الثورة السورية واضطراب الرؤية السياسية

عمر محمد حلبي

لا يوجد دولة في العالم لها مصلحة في انتصار ثورة الحرية والكرامة السورية، سوى الدولة التركية، بغض النظر عمن يحكم تركيا ،إذ  يكفي أن تكون القيادة التركية وطنية وتعمل من أجل تركيا .الأتراك  تكونوا كأمة تحت جناح الدولة العربية الإسلامية العباسية، ومع انهيار الخلافة العباسية ،حالفنا الحظ – كعرب ومسلمين –  أن بادر الأتراك قبل الفرس في إقامة دولة الخلافة ،فكانوا لغاية ١٩١٦ الرمح والترس الذي يزود عن البلاد العربية والإسلامة بشكل عام ،وعن المشرق العربي بشكل خاص ،من تغول الحلف ( الغربي والفارسي)  ، كما كان المشرق العربي بشكل خاص ،والبلاد العربية والإسلامية بشكل عام الجدار الإستنادي للدولة العثمانية .وهذه المعادلة لازالت قائمة رغم انهيار دولة الخلافة وتجزئة الوطن العربي بمشرقه ومغربه ،وقيام دويلات ضعيفة عربياً .
يقول المرحوم نجم الدين أربكان (أي اضطراب في سورية يؤثر على تركيا،وأي صراع في سورية تكون تركيا هي المستهدفة .)
لذلك الأتراك، ولمصلحة وطنية، حريصون على تماسك ووحدة دول المشرق العربي ، وأولها سورية والعراق ،لأنهما الجدار الإستنادي المباشر لهم ،وأي تصدع في هذا الجدار سينعكس ضعفاً على تركيا ، وأي انهيار فيه سينتهي لتمزيق تركيا وتحويلها لدويلات ضعيفة ،وهذا هدف صهيوني وغربي وفارسي ،وهذا تدركه تركيا جيداً  .
لكن النخب العربية وخاصة في ثورات الربيع العربي ، لم يدركوه ،فقط الأخوان المسلمون العرب في سورية ومصر   وتونس ،تحسسوه ،ومع الأسف تعاملوا معه كمشروع أخواني  .
ونقطة ضعف ثورتنا السورية وباقي ثورات الربيع العربي ،أنها لم تلتقط هذا الترابط المصيري بيننا وبين الأتراك كأمة وقوى ثورية عربية صاعدة، وانطلاقاً من هذا  الفهم القاصر لدى قيادات ثورات الربيع العربي لأهمية العلاقة الإستراتيجية ،بل والمصيرية بين العرب والأتراك ،تخلوا عن الحوار والتعاون مع الدولة التركية لصالح الأخوان المسلمين العرب ،الذين لازالوا لم يعبروا منتصف القرن العشرين في وعيهم وثقافتهم وضيق أفقهم السياسي ،بل تراجعوا عن الرؤى الإستشرافية التي عبر عنها الشيخ حسن البنا  ومرشد أخوان سورية الدكتور مصطفى السباعي .
ولم تجد تركيا في أخوان سورية ومصر وتونس ،إلا عبئاً عليها في التعاطي مع مجريات الأحداث ،لذلك وجد الأتراك أنه لامفر من استتباع ثورات الربيع العربي لاستراتيجيتها الشاملة ،وخاصة مع غياب الطليعة العربية الحديثة ،والتي كان المفروض عليها تشكيل جبهة قومية حداثية التفكير والرؤية ،لتكون نداً مكافئاً لأخوتنا الأتراك ، لإنقاذ البلاد العربية والشرق الأوسط بالتعاون مع تركيا لإفشال حلف الأقليات الذي ينفذه بشار وخامنئي بالتعاون  مع الإنفصاليين الكرد والطائفيين بين المسيحيين، وذلك إرثاً من حافظ الأسد والخميني بقيادة إسرائيلية ورعاية عالمية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. وفقكم الله لما فيه خير امتنا ،وسيبقى هذا المنبر الحر بكم ومعكم ،صوتاً مدوياً حتى يبلغ عقول ابناء هذه الأمة ،ويهيئهم للنهوض بها ،لتأخذ مكانها في طليعة الأمم التي تسعى لخير الإنسان ،بشر الحب والحقث والخير والعدل .

زر الذهاب إلى الأعلى