وتأتي الاعتصامات في ظل عدم معرفة الجهة التي تقف وراءها، في حين يؤكد البعض أنها سلمية وعفوية ناتجة عن رفض معارضين داخل إدلب لدخول الجنود الروس إلى المنطقة.
في حين يرى آخرون أن هناك أطرافًا تحاول التحريض وتمنع تنفيذ الاتفاق التركي- الروسي، ما يعطي حجة بعودة الهجوم على المنطقة.
وأدى الاعتصام إلى منع أول دورية روسية- تركية من المرور على كامل الطريق، الأحد الماضي، واقتصر تسييرها على مسافة مختصرة بين سراقب والنيرب.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية الوزارة ما أسمتها بـ”المجموعات الإرهابية”، بعرقلة الاتفاق واتخاذ المدنيين “دروعًا بشرية”، لمنع مرور الدوريات.
وأكدت الدفاع الروسية أنها منحت تركيا وقتًا إضافيًا من أجل “تصفية الإرهابيين وتوفير الظروف الآمنة لتسيير الدوريات على طريق حلب– اللاذقية (M4)”، في حين لم تعلق تركيا على الاعتصامات.
تحذيرات من عدم تنفيذ الاتفاق
نادت أصوات سياسية وعسكرية، خلال الساعات الماضية، بضرورة التنبه إلى خطر منع تسيير الدوريات المشتركة، ووضع تركيا في موقع محرج أمام روسيا، كونها لم تفي بالتزاماتها المتفق عليها بين الرئيسين رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين.
واعتبر السياسي في المعارض، لبيب نحاس، مدير مكتب العلاقات الخارجية في “حركة أحرار الشام الإسلامية”، أن “محاولة منع الدوريات المشتركة ليس في صالحنا حاليا على الأقل، ومن يحرض على هكذا أمر عليه أن يكون مستعدًا لمواجهة النتائج بنفسه”.
كما اعتبر، عبر سلسلة من التغريدات في “تويتر”، أن استمرار سريان الاتفاقية الحالية، على هشاشتها، هو في صالحنا كسوريين، بشرط استثمار هذه “الهدنة”،
واعتقد النحاس أن روسيا تنتظر أي خرق للاتفاقية لإعطائها “شرعية” زائفة لتدخلها من جديد، مع التسليم بأن الروس سوف يخرقون الاتفاقية عاجلًا أم آجلًا.
كما يرى رئيس المكتب السياسي في “لواء المعتصم”، التابعة للجيش الوطني، مصطفى سيجري، أن “أي عرقلة للجهود التركية وقطع للطرقات الدولية سوف يعيدنا إلى مواجهة منفردة مع الروس والإيرانيين”.
وأشار إلى أن عدم التعاون مع الأتراك سيؤدي إلى خسارة حتمية للمدن التي سيطرت عليها قوات النظام مثل خان شيخون وسراقب.
وحذر القيادي في “فيلق المجد”، التابع للجيش الوطني، المقدم ياسر عبد الرحيم، ممن “يسعى لإفساد الاعتصام، ولصرف وجهة اعتصامكم ولتشويه مطالبكم”.
وأوضح أن “الاعتراض (على تسيير الدوريات) سيكون ذريعة للاحتلال الروسي لاستمرار عمليته الاجرامية بحق أهلنا وتشريدهم”، مطالبًا بتقوية موقف “الحليف التركي” كونه الوحيد الذي يقف إلى جانب المعارضة.
وأكد مدير التوجيه المعنوي في “الجيش الوطني السوري”، المدعوم من تركيا، حسن الدغيم، في تسجيل مصور، الأحد الماضي، أن روسيا عدو للشعب السوري وقصفت وقتلت السوريين.
لكنه أوضح أن المعركة ليست عسكرية فقط، وإنما هي سياسية تستلزم قدرًا عاليًا من الدبلوماسية التي تقودها تركيا، ويجب أن نتعامل بواقعية مثل تسيير الدوريات، ونساعد الحليف الصديق تركيا.
مطالب ثلاثة قبل مرور الدوريات
في الجهة المقابلة تعالت أصوات التي نادت بزيادة الاعتصام، ورفض مرور الدوريات الروسية إلى داخل المناطق.
وشارك الداعية الجهادي، عبد الرزاق المهدي، الأحد الماضي، وأكد من خيمة الاعتصام عدم السماح للدوريات بالمرور قبل تحقيق ثلاثة مطالب.
المطلب الأول عودة قوات النظام والميليشيات التابعة لها إلى مورك بريف حماة الشمالي، والمطلب الثاني عودة النازحين إلى منازلهم في معرة النعمان وخان شيخون وجبل الزاوية وأريحا.
أما المطلب الثالث هو إخراج المعتقلين والمعتقلات في سجون النظام السوري، مشيرًا إلى أن عشرات المدنيين الذين حضروا إلى الاعتصام من أجل إيصال رسالة إلى روسيا بأنهم لم يمروا.
كما شارك في الاعتصام مجموعة من الناشطين الإعلاميين المقربين من “هيئة تحرير الشام”، مثل أحمد رحال، وطاهر العمر، الذي حدد مكافأة مالية بقيمة 25 ألف دولار لمن يقتل المراسلين الروس.
ووجهت اتهامات من قبل سوريين إلى “هيئة تحرير الشام”، بالوقوف وراء الاعتصام لعدم تنفيذ الاتفاق التركي- الروسي.
وتداول ناشطون تسجيلًا للقائد العام للهيئة، أبو محمد الجولاني، في آب العام الماضي، والذي رفض فيه دخول أي جندي روسي إلى داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الفصائل.
وقال الجولاني إن “الهيئة لم تضع كل الدماء وتدخل في كل المعارك العسكرية، حتى نعطيهم (للروس) مثل هذا الأمر سلماً (تسيير دوريات)”.
كما أصدرت غرفة عمليات “وحرض المؤمنين”، التي تضم فصائل جهادية، بيانًا أعلنت فيه رفضها لاتفاق موسكو.
واعتبرت التشكيلات الجهادي، في البيان الصادر الأحد الماضي، أن “التفاهمات الدولية وإفرازات مؤامراتها، وآخرها اتفاق موسكو، لا يعدو كونه لدغاً من الجحر الواحد مرات عديدة، وتقديماً للثورة وجهاد أهلها على مذبح المصالح الدولية”.
وتضم غرفة “وحرض المؤمنين” كلًا من “جبهة أنصار الدين”، و”جبهة أنصار التوحيد”، و”جبهة أنصار الإسلام”، و”حراس الدين”، وجميعها تعتبر من الفصائل “الجهادية” في سوريا، حيث يتركز عملها في ريف اللاذقية الشمالي وريف حماة.
المصدر: عنب بلدي