قال الدفاع المدني الخميس، إن فرق منسقو استجابة سوريا، سجلوا خلال الأيام الأخيرة من عام 2019 وحتى شهر آذار 2020، نزوح أكثر من مليون و40 ألف شخص، وهذه أكبر موجة نزوح تشهدها سوريا خلال السنوات العشر الماضية، معظمهم نزحوا من ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمال والغربي، وتوجه معظم النازحين نحو المناطق الحدودية بريفي إدلب وحلب.
وتلت الاتفاق الروسي التركي على وقف إطلاق النار حركة نزوح من عدة مناطق بينها منطقة سهل الغاب وجبل الزاوية، حيث تم تسجيل نزوح أكثر من 10 آلاف شخص جراء تجدد القصف المدفعي اليومي على تلك المناطق.
وتسببت موجة النزوح بأزمة إنسانية في المناطق التي لجأ إليها النازحون، مع ارتفاع أعداد النازحين وتقليص المساحة التي يعيشون فيها، وحتى الأعداد القليلة من النازحين والتي تمكنت من العودة إلى مناطقهم القريبة من خطوط التماس، يعيشون حالة خوف دائمة بسبب تصاعد احتمالات شن أي حملة عسكرية جديدة عليهم من قبل النظام وروسيا.
فيما تستحيل عودة المهجرين من مدن وبلدات كثيرة لأنها باتت تحت سيطرة مطلقة لقوات النظام ونتائج العودة تشمل القتل أو الاعتقال والموت تحت التعذيب.
الهجمات وأهدافها
استهدفت الهجمات التي شنها النظام وروسيا المرافق العامة والبنية التحتية بشكل مباشر، حيث استمر القصف العشوائي قبل وقف إطلاق النار باستخدام كل أنواع الأسلحة ضد المدنيين، ووثقت فرق الدفاع المدني السوري استخدام أكثر من 23 ألف قذيفة مدفعية وغارة جوية وذخيرة متنوعة في 3303 هجمات، والتي تم توثيقها خلال عام 2020، وتوزعت على 1370 هجوماً بالغارات الجوية، وأكثر من 1700 هجوم بالصواريخ والقذائف الأرضية، إضافة لـ 20 هجوماً بالقنابل العنقودية، و254 هجوماً بالبراميل المتفجرة.
وتركزت تلك الهجمات على منازل المدنيين والمرافق الحيوية في الشمال السوري، ولاسيما قبل وقف إطلاق النار، حيث وثقت الفرق نحو 2200 هجوم على منازل المدنيين، و17 هجوماً على المشافي والنقاط الطبية، و56 هجوماً على أسواق شعبية ومحال تجارية، و5 هجمات على أفران، و43 هجوماً على مدارس ومنشآت تعليمية، وعشرات الهجمات الأخرى.
التفجيرات والعبوات الناسفة
ارتفعت وتيرة التفجيرات بالعبوات الناسفة والدراجات والسيارات الملغمة على المدن والبلدات في الشمال السوري خلال عام 2020، في وقت شهدت فيه معظم المناطق اكتظاظاً كبيراً بعدد السكان لاسيما بعد موجات النزوح المتكررة.
واستجابت الفرق خلال 2020 لـ 217 حادثة انفجار مختلفة، تم فيها انتشال جثامين 157 شخصا، بينهم 18 طفلاً، فيما تم إنقاذ 606 أشخاص بعد تلك الهجمات، وتركز العدد الأكبر من الانفجارات والعبوات الناسفة في ريفي حلب الشمالي والشرقي التي نزحت إليها أعداد كبيرة من المدنيين ما تسبب بارتفاع نسبي لعدد الضحايا.
عمليات فرق الذخائر المتفجرة:
استغلت فرق (UXO) المتخصصة بمسح وإزالة الذخائر غير المنفجرة، الهدوء النسبي للعمليات العسكرية، وعودة المدنيين إلى قراهم وبلداتهم، حيث كثّفت فرق المسح وفرق الإزالة عملياتها في الشمال السوري، وقامت خلال عام 2020 بأكثر من 600 عملية إزالة، تم فيها التخلص من 622 ذخيرة متنوعة، كما قامت فرق المسح بإجراء 167 عملية، تم فيها تحديد 237 منطقة ملوثة، فيما قدمت الفرق 244 جلسة توعوية حضرها أكثر من 30 ألف شخص، وركزت على خطر الذخائر المتفجرة وضرورة الابتعاد عن الأجسام الغريبة، وأهمية إبلاغ فرق الدفاع المدني السوري المختصة عنها فوراً.
كورونا وحرب من نوع آخر
لم يكد يهدأ صوت القصف والهجمات العسكرية للنظام وروسيا على الشمال السوري، حتى بدأ فيروس كورونا يطرق الأبواب، بما يحمله من فتك بالأرواح وتدمير للاقتصاد، ومع انتشار فيروس كورونا في العالم ودول الجوار، بدأت فرق الدفاع المدني السوري بالعمل ضمن الإمكانات المتاحة لمواجهة الجائحة وحماية المدنيين في ظل ضعف الخدمات والبنية التحتية، وأطلقت في 18 من آذار حملة لتطهير وتعقيم احترازية للمرافق العامة والمخيمات مع حملات توعية، وتم تنفيذ 80 ألف عملية تطهير وتعقيم للمنشآت الحيوية والمخيمات شمال وغرب سوريا.
وبالتوازي مع عمليات التطهير بدأت فرق الدفاع المدني السوري بتنفيذ حملات توعوية وتقديم إرشادات وقائية للمدنيين، بهدف الوقاية من فيروس كورونا ومنع انتشاره، ونفذت الفرق نحو 30 ألف جلسة توعوية، ركزت بشكل أساسي على تقديم الإرشادات الوقائية من فيروس كورونا، إلى جانب الإرشادات المهمة الأخرى للأهالي، واستهدفت بالدرجة الأولى مخيمات النازحين، والمنشآت التعليمية، والمرافق الحيوية الأخرى التي تشهد حركة للمدنيين، كما نفذت الفرق مئات العمليات الأخرى من وضع ملصقات توعوية في الأسواق والأماكن العامة حول الفيروس ومخاطره وطرق الوقاية منه.
ولم تقتصر استجابة الدفاع المدني السوري لفيروس كورونا على موضوعي التوعية والوقاية، حيث بدأ بخطوات جادة لتوفير جزء من المستهلكات الطبية لاسيما في ظل جائحة كورونا، بإنشاء معمل لإنتاج الكمامات ويقدر إنتاجه الشهري بنحو 700 ألف كمامة، ويستهدف التوزيع المراكز الصحية والمشافي التابعة لمديريات الصحة في الشمال السوري ويقدر عدد المستفيدين من الكوادر الطبية 7 آلاف شهرياً، إضافة لمتطوعي الخوذ البيضاء والذين يقدر عدد المستفيدين منهم 2600 متطوع شهرياً.
كما افتتح الدفاع المدني السوري معملاً لإنتاج الأوكسجين في 5 أيار 2020، باعتباره من أهم المستهلكات الطبية للمصابين بفيروس كورونا، ومادة مهمة في عمل المشافي والنقاط الطبية.
وبلغت الكمية المنتجة في شهر تشرين الثاني، 9 آلاف لتر، معبأة بأسطوانات مختلفة الأحجام بين كبيرة سعة 50 لتر وصغيرة سعة 10 لتر.
وتوزعت أسطوانات الأوكسجين على مشافي الحجر الصحي ومراكز الدفاع المدني السوري بما فيها منظومة الإسعاف وللحالات الخاصة من المدنيين الذين يتم حجرهم في المنازل.
وبما يخص نقل المصابين ودفن الوفيات، تقوم فرق مختصة من الدفاع المدني السوري بنقل الوفيات من مراكز الحجر الصحي والمشافي الخاصة بفيروس كورونا ليتم دفنها وفق إجراءات ومعايير السلامة لمنع انتقال العدوى، ودفنت الفرق منذ تسجيل أول حالة وفاة في 18 آب حتى 23 كانون الأول 355 حالة، ولا يشترط أن يكون سبب الوفاة للحالات التي تم دفنها هو فيروس كورونا، لكن باعتبار أن نقلها تم من المشافي والمراكز الخاصة بالفيروس تتخذ جميع إجراءات الوقاية.
وتعمل فرق مختصة من الدفاع المدني السوري والتي يبلغ عددها 32 فريقاً بالإضافة لفريق مختص موجود في جميع مراكز الدفاع المدني السوري الموزعة بالشمال السوري، على نقل المصابين بالفيروس أو من يشتبه بإصابتهم من المشافي ومراكز الحجر الصحي، وبلغ عدد الحالات التي تم نقلها منذ تسجيل أول إصابة في 9 تموز أكثر من 1250 إصابة.
ويبلغ إجمالي عدد الإصابات بالفيروس نحو 20 ألف حالة، شفي منها أكثر من 11 ألفا، ووصل عدد الوفيات إلى ما يقارب 300 حالة، وذلك وفق إحصاءات شبكة الإنذار المبكر.
المراكز النسائية خدمات متزايدة
ساهمت عدة عوامل بزيادة ملحوظة لخدمات الرعاية الصحية التي تقدمها متطوعات الخوذ البيضاء من النساء، في الشمال السوري هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، منها التدمير الممنهج للمراكز الطبية والمشافي من قبل النظام وروسيا، واضطرار عدد من المشافي للتخصص باستقبال المصابين بفيروس كورونا، فكانت المراكز النسائية البديل الذي استطاع تغطية جزء مهم من خدمات الرعاية الصحية للمدنيين.
وتشكل النساء والأطفال النسبة الكبرى من المراجعين والمستفيدين من الخدمات الطبية التي تقدمها متطوعات الدفاع المدني داخل مراكزهن، حيث قدمت الفرق خلال عام 2020 أكثر من 116 ألف عملية وخدمة طبية، استفاد منها بشكل مباشر أكثر من 122 ألف شخص، كانت للنساء الحوامل نسبة جيدة منها، حيث استفادت أكثر من 87 ألف امرأة من تلك الخدمات، وكان للنساء الحوامل قسم كبير من تلك الخدمات حيث تم تقديم أكثر من 29 ألف خدمة رعاية صحية لنساء حوامل ومتابعة وضعهن الطبي والصحي، فيما بلغ عدد الأطفال المستفيدين أكثر من 26 ألف طفل، بالإضافة إلى آلاف العمليات الأخرى والفحوصات لهنَّ ولأطفالهنَّ حديثي الولادة.
وتتطلع منظمة “الخوذ البيضاء”، في نهاية عام 2020، إلى زيادة مستوى الاستجابة التي تقدمها للمدنيين، وأن يكون العام المقبل، عاما للبدء بإعادة الحياة لكثير من المناطق التي دمرتها الحرب التي يشنها النظام وحليفه الروسي وبجهود جادة محلية وإقليمية ودولية، مطالبةً المجتمع الدولي، بالضغط على النظام ومنعه من شن أي هجمات جديدة لأنها ستكون كارثية على منطقة باتت الملجأ الأخير لأكثر من 4 ملايين مدني هاربين من الموت.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا