هل ستنهي الولايات المتحدة دعمها لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي؟

ألان بويساك؛ ويندل غريفن؛ رؤوف حلبي؛ لوري أومانسكي* ترجمة: علاء الدين أبو زينة

شرع العالم في التنفس من جديد بعد نهاية الفساد والعجز الشريرين اللذين وسما رئاسة دونالد ترامب. وأشاد الصحفيون والمعلقون السياسيون بخطاب التنصيب الذي ألقاه الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، وعبروا عن مستويات متفاوتة من الأمل بشأن ما يسمى بـ”العودة إلى الطبيعية” في السياسة العامة الأميركية. وفي غضون ذلك، نتساءل عما إذا كانت إدارة بايدن ستنهي أخيرا تواطؤ الولايات المتحدة ودعمها لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي.

وصف مقال نشر في عدد 11 كنون الثاني (يناير) 2021 من صحيفة “الغارديان” ورقة موقف صادرة عن “بتسيلم”، المنظمة الإسرائيلية المعروفة التي تدافع عن حقوق الإنسان، والتي تشكك في الرواية الشائعة عن كون إسرائيل دولة ديمقراطية. وبدلا من ذلك، تقدم ورقة الموقف التأكيد التالي: “ثمة أحد المبادئ المنظمة، والذي يكمن في أساس مجموعة واسعة من السياسات الإسرائيلية: تعزيز وإدامة تفوق مجموعة من السكان -اليهود- على أخرى -الفلسطينيين.”

وليست ورقة موقف “بتسيلم” وحيدة في ما ذهبت إليه. ففي حزيران (يونيو) 2020، أصدرت “ييش دين”، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية أخرى، رأيا قانونيا خلص إلى أن النظام الإسرائيلي يرتكب جريمة الفصل العنصري في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن الرأي القانوني لـ”يش دين” (الذي يستشهد بالقانون الدولي باعتباره السلطة المسيطرة) يقصُر لائحة اتهامها بالفصل العنصري على ممارسات إسرائيل في الضفة الغربية، فإن ورقة موقف “بتسيلم” تقدم لائحة الاتهام الأكثر شمولاً، والقائلة بأن إسرائيل توجد كنظام فصل عنصري واحد في كل المساحة “من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط”، وهي منطقة تشمل الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة.

ونحن نتفق تماما مع القول بأن إسرائيل هي نظام فصل عنصري. أحدنا (رؤوف حلبي) هو فلسطيني أميركي ولد في القدس. وفي العام 1959 أُجبرت عائلته على مغادرة منزلها بسبب الاضطهاد اليهودي. وأحدنا (لوري أومانسكي) هو يهودي بالولادة. وقد وُلد أحدنا (ويندل غريفين)، وهو أميركي من أصول أفريقية، (ويتذكر بوضوح كيف كانت الحياة) خلال السنوات الأخيرة من الفصل العنصري لقوانين جيم كرو في الولايات المتحدة. وأحدنا (آلان بويساك) هو مواطن من جنوب إفريقيا، والذي كان من أبرز المعارضين لنظام الفصل العنصري في ذلك البلد.

لدى كل منا على حدة معرفة مباشرة بطبيعة القمع السياسي والاجتماعي والقانوني الذي يمارسه النظام الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. وهذه المعرفة المباشرة هي الأساس لاتفاقنا مع ورقة موقف “بتسيلم”. وعلى عكس الرواية الشائعة التي يرددها السياسيون الأميركيون والمحللون الإعلاميون، فإن إسرائيل هي نظام فصل عنصري وليس نظاماً ديمقراطياً. ويقدم رأي “يش دين” تفسيرًا واضحًا لهذا الاستنتاج بناءً على مبادئ القانون الدولي المقبولة عالميًا.

يتلقى نظام الفصل العنصري الإسرائيلي دعما سياسيا واقتصاديا بدولارات الضرائب الأميركية والشركات الأميركية والمنظمات الخيرية الموجودة في الولايات المتحدة. وقد أفاد مقال نُشر في العام 2015 أن الحكومة الأميركية قدمت 139 مليار دولار كمساعدات مباشرة لإسرائيل منذ العام 1949. ويذكر المقال أيضا كيف يتلقى دافعو الضرائب الأميركيون خصومات ضريبية مواتية من خلال تقديم تبرعات خيرية إلى المنظمات التي تمول أنشطة المستوطنين الإسرائيليين غير القانونية في الضفة الغربية.

على مدى أجيال، أدار الناس في الولايات المتحدة وجوههم إلى الجهة الأخرى وغضوا الطرف عن الجرائم المستمرة ضد الإنسانية التي تمارسها دولة إسرائيل ضد غير اليهود بشكل، عام وضد الفلسطينيين بشكل خاص. وقد أشير كثيرا، على النحو الواجب، إلى الازدراء العنصري الذي تمارسه إسرائيل ضد اليهود الإثيوبيين وغيرهم من المواطنين الأفارقة. ويوصف اليهود الإسرائيليون وغير الإسرائيليين الذين يجرأون على انتقاد سياسات إسرائيل العنصرية بأنهم يهود كارهون لأنفسهم. والآن، بعد أن وصلت إدارة بايدن-هاريس إلى السلطة، ينبغي أن نفتح أعيننا على حقيقة الفصل العنصري الإسرائيلي الذي وثقه الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، في كتابه المعنون “فلسطين سلام لا فصل العنصري”، الصادر في العام 2006. وفي ذلك الكتاب، قدم الرئيس كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام لجهوده في التفاوض على صنع السلام بين إسرائيل ومصر، تفاصيل الانتهاكات الإسرائيلية لقرارات الأمم المتحدة الرئيسية، والسياسة الأميركية الرسمية، و”خريطة طريق” دولية للسلام، من خلال تقديم إسرائيل الدعم غير القانوني للاستيطان غير المشروع على الأراضي العربية، وبتطبيقها نهجاً عسكرياً قاسياً للقمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي ضد الفلسطينيين.

في بعض النواحي، يتجاوز الفصل العنصري الإسرائيلي في سوئه حتى نظام الفصل العنصري الذي مورس في جنوب إفريقيا. ومع ذلك، وجد الجنوب أفريقيين المضطهدين، بعد عقود من النضال، وخاصة بعد مذبحة شاربفيل أولا ثم مذبحة الأطفال في العام 1976، حلفاء يناصرونهم في المجتمع الدولي. وقد انضموا معًا في حملة للمقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، والتي كانت لاعنفية، وهادفة وفعالة للغاية، ومن دونها ما كان النضال ضد هذا النظام لينجح أبدًا. فكم هو عدد المذابح الإضافية التي يجب أن يتعرض لها الفلسطينيون حتى يعيد الغرب، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، اكتشاف شعلة الغضب الأخلاقي والاستقامة السياسية عندما يتعلق الأمر بفلسطين، والتي كانت قد جعلته يختار الوقوف إلى جانب المظلومين والمضطهدين في جنوب إفريقيا؟

لقد حان الوقت لأن يطالب الناس الذين يعتقدون أن الفصل العنصري والعنصرية غير قانونيين الولايات المتحدة بالتوقف عن دعمها للفصل العنصري والتمييز تحت ستار دعم إسرائيل. وحان الوقت لكي نتخلى عن التظاهر بأن إسرائيل هي شريك للولايات المتحدة في الإعلاء من شأن الديمقراطية. وحان الوقت لتحدٍ شامل لقوانين وقرارات مناهضة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، التي تم تقديمها في 32 ولاية أميركية. وحان الوقت، مرة واحدة وإلى الأبد، لتفكيك الخدعة، سواء المنصوص عليها في القانون أو من خلال الدعاية، التي تزعم أن انتقاد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يرقى إلى معاداة السامية: كما توضح منظمتا “بتسيلم” و”يش دين”، فإن معاداة الصهيونية ومعاداة السامية لا يمكن -ولا يجب المساواة بينهما زيفاً. وقد حان الوقت للولايات المتحدة، إذا أرادت أن تكون قوة موثوقة وجديرة بالتصديق من أجل “الديمقراطية”، أن تميِّز إسرائيل بحقيقتها: نظام فصل عنصري يعتمد على الدعم المالي والسياسي الأميركي في إدامة القمع والاضطهاد اللذين يمارسهما ضد الفلسطينيين.

إننا ندعو إدارة بايدن-هاريس إلى إنهاء الدعم الأميركي لسياسات وممارسات الفصل العنصري التي ينتهجها النظام الإسرائيلي. ونحن نحث الأشخاص الآخرين الذين يؤمنون بالعدالة وسيادة القانون على الانضمام إلى مجموعة الأصوات المتصاعدة في إسرائيل، مثل “بتسيلم” و”يش دين”، وفي جميع أنحاء العالم، التي تطالب بالمطالب نفسها.

*ألان بوساك: أستاذ علم اللاهوت والأخلاق بجامعة بريتوريا، جنوب أفريقيا، وناشط من أجل حقوق الإنسان.

*ويندل غريفين: قاضي محكمة في أركنساس، الولايات المتحدة، وراعي كنيسة “الألفية الجديدة” في آركنساس، ومستشار للكفاءات الثقافية، وعضو في مؤتمر صموئيل دي ويت بروكتور.

*لوري أومانسكي: أستاذ التاريخ ومدير برنامج الدكتوراة في دراسات التراث في جامعة ولاية أركنساس.

*رؤوف ج. حلبي: أستاذ فخري وناشط سلام.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:

Will the U.S. End its Support for the Apartheid Israeli Regime?

المصدر: الغد الأردنية/(كاونتربنتش)

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى