السياسة الروسية تتصدّع في سورية

غازي دحمان

تواجه السياسة الروسية في سورية تحدّيات مستجدّة، من شأنها التأثير على فعاليتها، بالشكل الذي ظهرت به منذ التدخل الروسي. وتأتي هذه التحديات نتيجة جملة من التحولات، تراكمت على مدار السنوات الماضية، ولكنها بدأت تظهر في المشهد السوري بوضوح، الأمر الذي بات يتطلب صياغة قواعد جديدة للعبة، بعد أن أصبحت قواعد اللعبة القديمة، والتي تم وضعها بداية التدخل الروسي، غير صالحةٍ بحكم المتغيرات والوقائع وظروف اللاعبين. وأيضاً بسبب سياسات روسيا تجاه اللاعبين الآخرين.

ومنذ سنة 2015، صمّمت روسيا حملة متطوّرة من الجهود العسكرية والدبلوماسية بهدف تشكيل مسار الحرب وفقًا لمصالحها الخاصة. (هل وصلت دبلوماسية روسيا في سورية إلى طريق مسدود؟ باحثون، معهد دراسات الحرب الأميركي، نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ترجمة: مركز إدراك للدراسات والاستشارات). وفي سبيل إنجاز مهمتها، عملت روسيا على تعزيز مكانة بشار الأسد العسكرية، عبر جعله الفاعل الأقوى من بين الفاعلين المحليين، ومن ثم عملت على تشكيل مفاوضات دولية، من منطلق دورها وسيطا وليس طرفاً في الصراع، وحصلت على اعتراف إقليمي ودولي بهذا الدور، لكن السلوك الروسي اللاحق، وإصرارها على فرض حقائق تخدم سياساتها وأهدافها الجيوسياسية البعيدة المدى في سورية، أضعفا مصداقيتها، وانعكس ذلك واضحا على مسارات حل الأزمة التي صمّمتها (مسارا أستانة وسوتشي)، والتي أصبحت هشّة، وغير صالحة للسير بالأزمة السورية إلى بر الحل السياسي.

أهداف استراتيجية

تكشف خريطة الأهداف الاستراتيجية الروسية في سورية التناقض الكبير بين مصالحها والغايات التي جعلتها ستارة لتمرير تدخلها، وتسهيل اللاعبين المختلفين له، ويمكن حصر هذه الأهداف في هدفين كبيرين:

الأول: إسناذ الصعود الروسي بأوراق قوّة جيواستراتيجية عن طريق النفوذ في منطقة ذات حساسية عالية في السياسات الدولية، وشكّل هذا الهدف قاطرة لمجموعة من الأهداف الاستراتيجية الروسية التي تشكّل إعادة هيكلة ضرورية لمكانة روسيا وقوتها العالمية مثل: إعادة بناء القدرة العسكرية وتطويرها، عبر استخدام الفضاء السوري مختبرا لأنواع الأسلحة الروسية، في بيئة سهلة ولا تنطوي على مغامرات كبرى، انطلاقأ من حقيقة أن التدخل الروسي تم بضوء أخضر من اللاعبين الدوليين الكبار (الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا). استخدام سورية والشرق الأوسط ساحات لتوسيع النفوذ الروسي على الصعد العسكرية والدبلوماسية، ويوضح ذلك هوية التدخل الروسي المتعدّدة المواصفات (وساطة، ومحاربة الإرهاب، وصنع السلام، وحل أزمة إقليمية متشعبة). وقف الثورات الملونة في ظل ديناميكية ثورية صاعدة، رأت فيها روسيا خطراً لمحاصرتها، خصوصا أن هذه الثورات تستهدف الأنظمة التي ترى روسيا أنها تقع في غلافها الاستراتيجي والسياسي، بمعنى الأنظمة ذات الطبيعة والتركيبة والهيكلية القريبة من النمط الروسي.

الثاني: التحكّم بخريطة نقل الغاز والنفط من المنطقة إلى أوروبا بعد الاكتشافات الكبيرة في البحر الأبيض المتوسط، إذ تعتبر روسيا أن أمن الطاقة “جزء من أمن روسيا القومي ودعامته الأساسية، وأداة مهمة في التأثير في سياستها الخارجية”، حسب المحلل الاستراتيجي الروسي، ألكسندر دوغين، وتكمن أهمية سورية في المنظار الروسي من عدة عناصر:

– يسمح موقع سورية بأن يكون نقطة عبور لنفط المنطقة وغازها صوب أوروبا، ومن شأن وصول مسوّقين جدد للطاقة إلى أوروبا إيجاد منافسة للغاز والنفط الروسيين، أو حتى بدائل عنهما، في ظل تحويل روسيا سلعها الطاقوية إلى أداة سياسية للتأثير على الحكومات الأوروبية.

– تقع سيطرة روسيا على الجغرافيا السورية (والتحكّم بها) في إطار استراتيجيتها صياغة عمليات إنتاج الغاز وبيعه تحت سيطرتها، بحيث تشرف شركاتها الأساسية على كل تفاصيل هذه العمليات، من خلال السيطرة على موانئ الشحن السورية وأنابيب نقل النفط والغاز عبر الأراضي السورية. (روسيا والطاقة في الشرق الأوسط تعزيز الأمن القومي، عبد الرحيم عاصي، موقع 180، 21 فبراير/ شباط 2020).

إدارة الأزمة

اتبعت روسيا، لتحقيق أهداف استراتيجيتها في سورية، توليفة من التكتيكات العسكرية والدبلوماسية.

– الاعتماد بشكل مكثف على تكتيكات قصيرة المدى، تمت ترجمتها عبر سعي روسيا إلى حلول قصيرة المدى للمشكلات الميدانية داخل سورية، والعلاقات مع الفاعلين الإقليميين والدوليين، وكانت هذه الحلول (التكتيكات) مصمّمة لإنتاج عوائد سريعة تجنب روسيا الخسائر في الميدان، أو تمنع تشكيل تحالف من الفاعلين المقابلين، وكانت روسيا تتنصل من التزاماتها، وتبحث عن تكتيكات جديدة تدير بها الأوضاع المستجدة، وهذا ما حصل في اتفاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والأردن، والأمر نفسه مع المعارضة السورية. وقد تعاطت روسيا مع الوضع السوري باعتباره فوضوياً متداخلاً بشكل معقد، ويحتاج إلى عملية تفكيك وإعادة تركيب. وبالتالي، كان تكتيك التفاهمات الآنية والقصيرة المدى الخيار الأفضل لتستطيع تطويع المشهد لصالحها. ولكن هذه التكتيكات وضعت روسيا في مأزق، في ظل حاجة روسيا إلى الحصول على تعاون من هذه الأطراف، حتى تستطيع مواصلة تموضعها في سورية، وتحقيق أهداف استراتيجيتها الكبرى.

– اتبعت روسيا سياسة إسقاط الأوراق المهمة من يد الخصوم، بما فيها المعارضة، لذا ركزت مواردها (المحدودة) لتحقيق هذا الهدف، حيث بدأت الحملة الروسية بالسيطرة على حلب وإخراجها من يد المعارضة، خوفاً من إمكانية تشكيل عاصمة للمعارضة وبديل لنظام الأسد، في وقت كان من المنطقي أن تدافع عن دمشق المهدّدة بالخطر في حينه. ولكنها بذلك دفعت تركيا، والتي كانت في تلك المرحلة أهم بوابات الدعم اللوجستي للمعارضة عن طريق الأطراف الخليجية العربية، إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض، وحيّدت العرب عن التأثير في مجريات الأحداث، فيما كانت مطمئنةً لجهة اللاعبين الأميركي والإسرائيلي المؤثرين في الأحداث في جنوب سورية، بإعتبار أن إسقاط نظام الأسد لم يكن ضمن حساباتهما.

– اتبعت روسيا، مع الدول الإقليمية، سياسات الإغراء والتهديد، فقد طرحت نفسها مخلّصاً لدول الجوار الإقليمي من فوضى ستصل إليهم لا محالة، وإخراجهم من المأزق السوري الذي بات يشكل مصدر تهديد للأمن والاستقرار الإقليميين، بعد أن وصلت الأزمة إلى طريق مسدود، وبات النشاط الإيراني في المنطقة يهدّد دول الجوار الإقليمي. وفي الوقت نفسه، تركت روسيا مليشيات إيران والمليشيات التابعة لنظام الأسد (غير منضبطة)، تسرح على حدود الدول الإقليمية، بهدف دفع هذه الدول إلى الإنكفاء والانشغال بأمنها القومي، بدل تقوية مواقفها التفاوضية في الترتيبات المستقبلية في الشأن السوري.

– صمّمت روسيا اتفاق أستانة ومناطق خفض التصعيد، والذي ساعد النظام السوري، بدرجة كبيرة، على قضم مناطق سيطرة المعارضة، عبر تركيز موارد النظام المحدودة على كل منطقةٍ على حدة، بدل استمرار تشتّت قواته على عدّة جبهات في الوقت نفسه.

وحقّقت روسيا نتائج ميدانية مهمة، حيث استطاعت تثبيت الأسد في الحكم، وإبعاد شبح إسقاطه، كما أضعفت المعارضة المسلحة من خلال تدمير هياكلها باستخدام سياسة الأرض المحروقة، وأضعفت، بدرجة كبيرة، المجتمعات المحلية التي شكّلت بيئة للثورة على النظام، والأهم من ذلك، استعاد النظام السوري، بدعم روسي كثيف، السيطرة على أجزاء كبيرة من سورية.

ولكن هذه مجرّد خطوّة في طريق حل أزمةٍ شارفت على السنة العاشرة، وما يعنيه ذلك من تعقيدات خطيرة تولدت عنها وارتبطت بها، الأمر الذي يُنتج بيئة معقدة بالنسبة للخطوات الروسية القادمة، والتي بدونها يصعب على روسيا تحقيق أهدافها الاستراتيجية التي رسمتها عند بداية تدخلها في سورية.

تحديات مستقبلية

فقدان المصداقية: تراجعت مصداقية روسيا نتيجة التكتيكات المتضاربة التي استخدمتها لتثبيت وجودها في سورية. وعلى الرغم من التسهيلات التي حصلت عليها من جميع اللاعبين والفاعلين، تعاطت روسيا مع الأمر وكأنه انتصار لها على هذه الأطراف، وإرغامهم على قبول الواقع الذي صنعته، ربما يتناقض هذا المنطق مع حقيقة أن روسيا هي الطرف الوحيد الذي لديه اتصالات مع جميع اللاعبين المنخرطين في الصراع السوري، لكنه تواصل الضرورة، كما أنه أصبح شكلياً بعد أن فقد فعاليته، وخصوصا على مستوى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينص على بدء عملية سياسية تشمل جميع الأطراف السوريين، وهو ما ثبت أن روسيا تحاول إفراغه من مضامينه، لصالح بقاء الأسد.

ونتيجة ذلك، وصلت السياسات الروسية إلى طريق مسدود، حيث انكشفت جملة الألعاب التي أدارتها في سورية، واتضح أن الهدف من دبلوماسية روسيا المعقدة محاولة كسب الوقت، واحتواء المطالب الدولية بإجراء تغيير سلمي في سورية، وذلك إلى حين تغير الظروف، فقد راهنت روسيا على ملل اللاعبين الآخرين من القضية السورية. وحاولت، عبر وسائل إعلامها ودبلوماسيتها قلب الحقائق، وإجبار اللاعبين على القبول بنظام الأسد، عبر التوصل إلى تسوية سياسية سطحية، تضفي الشرعية على نظامه، وتساعد على تحييد القوى المعارضة له.

وأكثر ما تجلى عقم السياسات الروسية من خلال رفض الغرب الاستسلام بقبول نصر الأسد في سورية، وكذلك المطالبة القوية التي ظهرت أخيرا في التصريحات الغربية، بفقدان إطار أستانة أي قيمة له بعد التطورات، والمطالبة بالعودة إلى بيان جنيف (2012)، إطارا وحيدا ومقبولا لحل الأزمة السورية.

عدم القدرة على تصريف الانتصار العسكري إلى نتائج سياسية: فشلت روسيا في إعادة تأهيل نظام الأسد، وفي إلغاء المعارضة وتدجينها، وفي إقناع الدول بمبادراتها الخاصة بإعادة النازحين، والمساهمة في إعادة إعمار سورية، فقد اشترطت الأطراف ذات العلاقة قيام عملية سياسية حقيقية، وكتابة دستور جديد، وهو الأمر الذي عمل الأسد، ومن خلفه روسيا، على عرقلته أخيرا.

ووصل فشل روسيا إلى حد التشكيك بدورها وبشرعية هذا الدور، فقد كشفت الأحداث في إدلب، أخيرا، أن روسيا باتت تقف على خط صدامي مع الغرب الذي أعلن صراحة ان أفعالها تمثل تهديداً مباشراً لمصالحه، فقد أعلن المبعوث الأميركي إلى سورية، جيمس جيفري، أن الهجوم على إدلب مقصود منه تهديد المصالح المباشرة للولايات المتحدة في شمال سورية. وكذلك تنظر أوروبا إلى السلوك الروسي من زاوية تهديد أمنها القومي، عبر دفعها مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى الحدود التركية.

تهافت الدولة السورية: أصبحت هذه دولة مليشيات متصدّعة تعمها الفوضى من أقصى الجنوب إلى الشمال، دولة طاردة لشعبها بسبب السياسات الأمنية التسلطية التي يتبعها نظام الأسد في سبيل الاحتفاظ بالسلطة، وتشهد سورية انفلاتا أمنياً في عديد من محافظاتها، حيث تدار محافظات الجنوب (السويداء ودرعا والقنيطرة)، بخليط من سياسات القمع الأمني والتعامل المليشياوي، وكذلك الأمر في الغوطة الشرقية والرستن، وفي محافظتي الساحل (اللاذقية وطرطوس)، وفي حلب. وتشهد هذه المناطق صراعات بين المليشيات التابعة لروسيا وإيران، وكذلك صراعات بين أجهزة الأسد الأمنية.

يساهم هذا الانفلات الأمني، وعدم قدرة الأسد على ضبط الأمور في التخفيض من المكاسب الروسية إلى مدى بعيد، حيث تعجز روسيا عن السيطرة على مليشيات إيران التي تسيطر على أجزاء مهمة من دمشق، وتكاد تخضع حلب لسيطرتها، وهي مليشيات غير منضبطة بقوانين النظام السوري، وليس لها مرجعية أو سلطة عليا باستثناء قادة الحرس الثوري الإيراني. ومن شأن هذا الأمر التأثير على إمكانية استعادة الاستقرار في سورية، وهذا ما يدفع الأسد وروسيا إلى الإصرار على خوض الحروب ضد المعارضة في الشمال، بذريعة أن من شأن استعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، وهي لا تساوي 4% من مساحة سورية الإجمالية، تثبيت الاستقرار في سورية، مع العلم أن فصائل المعارضة في وضعية دفاعية نتيجة استنزافها سنوات طويلة.

عودة أميركا بقوّة إلى الساحة السورية: شهدت الشهور القليلة الماضية عودة الاهتمام الأميركي بسورية، بعد أن كانت القوات الأميركية على وشك الانسحاب والخروج من المنافسة، ما يعود إلى معارضة الدولة العميقة، ومؤسسات الجيش والأمن الأميركية، منح روسيا انتصارات سهلة. وقد خضع الأمر لتقييمات جديدة من لجان أميركية، وأهمها لجنة دراسة سورية التي شكلها الكونغرس، والتي بدأت ترى سورية ضمن صورة أوسع للتنافس مع روسيا والصين، وتأثير ذلك على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة والعالم.

وتشكل عودة الولايات المتحدة، وفق رؤية جديدة إلى سورية، عقبة مهمة في وجه ترتيبات روسيا، ودورها إجمالاً، ذلك أن روسيا لم تعتد على مواجهة أطراف قوية في سورية، وصاغت جميع ترتيباتها على أساسين: أنها تحتكر مجال القوّة في سورية، انطلاقاً من عدم رغبة أي من القوى الكبرى، وخصوصا أميركا، التدخل في سورية، لأن قياداتها (أوباما وترامب) لم تر وجود مصالح أميركية مهمة في سورية. وأن الأطراف المواجهين لروسيا في سورية هم مجرّد قوى إقليمية، من الممكن تخويفهم وردعهم وفرض الشروط عليهم.

وتثبت التحركات الأميركية أخيرا، سواء من خلال تضامنها مع الموقف التركي في إدلب، أو عبر المناوشات الجارية بين القوات الأميركية والروسية في مناطق شرق الفرات، وإعلانها أخيراً موت إطار أستانة وضرورة استعادة الأمم المتحدة دورها في الحل السوري، أن أميركا بصدد وقف “الوكالة الأميركية” المعطاة إلى بوتين، والعودة إلى سورية بوصفها شريكةً في أي تسويات مقبلة.

ولعل ما يظهر حجم القوّة التأثيرية للولايات المتحدة الأميركية، أن العقوبات التي أصدرتها بحق النظام السوري ساهمت بشلل تام في مفاصله الاقتصادية، كما أحبطت مساعي روسيا في تأهيل النظام، أو إقناع الجهات والدول المانحة في الاستثمار بعملية إعادة الإعمار في سورية.

خلاصة

تشهد بيئة التدخل الروسي في سورية تحولاتٍ من شأنها التأثير على مشروع روسيا وترتيباتها في سورية، بسبب تأخر روسيا في حسم الصراع لصالحها، ومن جهة أخرى نتيجة سياساتها المتضاربة تجاه الفاعلين الآخرين. ومن شأن هذه التحولات تضييق خيارات روسيا في سورية، وخصوصا خياراتها في التحكّم بمخرجات الحل النهائي للأزمة التي سعت إلى توظيفها لصالح مشروعها في سورية. ويمكن تلخيص خيارات روسيا بالآتي:

– تقديم تنازلات على مستوى الحل السياسي في الفترة المقبلة، لعرقلة التحولات الحاصلة ضدها، ومنع تشكّل تكتل غربي في مواجهتها في الملف السوري. والأرجح أن هذه التنازلات ستكون في ملف اللجنة الدستورية وإنهاء العرقلة التي مارسها النظام السوري، وإجباره على إرسال وفده لحضور اجتماعات اللجنة في جنيف.

– تكثيف الدبلوماسية الروسية تجاه الدول العربية، من أجل إعادة سورية إلى جامعة الدول العربية، وذلك للالتفاف على الموقف الأميركي الذي يدعو إلى مقاطعة نظام الأسد، وتخفيف حدّة الضغوط على روسيا.

– التفاهم مع تركيا على ترتيبات جديدة في شمال سورية، كأن تتم الموافقة على الطلب التركي بإقامة منطقة آمنة بعمق 30 كلم في إدلب، وهو مطلبٌ يمكن تجييره لصالح مصالح روسيا الأمنية في سورية، على اعتبار أن هذه المنطقة ستعزل ملايين المعارضين للأسد ضمن شريط ضيق، وتريح روسيا من تكاليف الحرب مع جماعات المعارضة في الشمال السوري، وتضمن روسيا، عبر هذا التنازل، عودة الروح إلى منصة أستانة، وإجبار الغرب على التعاطي معها.

ولكن أياً تكن خيارات روسيا، فإن سياساتها في سورية باتت تواجه تحديات غير مسبوقة، ويصعب حلها بالطرق التقليدية الروسية التي تعتمد على الرهان على ملل اللاعبين الآخرين ويأسهم، أو تخويفهم وردعهم، لأن هذه الآليات فقدت تأثيرها، كما تقف روسيا عاجزة أمام انهيار الدولة السورية، أمنياً واقتصادياً، ما يرجح تراجع السياسة الروسية في سورية في المرحلة المقبلة.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى