بالأخص مع انعدام اللقاحات.
حتى الأطباء، مثل روان حسن، الذي أشرف طوال شهر على مداواة مرضى كوفيد-19، في وحدة العناية المركزة بمركز جيان، لم يتلق إلا جرعة واحدة من اللقاح المضاد لكورونا من أصل جرعتين.
ويقول للموقع الأميركي: “معدلات التلقيح منخفضة للغاية”.
ويشير الدكتور جوان مصطفى، الرئيس المشترك لهيئة الصحة لشمال وشرق سوريا إن الإقليم يحوي من اللقاحات ما يكفي 2 في المئة من سكانه فقط، مؤكدا أن نسبة الوفيات ارتفعت بمقدار 50 في المئة خلال الشهرين الماضيين.
وقال لموقع “فويس أوف أميركا” من مكتبه في القامشلي: “خلال الموجات الجديدة من المرض، مثل ما يحصل الآن، نشهد نقصا في الأوكسجين، حيث تفشل العملية بأكملها في الحصول عليه”، مضيفا أنه “إن كانت الموجة ثقيلة، فإن بعض المستشفيات قد ترفض استقبال المرضى”.
وتحدث موقع “الحرة” مؤخرا إلى عدد من الأطباء من شمال سوريا، الذين أبدوا مخاوفهم من توقف الدعم الإنساني للمنطقة عن 5 مشاف بارزة، بينها “مشفى دركوش”، الذي يقدم خدمات طبية واسعة للمدنيين من أبناء المنطقة، والنازحين.
وكانت منظمة “أطباء بلا حدود” تحدثت، أواخر سبتمبر الماضي، عن نقص الخدمات الطبية في شمال غربي سوريا، وقالت إن الوضع خطير، وكورونا ينتشر بسرعة، والمرافق الصحية على وشك الانهيار”.
كما أوضحت عمق الحاجة إلى الأوكسجين، ومجموعات اختبار “كورونا”، والإمدادات الطبية، للحفاظ على عمل المشافي، مشيرة إلى أن 75 بالمئة من حالات الإصابة بالفيروس التي أدخلت إلى مراكزها هي حالات حادة، وإلى أن 50 بالمئة من المصابين بالفيروس ضمن أحد مراكز “أطباء بلا حدود” في عفرين، دون سن الأربعين.
المصدر: الحرة. نت