عطب الذات

عبد الحفيظ الحافظ

هذا عنوان كتاب ” عطب الذات ” للدكتور برهان غليون، وقدم ” منير شفيق ” في نهاية عام 2019 قراءة لكتاب غليون. بداية لم أحصل على نسخة كتاب عطب الذات حتى الآن، لكنني قرأت ما كتب حوله.” عطب الذات ” بحثاً ونقداً فالمفروض لبحث وقراءة العناصر المشتركة في مشروع الثورة على ” تأبيد الاستبداد…في هذا الزمن العربي …” . ألخص المسألة: شعب ثار على ” دولته ” وشعوب أخرى ثارت إذاً طرفا القضية هما: شعب ودولة، فمن الطبيعي والمشروع للشعوب حق الثورة إذا لم تكن الدولة تسهل وتجري انتخابات تداول المسئولية والسلطة بالقانون. الشعب موجود في كل دولة فالرئيس والحاكم الذي عنده دولة وعسكر وأمن و”تخت ” بالمصطلح الموسيقي…باختصار الرئيس الذي عنده دولة فهذه ليست دولة . شرط الدولة حضور الشعب فالحكام يأتون ويرحلون شرط: بلا تأبيد وتوريث وتعبيرات المجتمع المدني مع فصل السلطات ومؤسسات حاكم يحتكم ويحكم بموجب دستور وقوانين. لا شك هناك أهمية لنقد الذات ” عطب الذات لكنه غير كاف لإعطاء صورة حقيقية عن ” عدم انتصار الثورة السورية بدلالة عطب ذاتها. هناك الطرف الثاني للقضية وهو النظام: كيف استقبل الثورة؟ وكيف واجهها؟ وبمن استعان وسقف مواجهتها ضروري لإنصاف الذات، وكل ما جاء في الكتاب بالعموم صحيح، وقد رصدها الدكتور برهان أيما رصد. الحديث عن عطب الذات يستدعي الحديث عن دور الجوار والدول العربية والشرعية الدولية من الجامعة العربية إلى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. شهدنا من منتصف آذار عام 2011 شعارات الحرية والكرامة، الشعب السوري ما بينذل. هذه شعارات سلمية مدنية في الأشهر الأولى من عمر الثورة، ولم نشهد شعارات إسلام ساسي ولا عسكرة ولا مال سياسي ولا إرهاب وتطرف …وتم استدعاء حزب الله وميليشيات عراقية وإيرانية، ودخل وتدخل بوتن الروسي عام 2015 فشيد قاعدة بحرية في طرطوس وقاعدة جوية في اللاذقية، ودخلت تركيا شمال غرب سورية بنصف احتلال. دخلت هذه الأطراف في الحرب منفردة ومتحدة، فتم تدمير البنية التحتية والفوقية والمدن والبلدات، واستهدفت المؤسسات العامة والخاصة والمدارس والمستشفيات. وطرحت مشاريع الإسلام السياسي والإرهاب والتطرف بعد الإفراج عن معتقلي الإسلام السياسي من السجون وفرار500 عنصر من هذا الفصيل من سجن أبو غريب في العراق فسلمت له الموصل بألويتها وكتائبها بكامل أسلحتها وعتادها. نقد الذات لم يتطرق لبنية الدولة العربية عامة ولا لدور دول الجوار ولا للشرعية الدولية…هذا بنظري خلل في النقد والبحث والدراسة. أصاب غليون كبد الحقيقة بنقد الذات وتسمية كتابه ” عطب الذات ” أما منير شفيق فالتزم بنقد هذا العطب للذات، ولم يتطرق لبنية الدولة العربية عامة ولدول الجوار وللشرعية الدولية، لهذه البنى دور بما حصل في سورية من مجازر وتوحش ومدّ عمر الشقاء والمأساة فيها قرابة عقد، إنه خلل بنظري وغض البصر عما أصاب المواطنين. أجاد الدكتور برهان عطب الذات، لكن مأساة الشعب السوري وفاتورة القتل والنزوح والتهجير والاعتقال والتدمير، لا تغطيه عطب الذات ولا الموآمرة الكونية على سورية الوطن، فالصورة لم تكتمل، بنظر منير شفيق، بل يحتج على عدم الاكتمال، بنظره تكون الثورة انتصرت ثم اجهضت بثورة مضادة. واجه الربيع السوري” الثورة ” كل أسلحة وعدوانية وتوحش الأطراف كافة بغية الاجهاض.. يضيف السيد منير شفيق ” أما سورية فكانت قاعدة حقيقية للمقاومتين في لبنان وفلسطين، ودعمت المقاومة في العراق ضد الاحتلال الأمريكي، ورفضت شروط كولن باول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى